رسائل المجموعة

كنت في جوانتنامو

يبدو أنه سماء ملبدة بالغيوم , فعلاً أنها ملبدة تمام لكنه رائعة
لم أرد إنزال راسي عن تلك السماء لكن ساورني شكي المعهود من أين جاء هذا الجمال إلى بؤبؤ عيني الذي لم يعتد إلا على الغبار والحر والبر ,
فلست من أرباب الدرجة الأولى في مقاعد الطائرات ولا حتى درجة عفش
لأني من مقاطعي ( السعودية ) أو بالأصح أنا من مقاطعي الطيران كليةً فأنا اعتد وأطبق القول القائل ( ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع ) هذ إن طار في موعده أو ماتكنسل حجزك .
وكان شاهد عيان من الذين ابتلوا بالسفر المتكرر على متن خطوطنا قال لي : تصدق يا أخ ابوشمس لو انك فصخت ( عربياً بمعنى خلعت ) شماغك ووضعته على المقعد اللي يمينك وطاقيتك على المقعد اللي يسارك وجزمتك في المقعد اللي وراك ومددت على المقعد اللي قدامك لن يتضايق منك احد لأنه لا يوجد احد لكن قبل تركب تجد صفوف البشر التي تشحذ مقعد وموظف التصريف يقول أسف والله الطيارة كله Full ( يمكن فُـل بنزين – أسف كيروسين ) مادري ليش يوم قال Full اتذكر موظفي استقبال الشقق المفروشة اذا شافوك عزوبي وودهم يصرفونك !!
عموما حتى لا نشطح بعيد , قمت مدعوماً بلقافتي بإنزال راسي فرأيت خضرة وأشجار متلاصقة وطبيعة خلابة يعني طبيعة بمعناها , تنسيقها لم يتدخل به لا بلدية ولا هم يحزنون,
وأن انتقل بعيني التي ما اعتادت إلا زحمة وبوّاري رأيت شخص مستلقي كان يغطي عينيه بطرف عمامة ؟؟ عمامة عفو بدأت خلايا مخي تولد إنزيم كان لا يتولد عندي إلا وأنا أطالع الإخبارية في بث مباشر , وزاد الإنزيم علي بعد ما شفت الكلاشنكوف بيده الأخرى
يا ألهي كلاشنكوف مرة وحده .
لكن المصيبة العظيمة والتي جعلت أنزيمي يعلو ويزيد على زيادات السعودية لمنتجات النفط
أنني أنا العبد الفقير بيدي كلاشنكوف أيضاً وعمامة ( أنا النعامة علي عمامة )
لا أدري لا شعورياً صرت ادور قير البلاي ستيشن أبي أسوي ريستتارت ولا قيم اوفر ولا اسحب السلك وافتك .
ما لقيت لا قير ولا بلاي ستيشن مم دل مخي أن ما أن فيه ليس بلعبة ,
قاطع تفكيري صوت شخص بجانبي
: عساك نمت زين ياأخ ابوشمس ؟
( يا ألهي وش ذا ووش عرفه باسمي بعد , عز الله اللي نزلن بالقائمة الجاية )
: غزال غزال ماذا دهاك ألا تسمع ؟
قلت : أن ؟
قال : اجل أنت من أعني , هل هنا احد غيرك أسمه ابوشمس ؟
ضحكت قليلاً واتبعتها بابتسامة مادري هل كانت بفعل طيبة قلبي ولا بفعل منظر الرشاش بيده !
لكنه وقبل أن أتكلم ألتفت مخاطباً أشخاص آخرين لم ألحظ وجودهم إلا بعد اعتدلوا من تسدح النوم
كانوا خمسة وأنا سادسهم ( لا احد يغلط )
المهم قال في خطابه : أخواني إن العملية التي نحن عازمون عليها هذه الليلة لهي أمر عظيم وشرف كريم
قلت في نفسي ( اوالله اللي رحنا قوطي بيبسي واطيته سيارة كوكا كول , وش عمليته بعد ,
اللوز وشلناها وش باقي , إن لله وأنا له لراجعون )
قطع تفكيري في مصيري وهو يقول " ي خواااااااان أنه والله لمعركة سنذيق بها أعداء الدين العذاب الملون .
عاد تفكيري يوزوز في خلايا مخي ويحاول أن يتذكر كيف جاء هذ المدعو ابوشمس به إلى هنا
رأيت أن انتظر تفكيري عسى أن يعرف كيف جئت به إلى هن , لكن هههههه تفكيري واعرفه غبي .
وللمرة الثانية يقاطع ذا الرجل تفكيري ( من قل التفكير صرت اعد المقاطعات )
قال : العملية يا أخوان ستتم كما خططنا له سابق وسأوجزها لكم زيادة في الحرص
أولا سيتقدم أخونا ابوشمس لسبر الطريق إلى
الهدف
( يا الهي أن مافهمت سبر وش معناه بس أحس أني أول واحد بينسبر منهم , قلت في نفسي وش معنى أنا اللي اتقدم ليش يعني عشاني طول عمري مضطهد ودايم ادفع فواتير
وكوبري للي عنده واسطه , أتقدم ايش يأناس!! أنا دايم أقدم ولا مرة إنقبلت وذي المرة يعني اللي سلكت , قلت ياروح مابعداهش روح أصلا أنا رايح رايح ياهنا , يا طالع رصيف لونه مثل لونه الشارع (تحياتي لطرق الرياض) يا قتيل في احد مستشفيات الدولة والقضية ضد طبيب , قلت مرة ثانية في نفسي ( نفس نفسي اللي قبل ) دام معي رشاش ليش ما ارش المقسوم وامسك الخط , قمت ابحث ذات اليمين وذات الشمال عن كتالوج الرشاش عشان اشغله لكن مع الأسف لقيت الكتالوج ومعه ضمان بس بالروسية التي أتقنها كتابة
وليس قراءة )
أخي ابوشمس هل أنت مستعد ؟ سألني ,,,
حين سمعت سؤاله اكتشفت أن هناك جبان آخر غيري ألا وهو لساني الذي قام يقرقع مابين سقف فمي وقاعه دون كلمه واحده .
وأن أعيش لحظه الجبن والخوف مرت بطيفي ابنتي الرضيعة فذكرت قول المتنبي
لا تنكرن رحيلي عنك في عجل …………. فإنني لرحيلي غير مختار
– فتمنيت من ينقل لها البيت إذا كبرت أن شاء الله-

عاد صوته يخاطبني بعد شرحه : يالله يا ابوشمس توكل بالله وسر .
خفت أن تكون أول طلقة تسمع وترى تكون في رأسي إذا ما قلت ل ؟
قلت في نفسي الله يعين وعسى أن يجعل الله لي مخرجاً .
بس لحظه وش الهدف اللي يبي أروح له أخاف أروح له ويطلع تسلل وتضيع الدنيا مشاوير بل فايدة .
قلت : اخوي بس وش هدفكم اللي بروح له ؟
ضحك وابتسم وقال مخاطباً البقية : انظروا مدى بأس وصلابة هذا المقاتل الصنديد فبالرغم انه على شفا المعركة الا انه يبادلنا المرح والنكت ! ( ايه هين .. بأس وصلابة الا قل خياس وخرابة )
ضحكو وضحكت وأنا بداخلي ابكي وأولول
قلت: بالله عليك أن نسيت اسمه تعرف الذاكرة عندي شوي متعارضة مع برامج الحماية
ذكرني !
قال: يا أخ ابوشمس أنت ألان متوجة إلى معتقل جوانتنامو ليس أسيراًُ ولكن محرر بأذن الله
( بصراحة أن انصدمت ليس لأني أكلمكم ألان من كوب بل لأني من كوب أكلمكم)
يالله أنا الان لست ببعيد عن أخواني وأبناء جلدتي الذين تنكر لهم اقرب الناس إليهم ونسوهم وجعلوهم يعيشون أخطاهم إلى الأبد بلا دفاع ولا رحمة .
يالله أنا ألان لست ببعيد عن أناس يعاملون كالكلاب
– اجلهم الله – بل اقل
يالله لا أدري دون شعور قامت يدي بتعمير وتجهيز الكلاشنكوف وأنا مذهول حتى أن سبابتي جرحت من الكلاشنكوف وأصبحت تنزف دم أغرق ثوبي ولكني لم أبالي بها هي او نزيفها .
لا أدري هل كنت اعمر سلاحي لكي اقتل كل من قد يقف في طريقي إلى الأسرى أم أني اعمره لكي اكسر أقفال الكره والذل التي تحبسهم خلفها .
أم أنني اعمره وأجهزه لكي أثار من كل من يطالب بقتل إخوانه الأسرى ويطالب بعدم عودتهم إلى أرضهم ,
أن الله غفور رحيم لكن أولئك لهم قلوب لا ترحم عسى الله أل يرحمهم .
صرخت : أخواني أن قادم أنا قادم
وانطلقت رغم صراخ الرجال انتظر انتظر انتظر ياابوشمس
ياابوشمس
ياابوشمس
ياابوشمس
لكنني لم أقف
وكيف أقف وان وقفت فمن مع اسرأنا سيقف
آأنتظر حقوق الانسان تطالب بحق الحرية
لن أقف
سرت والصوت لا يزال ينادي
"ابووووووشمس"
"ابووووووشمس"
"ابووووووشمس"
" قم صل " !!!!!!!!!
( لحظه " قم صل " كلمة وش دخلها بالموضوع )
" ابووووشمس يالله قم صل "
( صوت زوجتي !!!! )
( وش جابها بجوانتناموا )
" ابوشمس قم يالله لا تفوتك الجماعة "
( افااااااااااااااااااااااا )
( اثر الدعوى كله حلم )
( وين راحت العمايم والسماء الصافية )
( كله طلعت خرطي )
بصراحة قمت أتقلب بالفراش لا يطلع أني ناسي الرشاش معي وأروح فيها
اوووووه بصراحة ارتحت
تدرون ليش
مو عشانه كله حلم
لا
لا
عشاني طلعت شجاع ولو كانت شجاعة أحلام -جمع حلم- (مو الفنانة)
بس المشكلة اللي جبان حتى بحلمه
نعم ان الشاجع المغوار في زمن جبن فيه وقشطة

ملحوظة خاصة : حتى بعد أن استيقظت من النوم لا زالت سبابتي تنزف دم ؟!!!
تمت
كتبه الفقير الى عفو ربه
ابوشمس
(غزال الوادي)
حقوق النشر محفوظة للكاتب
ولابونواف

ابوشمس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى