قصة حبي المحزنة
كانت حصة أجمل بنت في حينا … بل إن كلمة جميله قليلة عليها … واعتقد
إن كلمة جمال مشتـقة منها…وكانت محور حديث أهل الحارة فالجميع لا يتحدث
إلا عن جمالها وأخلاقها والتي عرفناها من حديث النساء عنها… وحصة عمرها
تجاوز العشرين عاما بقليل , وليس لأهلها سواها وهي في المستوى الثالث في جامعة
الملك سعود… ومنزلهم يقع في الجهة المقابلة لمسجد الحارة
وبجوار منزلنا … كنت اجلس بعد كل صلاة تحت جدار المسجد المقابل لمنزل والدها
انتظر خروجها من المنزل … وكان قلبي يتحرك مع كل حركة لباب منزلهم …
وكنت أقف دون شعور مني عند خروجها من منزلهم … كنت أقف احتراماً لها
وتقديرا لجمالها الذي عرفت كيف تصونه وتحميه وتجعله سلاحا لها لا ضدها …
فهي مثالا للفتاة المسلمة المتدينة المحجبة
عندما أراها تتوقف عيني عن الرمش حتى لا احرمها من رؤيتها … وتتوقف أذني
عن سماع أي شيء غير صوت خطواتها …ماذا أقول لكم عنها؟
غير إنها وردة لم ترى عيني مثلها ولم يشم انفي أحسن من عبيرها ولم تسمع
أذني أفضل من حفيفها … نعم إنها وردة تنتقل في أرجاء حينا … تذهب
إلى كل مكان وعيني تتابعها … إنني اعلم إن ما أقوم به أمر غير مسموح به
بل هو حرام ولكن ماذا اعمل بقلبي الضعيف .
فماذا أقول لكم عن حصة وعن روعة حصة؟
كانت أمنيتي الوحيدة في الحياة هي لحظة تجمعنا … لحظة أتحدث فيها
معها ….لحظة اعبر فيها عن مشاعري تجاهها … لحظة انهي بها حياتي إما
إلى السعادة والحب.. أو إلى الهروب والهزيمة والانكسار … لقد كانت كل شيء
بالنسبة لي … وفي يوم من الأيام وبينما كنت في المنزل وحيدا سمعت جرس
الباب … ذهبت إلى الباب وفتحته وإذا بحصتي هي من ترن الجرس …فوقفت
غير قادرا على الحديث وسرعان ما قطعت هذا السكون بسؤالها أين أختك هل هي
موجودة قل لها حصة تريدك…. أعمى عيني الشيطان واستحوذ على تفكيري…
فلم أجد نفسي إلا وأنا امسك بيدها وادفعها إلى داخل الملحق الخارجي …
سقطت على الأرض وسقطت عباءتها في جهة وغطاء وجهها في الجهة الأخرى …
ياإلآهي هل هذه مخلوقة من ضمن البشر سبحان الذي أبدع خلقه إنها آية من
الجمال … نعم انها اروع فتاة شافتها عيناي … تقدمت إليها وهي ساقطة
على الأرض وتبكي بصوت عالي أرجوك أرجوك وتتراجع إلى الوراء حتى وصلت إلى
سكين لا ادري من الذي وضعها على طاولة الملحق …تناولت السكين بيدها
ووضعتها على رقبتها بقوة جعلت قطرات من الدم تنزل من رقبتها … وصرخت
اذا تقدمت خطوة واحده سأقتل نفسي … قلت لها أرجوك يا حصة إنني احبك …
قالت وهي تبكي وقطرات الدموع تتساقط على وجنتيها …وهل الحب يكون بهتك
الأعراض ومعصية الله … أنا لا املك في هذه الدنيا أعزمن شرفي وسوف أدافع عنه
حتى آخر قطرة من دمي … قلت لها وهل تقتلين نفسك من اجل شرفك … قالت
والله لو كنت قادرة على قتلك بهذه السكينة لقتلتك…ليس ذلك فقط بل سآخذ
هذه السكين واضعها في سلسلة وأعلقها على صدري كوسام شرف اعتز به
نظرت إليها وقلت لها يحق لي أن ارفع راسي فخرا بكم وبتربيتكم يا بنات بلدي..
… وأخذت أفكر كيف إنني كنت أتمنى الزواج منها
وأتمنى ان يجمعنا بيتا واحد وهي تتمنى الآن أن تقتلني…..
انحنيت إلى الأرض وتناولت عباءتها وغطاء وجهها وتقدمت إليها لكي اطلب
منها السماح ومغادرة المنزل ولكنها صرخت إذا تقدمت أكثر سأقتل نفسي …
لقد وصلت عدم ثقتها بي درجة لايمكن وصفها ومعها حق في ذلك … لقد هدمت
ما بنيته في كل تلك السنوات من سمعة عند حبيبتي حصة في لحظة واحده …
لقد أصبحت تنظر إلي نظرة احتقار وكره … وعندما شاهدتها على تلك الحال
رميت عليها عباءتها وغطائها وطلبت منها مغادرة المكان …وخرجت من
المنزل … وتناولت مرآة موجودة بجواري وأخذت انظر إلى ذلك الحقير
الموجود داخل المرآة فتناولت السكين التي كانت معها وضربت بها ذلك
الحقير الموجود في المرآة ضربة اسالة الدم من ذراعي وأراحتني قليلا …
ولكن أين هي الراحة بعد ذلك الدرس من الحبيبة والذي جعلني احتقر نفسي
بل تمنيت الموت في وقتها… ولم يقطع تفكيري إلا دخول الأهل قادمين من خارج
المنزل جاءت إلي والدتي وصرخت مابك ماذا أصابك ماذا حدث لك …قلت لها لاشي
لاشي اتركوني أرجوكم اتركوني ……….
وبقيت على تلك الحالة شهرا لا اعرف للنوم طعما ولا للحياة مزاجا … وبعد
مرور الشهر جاءت أمي إلي وقالت بابني إنني لا أستطيع أن أتحمل ماآراه إن
حالتك تسوء وجسمك ينحل … لابد أن تتزوج لقد اتفقت مع أبيك أن نخطب لك
حصة بنت جارنا أبو حصة … نظرة إلى أمي ومنظر حصة وهي تحمل السكين وهي
تتمنى قتلي في مخيلتي … ولم استطع أن أرد عليها بكلمة واحده ماذا
عساني أن أقول … خرجت أمي من غرفتي دون أن أجيبها لأن رفض حصة الأكيد لي
سيجعلني اشعر بالراحة وسيخفف من الآلام التي احملها… وبعد أسبوع جاءت
المفاجئة نعم المفاجئة لالا ليست مفاجئه بل الخبر الذي جعلني امسك بخيط
الحياة والإنسانية من جديد … قالت أمي إنني خطبت حصة وقد وافقت ووافق
أهلها … لا أستطيع التعبير عن شعوري وقتها ولكن لو يأتيك احدهم ويخبرك
أن أبيك قد توفى ثم يأتي آخر بعد ساعتين ويكذب الخبر ماهو شعورك … نعم
لقد عشت نفس الشعور بعودة حصة إلي مرة أخرى … وفي يوم الخطبة ذهبت أنا
وأبي وقابلنا العم أبو حصة وبعد أن شربت القهوة استدعاني العم أبو حصة
إلى غرفة مجاوره وقال اجلس هنا لحظه … وبعد دقيقه دخلت حصة نعم حصة
ماذا اعمل هل احتضنها هل اقبل يدها لا ادري لا ادري ماذا اعمل … ولم يقطع
تفكيري سوى صوتها الموسيقي وهي تقول تفضل العصير يا محمد… قالت
اسمي نعم قالته وهي تبتسم … إنني اسعد إنسان في هذه الدنيا … ولم
اصحَ من هذا الحلم الجميل إلا بصوت العم أبو حصة وهو يقول دعنا نذهب إلى
أبيك انه يجلس لوحده في المجلس … انتهى كل شيء في ذلك اليوم اتفقنا
على الملكة والزواج وعلى كل شيء … ذهبت إلى منزلنا وقبلت كل من فيه
دون شعور مني … ياله من كابوس ياله من اختبار احمد الله على تجاوزه ,
شهر وأنا أتمنى الموت وبعده يحصل لي كل ذلك إنني أسعد إنسان في الوجود …
وكان أهلي يعيشون فرحة موازية لفرحتي بعد أن شاهدوا ابنهم كيف تبدل
وتغير حاله .
ومرت الأيام كالسنين وأنا بانتظار اليوم الذي اجتمع فيه مع حصتي …
ورغم سعادتي بمرور الأيام إلا إنني كنت خائفا من مقابلتها … هل نست
ما حدث … هل ستتحدث في هذا الموضوع …كيف ستكون ثقتها بي ووووو أسئلة
ليس لها جواب إلا عند حصتي … وبعد أن تمت الملكة طلبو مني أهلي أن
أتحدث معها بالتلفون وأتعرف عليها وتتعرف علي … وكنت ارفض لأنني لا ادري
كيف سأحدثها وماذا أقول لها وذلك الموقف يسيطر على كل تفكيري … وفي
يوم من الأيام وبينما جميع الأهل أمام التلفاز … رن جرس التلفون ردت
عليه أمي وهي ترحب بمن على الخط وتبتسم وتنظر اللي بعد ذلك قالت نعم
موجود … بعد ذلك مدت أمي يدها إلي بسماعة التلفون وقلت لها من قالت
حصة …ياله من شعور وياله من إحراج ليس بعده إحراج ماذا اعمل … هل
أغلق السماعة ماذا اعمل …وأمسكت السماعة دون شعور مني وانا اشعر وكان
قلبي يكاد يتوقف … وعندما شاهدت أمي حالتي طلبت من جميع من في الغرفة
مغادرتها ..
.بعد ذلك أمسكت السماعة وقلت لها السلام عليكم … وقالت
وعليكم السلام … قلت لها أهليين حصة .. قالت كنت أتمنى أن يأتي هذا
التلفون منك انت … وقفت أمامها كالتلميذ الذي لم يحل واجبه ولم يجد
مبررا لذلك … فأجبتها بصدق كنت احمل التلفون واضغط على الرقم الخاص
بكم أكثر من عشر مرات في اليوم ولكن شجاعتي كانت تخونني في أكمال
المكالمة … قالت ولماذا أنا الآن زوجتك تستطيع أن تكلمني متى شئت …
قلت لها اعلم ذلك ولكنني لا اعلم هل ستردين علي أم لا … قالت ولماذا لا أرد
عليك …قلت بصراحة أنا كنت أفكر في الموقف المشين الذي قمت به وكنت
أفكر كيف سأكلمك وكيف سيكون حوارنا بعد هذا الموقف وبصراحة هذا الموقف
جعلني طريح الفراش شهرا كاملا… قاطعتني وقالت كنت اعلم كل شي عنك وعن
حالتك وما أصابها بعد ذلك الموقف وهذا هو الذي جعلني أوافق عليك …
وقالت لي :عن أذنك أمي تناديني مع السلامة يا زوجي العزيز والمكالمة
القادمة انتظرها منك ..
لم استطع أن أرد عليها لان كلمة زوجي العزيز ومن
حصة تستطيع أن تخرس لسان اكبر متحدث على وجه الأرض
استمر تحدثنا مع بعضنا لمدة شهر استطعنا من خلاله إذابة جميع العوائق
والتعرف على بعضنا وعلى أدق التفاصيل الخاصة بحيات كل واحد منا
وقبل زواجنا بأسبوع … كنت جالس في غرفتي فدخلت علي أمي والحزن يملأ
وجهها وتكاد تسقط على الأرض … فقمت من مكاني وأمسكتها وأجلستها على
سريري وأسقيتها قليلا من الماء وقلت لها مابك يا أمي … قالت يابني لقد
حضر إلى أبيك صباح اليوم العم أبو حصة وطلب تأجيل الزواج … وصرخت
بأعلى صوتي لماذا لماذا … قالت يقول لأسباب خاصة ولكنني تحدثت مع أمها
في التلفون وأخبرتني إن بنتها حصة مريضه وسيذهبون بها للخارج لعلاجها…
وعندما سالت أمها مابها لم تجبني وقالت إن هذا العلاج يتوقف عليه مصير
ابنتهم وتتحدد على أثره حياتها …
وأخذت التلفون وأخذت اتصل بحصة ولكن أمي قاطعتني وقالت لي لقد غادرت رحلتهم منذ ساعة
خرجت أمي وجلست في غرفتي مذهول وغير مصدق ..آه آه آه ماذا أصابك يا وردتي
الجميلة بأي مرض تشعرين آه آه آه ليتني كنت مكانك … ماذا اعمل إلى أين
اذهب كيف اطمئن عليك … كيف اخرج إلى الشارع وأنا اعلم أن نوره قد
انطفىء … كيف انظر إلى بيتكم وأنا اعلم إن قلبي سيعتصر ألماً كلما
تذكرتك خارجة منه …كيف انظر إلى التلفون وأنا اعلم إن فائدته قد
انعدمت …آه آه آه يا حصتي
ومرت الليالي والأيام وأنا على هذه الحالة …نحل جسمي وطال ذقني وأصبحت
شاحبا ومريعا وكأني احمل أمراض الكون…
وفي ليلة من الليالي في الساعة الـ2 ليلا فتحت شباك غرفتي المطل على
منزلهم … وصرخت دون شعور صرخة جعلت كل من في البيت يقفون خلفي قبل ان
أكمل صرختي … أسرعت إلي أمي واحتضنتني مابك يابني مابك ؟… وأخذت
تقرأ علي بعض الآيات القرآنية … بل إن أخوتي أخذو يبكون رثائا لي ولما
أصابني من هستيريا تعانقت فيه الدمعة مع الضحكة … وعندما شاهدت الحالة
التي أصبح عليها من في الدار تمالك نفسي واحتضنت أمي وأنا ابكي عادت حصة
..عادت حصة …ماذا اعمل أين اذهب هل اذهب إليهم في منزلهم في هذا الوقت
للسؤال عنها أم اتصل عليها … قالت أمي لا يابني اصبر حتى الصباح ماذا
سيقولون عندما نتصل بهم في هذا الوقت اصبر …
خرجوا الأهل بعد ذلك من غرفتي بعد أن اطمأنوا على حالتي … وجلست أفكر في حصة وحالها ومرضها
وماذا بها ووووو… يا الله إنها أطول ليلة مرت علي … وبعد صراع مرير مع
التفكير والهموم والليل بزغ الصبح وطلعت الشمس مع العصافير وأنا انتظر
خروج عصفورتي وشمسي التي لم أراها معهم… فخرجت كعادتي وجلست تحت جدار
المسجد أمام بيتهم لقد ضاق الصبر مني … وبعد ساعتين من الانتظار تحرك
باب بيتهم نعم تحرك وتحرك معه قلبي … ووقفت على قدمي وإذا بشاباً وسيما
يخرج من منزل حصة يرتدي ثوبا وشماغا … تقدم هذا الشاب نحوي حتى وقف
بجواري وقلت له من أنت … قال أنا تركي … قلت له من تركي … قال
أنا تركي ابن أبو تركي وهذا منزلنا … قلت له ولكن هذا منزل العم أبو
حصة ولا يوجد له أبناء سوى حصة …فقال لي : كنت حصة أو أنا من كان حصة …
وبعد العملية أصبحت تركي ? .
فنظرت له وأنا أتكىء على جدار المسجد لان قدماي لم تعد تقويان على حملي …
وقال لي أو قالت لي دعنا نكون صديقين