غمامة – قصة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


(غمامة)
=========
إن أجمل ما في الخيال أنك تستطيع إكساء الأشياء المعنوية رداءً ملموسًا ساخرًا، يجمع لك الطرافة والمغزى الذي تريد له أن يصل .. فدعونا نجربه هنا لنرى إن كنتم أصحاب خيال واسع يتيح لكم فهمي …
=================
يولد طفل صغير في هذه اللحظة وقد ظللت رأسه غمامة بيضاء صغيرة، يكبر هذا الطفل وتكبر معه الغمامة وهي تشع بنور أبيض صاف، ترسله أمه بعد بلوغه الخامسة من العمر إلى رياض الأطفال ليخطو أولى خطواته في العالم الخارجي – خارج بيته –، ويحتك بأناس غير أمه.. فتفتح له أبواب عدة ومدارك جديدة.. في هذه اللحظة يبدأ الصراع .. صراع من .؟! .. لنرى ..
يتخطى الطفل مراحل رياض الأطفال، ليصل إلى المراحل الإبتدائية .. ويجلس إلى جانب صغيرنا طفل تشع البراءة من عينيه، وتعلوه غمامة صفراء.. يتبادلان الحديث كأي طفلين … ولسبب ما يتشاجران وتتصادم الغمامتين بشدة، فيرشقه زميله بكلمات سيئة – تناسب مفاهيمها وأعمارهما – .. صغيرنا المسكين يبتلع الكلمات على مضض ويخرج من المعركة بغمامة مصفرة …
يكبر ويغدو فتى في المراحل الثانوية .. وقد فقدت غمامته صفاءها وبياض لونها .. فهو الآن قادر على الفوز وبجدارة في أي معركة لسانية .. فيطيح بخصمه من أول كلمة .. ويتحلق حوله زمرة من أباطرة إثارة المشاكل .. رفرف الغمام الأسود على رؤوسهم .. يقدمون له جائزة على تفوقه عليهم .. لفافة صغيرة باقتنائها يغدو رجلاً .. لكنه يتردد .. فتتصارع غمامته من جديد .. تقاوم .. تجاهد .. لينتهي المطاف بهزيمة جديدة تكسبها لونًا رماديًا ..
وبعد زمن قصير نجدها في غاية السواد والقتامة .. لم .؟! .. (( وهو اللون الغالب في وقتنا هذا )) وخوفًا على صغيرنا (( الذي غدا رجلاً )) أمرناه بترك جميع ما يضر بصحته .. وبعد جهد مضن وشاق .. ترك التدخين والمنكرات التي يتجرعها والضار من الأطعمة .. إلا أن غمامته لازالت سوداء قاتمة .. فما السر .؟! ..
===============
صاحبنا لصديقه:- أتعرف .. (خالد) ما عاد يحبنا كما السابق .. بل أجزم أنه يكرهنا ويريد التخلص منا.
صديقه:- وما أدراك .؟!
صاحبنا:- ألم تر كيف رفض دعوتنا له ليصحبنا في هذه الرحلة..!
صديقه:- لقد أخبرك أن والده مريض ولا يستطيع المجيء.
صاحبنا:- كاذب ..!!
صديقه:- وكيف تجزم بهذا ..؟! .. يا أخي لم أنت سيء الظن هكذا .. ربما كان على حق.
صاحبنا:- ممكن .. لكني متأكد بأنه كاذب.


يراع

Exit mobile version