مقالات

غرفة الأحلام‎

الطفل يحمل خيالا واسعا خصبا ، وخاصة في سنين عمره الأولى ، ولذلك يختزل كثيرا من الصور التي يبني عليها عالمه الخاص ، عندما تحكي لابنك عن مستقبل الأيام قد يزيد على تصورك تصورات أخرى …
تخيل معي أن يأتي إليك الطفل يوما ليحكي لك عن  غرفة أحلامه ؟ وكيف هي جدرانها وسقفها ، وكم صورة وضعها وعلقها بنفسه في هذه الغرفة ، بل كيف هي الألوان والإضاءة التي يحتويها هذا الحلم ، بكل تأكيد سيكون خيالك معه ، وتظن أنه يرى أشياء لا تخطر ببال أحد ، هذا ما تصوره هو و غرفة أحلامه التي يشارك الأب والأم في توفيرها له ، أحلام وردية وصور معقدة لمستقبل أكثر غموضا ..
تعال معي الآن لتتعرف على إحدى غرف الأطفال الذي جاءني ومعالم الخوف تعتريه ويردد غرفة الأحلام يا أستاذ ، أنا معك تبادر لذهني صور جميلة سأعيشها معه ، ولكن مذهل جدا أن يكون الأب والأم لايعون ماذا تعني مسميات يطلقونها على أماكن هي محببة لأطفالهم لينفس عن غضبه اتجاه سلوك ابنه  والذي سيدفعون   ثمنه مستقبلا .. لنعيش حالة هذا الطفل وهو يحكي لي :
أستاذ أستاااااذ : أنا خااااائف ( نظراته مؤلمة جدا ، حدقة العين متسعة للغاية ، شفتاه تكاد أن تكون جافه ) .
أجلسته جانبي ، وقلت له لا تخف أنا موجود ، الآن في النهار والضوء ساطع جدا ..
هدأ قليلا ، ثم عاد ليقول أنا أخاف من غرفة الأحلام . ( تخيلت أنها قصة حكيت له بطريقة خاطئة لاتناسب سنه الذي لم يدلف للثامنة بعد )
أين هي غرفة أحلامك ، أرغب مشاركتك هذه الأحلام ..
لا لا أستاذ لا تروح غرفة الأحلام ..
وين هي يا ولدي ؟
في بيتنا ..
مين عمل لك هالغرفة ؟
أمي !!
يعني أمك تحبك لذلك خصصت لك غرفة لأحلامك ، لا يا أستاذ / لما تزعل مني أمي توديني الغرفة ، وتقول هالغرفة للأحلام ، تضربني وتدخلني الغرفة تطفي النور يا أستاذ وتقفل الباب وأنا أخاف يا أستاذ أطول في الغرفة كثيير ..
طيب الغرفة حلوة أنت أيش تشوف فيها  ؟
أشوف ثعابين كثيرة ، أشوف أشباح واحد لابس ثوب أسود كبييير يجي يقول بيضربني بعصا بيضاء  كبييييرة ، أنا خاائف أستاذ … ما أبغى ارجع البيت تقول أمي : إذا مارحت المدرسة ولاحليت واجباتك أدخلك غرفة الأحلام .. أنا خاائف خائف ..

برأيك …
كيف سيكون سلوك هذا الشخص في مستقبل حياته ؟
ماهي الصورة التي كونها في ذهنه عن والدته ؟
هل سيطبق مستقبلا على أبنائه تصرف والدته ؟
أظن أحدكم مر بتجارب أخرى مشابهة ..
بيت الدرج مثلا ؟!
لاشك أن التربية بالحب هي أنجح الوسائل في إيصال الطفل للاطمئنان ، خاصة وأنه في هذه المرحلة من أهمها بناء للنفس ..
هل قرأتم كتاب الدكتور ميسرة طاهر ( التربية بالحب ) ؟
أتمنى أن يسع وقتكم له ..
كل المودة والتقدير ..

خالد بن محمد الأسمري
أبو نواف
مدرب ومستشار أسري مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني

مقالات ذات صلة

‫11 تعليقات

  1. وللأسف أغلب الآباء والأمهات يتبع أسلوب الترهيب والعقاب وينسى أسلوب الترغيب والثواب ومع أن الدين خاطب الشخص العاقل الراشد بالأسلوبين سويا فذكر الجنة للمحسن والنار للمسيء إلا أن أغلب الآباء والامهات يخاطبون الاشخاص الغير راشدين ولا مكلفين بأسلوب الترهيب فقط !!

  2. موضوع رائع استاذي وصحيح قد يرتكب بعض الاباء اخطاء من دون قصد ولو علم الاباء خطورت تصرفاتهم ما فكروا مجرد تفكير في ارتكابها هذا الموقف سيترك اثر نفسي سيئ في نفس الطفل واشكر لك حسن تعاملك مع الطالب واحتواء مشكلته ومساعدته على حلها جعلها الله في موازين حسناتك

  3. سبحان الله كلمة بيت الدرج رجعت ذاكرتي زمااان ايام ما كنت اسوي شيء غلط 🙁 امي كانت تحبسني ببيت الدرج وتسكر النور لووول 🙁 ولله كنت ازقها من الخوووف واذكر مرة جرحت نفسي بمسمار عشان تطلعن من الغرفة ! على الحمدلله شخصيتي حاليا ذهب ولله <3 وكله بفضل الله وفضل ابوي الي اعتبره افضل صديق واخ لي على مر التاريخ 🙁 بالعكس اكثر من اخ وصديق ! ,,, بس انا متأكد من شيء واحد انه امي ربتني بافضل شيء كانت تشوفه وافضل شيء كانت تقدر تسويه ! لذلك بعذرها والله يطول بعمرها يارب

  4. أن بعض أولياء الأمور يعتقدون أن أسلوب الترهيب هو الحل السليم ولا يدرون هذا الأسلوب هو أشد عقاب لهدم الشخصية وجعل الولد لا يبيح للوالدين بشيء لأن الابن يعتبر أي خطأ يفعله له العقاب بالمرصاد . العلاج المهم هو : 1ـ تعويد الأبن على عدم ترار الخطأ 2ـ تعويد الأبن على التخاطب بكل صدق وزرع الثقة في نفسه 3ـ لا تعالج الخطأ بالخطأ بل جعل الأبن يكتشف الأخطاء ويعالجها بنفسه

  5. كلام جميل ولكن لاعتقد سيدي الفاضل انا مايحتاجة أبناء هذا الجيل هو فقط الحب … !!!!! فاحتياجتهم اكبر من ذلك فلم يعد هناك مايسمى بغرفة الاحلام انه جيل الانترنت … والفيس بوك ….. وتويتر ,,,,,,,,, الخ عزيزي انهم يحتاجون الى الحرية,,, الثقة ,,,الاعتماد على الذات ,,, ولكن هل نستطيع نحن جيل غرفة الاحلام ان نتواصل معهم !!!!!!!!!

  6. أخي أبا نواف .. أشكر لك جهودك في طرح القضايا التربرية سواء نظريا أو ميدانيا . لم أرك يوماً عابس الوجه بين طلابك أو زملائك المعلمين ، وأرتاح لك حينما أرى ابتسامتك المميزة التي لاتتغير من بدء اليوم الدراسي وحتى نهايته . أصلح الله لك أولادك وكتب لك الأجر .

  7. تميز من الأستاذ لمعرفة مخاوف الطالب ومايدور في خلده والعلاقة الجميله بينك والطالب من خلالها استطعت على التعرف على جوانب شخصيته الأم أو الاسرة تحتاج لبرنامج ارشاد أسري عاجل لتصحيح وتوضيح مفهوم التربية وتعديل بعض المعتقدات الخاطئة وعدم نقل تلك الخبرات للأبن حتى لاتمارس بشكلها الخاطئي

  8. أشكرك أستاذ خالد… أقدر كتاباتك وألم أرد عليها فهي عظيمة مثلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى