عندما تكون الحرب ، متعة

قرأت مرة عن تلك اللعبة ، التي تحكي عن الحرب الأمريكية في العراق ، يأخذ اللاعب مهمة الجندي الأمريكي ، يقتل ، يقتحم ، يفجر ، يأسر ، يقصف ، لم أتوقع أن أجد هذه اللعبة في أسواقنا يوماً ، ولم أتوقع أبداً أن ألعب بها وأمارسها ،،

ذهبت إلى إحدى محلات صيانة الأجهزة ، مصطحباً جهازي ، لتركيب بعض البرامج ، اطلع المهندس على خصائص الجهاز وإمكانياته ، بشرني أن ( كرت الشاشة ) في الجهاز ، مهيئ تماماً لتركيب ألعاب عالية الدقة والحرفية ، وحاول إقناعي بالتركيب ،،

ومن باب الاستفادة من إمكانيات الجهاز ولو صورياً ، سألته عن أفضل لعبة لديه ، فأجاب بلا تردد ( call of duty4 ) ، فهي اللعبة الأكثر شعبية على الإطلاق ،،
قلت له : ثبت اللعبة ، مع أني متأكد أني لن أستخدمها ،، قال : إن جربتها لن تتركها ،،

بالفعل في إحدى أوقات فراغي ، جربت اللعبة ، جيش وجنود رصاص وقنابل ، تدريب مبدأي للجندي ، ينقل بعده إلى الميدان ، استهواني جوها جداً !
في ميدان الحرب ، راودني إحساس غريب ، فأنا أعرف هذه الطرق التي أمشي عليها ، وأعرف تلك الوجوه التي أقاتلها ، الطرق طرقنا ولوحاتها باللغة العربية ، والوجوه وجوه عربية متلثمة بـ ( الوشاح الفلسطيني ) و بـ ( الشماغ الأحمر ) ، وأسماء المخربين الذين طلب مني قتلهم ، أسماء عربية ، يرأسهم من سموه ( السعيدي ) !

المفاجأة أن هذه اللعبة ، هي تلك التي قرأت عنها قبل فترة ، وأن الميدان الذي أقاتل فيه هو العراق ، ومن أقاتلهم هم ( المقاومة والجيش العراقي ) !
علمت وقتها أي حرب إعلامية فكرية مدسوسة توجه ضد أبناءنا ، وأذكر بما أخبرني به صاحب المحل ، أن هذه اللعبة هي الأكثر شعبية على الإطلاق !

برغم صعوبة الأمر ، أن أقاتل من يمثلون المقاومة والجيش العراقي ، لكني أصررت على الإكمال لأرى ما النهاية ؟ وأي حرب توجه إلى أولادنا وفتياننا ؟!

قتال المقاومة والجيش ، قتل المدنيين ، اقتحام المنازل ، البحث عن مطلوبين ، القصف والتدمير ، عشت كل هذا في اللعبة ، كنت ألعب بمشاعر متناقضة ، فكما أني أفرح بفوزي في المرحلة لأتقدم ، كنت أفرح إن خسرت لأن خسارتي على يد ( مقاوم عراقي ) !

بعد عدد من المعارك ، أتتنا الأوامر باقتحام ما أسموه ( التلفزيون الوطني ) ، لقتال المخربين الذين يتمركزون هناك ، تجولت في المبنى ، صوت عربي يتردد في المبنى ( سنقتل الأمركيين ، اقتلوهم ، الشعب سينتصر )، المفاجأة أن ديكور الاستديو الذي جرى فيه القتال هو ديكور استديو ( قناة الجزيرة ) بالضبط ، الفرق بينهما الاسم ، الأجهزة الشاشات التصميم ، كما هو ، وللعلم ، من أصعب الأماكن التي واجهتها كان هذا المبنى ، لكثرة عدد المقاومين فيه، وانتهت المرحلة بتدمير شعار الجزيرة ، المكتوب على لوحة ضوئية تتوسط القاعة !
أتساءل ، أي رسالة ضمنية مدسوسة في هذه المرحلة ؟!

استمر الأمر على ذلك ، قاتلنا على الطريق العام والأوتستراد ، اللوحات عربية ( كاللتي في الصورة ) ، وكانت المهمة الأكبر الموكلة لنا ، قتل ( السعيدي ) قائد المخربين ( المقاومة ) ورفيقه ،،

في مرحلة أخرى قاتلنا في ساحة تشبه تلك الساحة الشهيرة التي أسقط فيها تمثال صدام ، والتمثال فيها ، وكانت نهاية المرحلة بإسقاط ذلك التمثال !
بعد عدد كبير من المراحل ، انتهت اللعبة بقتل ( السعيدي ) ورفيقه !

بعدما انتهيت من اللعبة ، علمت تماماً أي حرب إعلامية توجه نحونا ، أي قوى خفية تعمل فتؤثر أكثر من تأثير الدبابة والطائرة !
لن أستغرب إن تغيرت مشاعر طفل بعد لعبه هذه اللعبة ، فأصبح يحب أمريكا ( لأنه كان يمثلها ) ، ويكره العراقيين ، الذين كانوا يستببون في خسارته وإعادته للعبة !

بحثت عن معلومات عن اللعبة على الانترنت ، لعلي أجد ما يشفي غليلي في محاربة اللعبة والتحذير منها ، للأسف لم أجد ما يشفي الغليل ، أكثر ما وجدته روابط تحميل للعبة حتى في بعض المنتديات العراقية !

ليس من عادتي أن أقوم بدعاية لأي جهة كانت ، وإن كان في سبيل التحذير منها ، لكن شهرة هذه اللعبة دفعتني للتصريح باسمها ، اللعبة سم مدسوس في غاية الخطورة ، كل ما أرجوه منكم ، أن تطلعوا على ما يلعبه أبناءكم وإخوانكم ، وأن تشاركوهم لعبهم ، وأن تحذروا من أن يتسلل إلى أجهزتهم مثل هذه اللعبة !
فإن تسللت ، حينها تكون الحرب متعة !


تابعوا جديد شبكة أبونواف على فيس بوك وتويتر

   

Exit mobile version