أباح الباري جل وعلا لعباده المؤمنين تناول الطيبات وحرم عليهم الخبائث كالميتة والدم ولحم الخنزير. قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا الله إن كنم إياه تعبدون. إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه إن الله غفور رحيم).
والخنزير حيوان سمج، تكرهه العين، له نابان كنابي الفيل يضرب بهما، وله رأس كرأس الجاموس وله ظلف كما للبقر والغنم وهو من أكثر الحيوانات تناسلاً، وهو حرام لحمه وشمه وجميع أجزائه.
ودهن الخنزير إن استعمل في غير مأكول كالصابون ففيه خلاف والراجح فيه التحريم، أما إن استعمل في مأكول كالحلويات والبسكويت والكيك والشوكلاته فذلك محرم باتفاق، والجيلاتين المتحول عن الكولاجين الذي أصله من الخنزير حرام.
من أضرار الخنزير:
من المعلوم أن هناك حكمة بالغة وراء تحريم الخالق جل جلاله على عباده الاستفادة من منتجات هذا الحيوان النجس مثل جميع الاشياء التي حرمها:
وعموما يمكن إيجاز أهم أضراره فيما يلي:
1- كثرة الديدان في حلم الخنزيرة ومنها دودة (تينيا سوليم) التي تنتقل للإنسان وتسبب مغصاً وإسهالاً وقئياً واحياناً تنتابه نوبات صرعية وتشنجات عصبية قوية، وكثيراً ما تتلف العين أو بعض أجزاء المخ فتفسدها فيحدث شلل للمريض. والغصابة بها تنتشر في فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا.
2- لحم الخنزير ينقل مرض (التريخينيا) الذي تنتج عنه آلام شديدة التهابات عضلية مؤلمة تدعو إلى انتفاخ النسيج العضلي وصلابته وتكون نتيجة ذلك الأورام التي تمتد بطول العضلات، ويصاب بهذا المرض حوالي 47 مليون شخص بالولايات المتحدة الأمريكية ونسبة الوفاة به 30%.
3- كثيراً ما يأكل الخنزير الفئران الميتة التي غالباً ما تكون عضلاتها مكاناً لأجنة دودة تسمى (تركيينيا اسباير المن) وعند انتقالها للإنسان يصاب بمرض شديد فترتفع حرارته ويعتريه إسهال وقيء وتلتهب جميع عضلاته فلا يقدر على تحريكها ويصير لمسها مؤلماً ولا يقوى على تحريك عينية ويصعب عليه التنفس لالتهاب عضلاته حتى يموت.
4- لحم الخنزيرة أعسر اللحم هضماً باتفاق العلماء، وذلك لأن أليافه محاطة بخلايا شحمية عديدة أكثر من الحيوانات الأخرى المباح أكلها وهذه الأنسجة الدهنية والتي ترتفع بها الأحماض الدهنية المشبعة خاصة حمض البالمتيك تحول دون العصر المعدي فلا تسهل عليه هضم المواد الزلالية للعضلات فتتعب المعدة ويصبح الهضم عسراً.
5- يحذر الأطباء من تناول منتجات الخنزير لأنها تسبب الأمراض التالية:
أ- الالتهاب المخي السحائي وتسمم الدم: يسبب الميكروب السبحي الخنزيري، الذي اكتشف عام 1967م، من كتب له الإفلات من الموت بهذا المرض أصيب بالصمم الدائم وفقدان التوازن (الترنح).
ب- الدوسنتاريا الخنزيرية (البلانتديازس): تسبب اسهالاً للإنسان دوسنتاريا مصحوبة بمخاط ودم مع ارتفاع درجة الحرارة، وقد يثقب القولون فتحدث الوفاة.
ج- انفلونزا الخنزير: كان أخطر وباء أصاب العالم من هذا المرض عام 1918م حيث قتل حوالي 20 مليون نسمة. وقد خافت امريكا عام 1977م من هذا الوابء الذي أطل برأسه وصدر أمر بتطعيم كل أمريكي بالمصل الواقي من هذا المرض وتكلف برنامج التطعيم حوالي 135 مليون دولار.
د- التسمم الغذائي الخنزيري: يحدث بسبب سرعة تحلل وفساد لحم ودهن الخنزير بفعل الجراثيم إذا ترك ولو مدة قصيرة من الوقت دون تبريد.
هـ- ثعبان البطن الخنزيري (الأسكارس): اكتشف إصابة الإنسان بهذا المرض في صيف عام 1982م في جنوب الولايات المتحدة بسب التعرض المباشر للخنزير أو أكل المواد الملوثة ببرازة.
و- دودة المعدة القرصية: تنتقل من الخنزيرة للإنسان وتسبب حدوث إسهال والتهاب المصران الغليظ (40% من سكان ولاية اسام في الهند مصابون به)
ز- دودة الرئة الخنزيرية: تعيش في رئة الخنزير وتنتقل منه للإنسان.
س- الدوسنتاريا الآميبية الخنزيرية: تحدث بسبب نقل العدوى إلى الإنسان من الخنزير.
اعتقاد خاطئ:
يقول رئيس قسم التغذية والكيمياء بكلية الطب في شيكاغوا بالولايات المتحدة الأمريكية:
1- يظن البعض أنه لو طبخ الخنزير فإن خطر مرض الدودة الوحيدة (تينيا سوليم) يزول، والحقيقة هي غير ذلك فقد أجريت عدة تجارب على 24 حالة مرض وتبين أن 22 حالة منها كان سببها لحم الخنزير المطبوخ.
2- يعتقد بعض الناس أن دهن الخنزير يحتوي على نسبة عالية من الأحماض الدهنية غير المشبعة، ولذا فإنه صالح للتخلص م نالكوليسترول وبالتالي فهي صالحة للنوبات القلبية كما يدعون، والحقيقة أنه وإن كان دهن الخنزير فيه نسبة عالية من الأحماض الدهنية غير المشبعة فإن هذه الأ؛ماض موجودة على الموضوع واحد وثلاثة من الجلسريد ولذلك فإنها لا تتحول ولا تهضم بواسطة العصارة البنكرياسية (المحتوية على إنزيم الليباز) ولكن الجسم يمتص هذه المواد وتتسرب فيه على أساس أنها دهون خنزير ولا يمكن الاستفادة منها.
3- ومنهم من يعتقد أن لحم الخنزير مغذ ولذلك يجب على المرء أن يستمر في أكله كمصدر للبروتين الحيواني، والحقيقة أن لحم الخنزير يحتوي على بروتين حيواني ولكن كما يقول الدكتور أ. س باريت في كتابه (أمراض أطعمة الحيوانات) فإن لحم الخنزير هو أصعب اللحوم هضماً وهذا يعني أن القيمة البيولوجية والغذائية له قليلة جداً، أي أن الإنسان يدفع ثمن اللحم الغالي ولا يستفيد منه.
4- يقول بعض الناس أن تحريم الخنزير جاء في الجزيرة العربية لأسباب صحية أما اليوم فإن الخنزير يعيش في بيئات وتحت شروط صحية، لكن الحقيقة أن الخنزير بطبيعته حيوان قذر ونجس وهو يعيش دائماً في المناطق الموبوءة والنجسة وأماكن القاذورات ليعيش عيها، كما أنه يتبع الماشية وبقية الحيوانات كي يأكل ما يتساقط منها دماً وبرازاً.
5- يقول البعض: جاء تحريم الخنزير في الجزيرة العربية لأنها صحراء قاحلة وحارة وهذا يعني أن الناس الذين يعيشون في الصحراء فقط يصيبهم الإسهال واضطرابات القناة الهضمية بينما لا يصيب الذين يعيشون خارج الجزيرة العربية أية اضطرابات.. والجواب على ذلك أن الخنزير هو الحيوان الوحيد الذي تتدخل دهون لحمه بشكل عالي وليس هناك أية وسيلة لفصل دهنه عن لحمه، إن ارتفاع نسبة الدهون في الأطعمة يسبب الإسهال في الطقس الحار ولكنه أيضاً يسبب أمراضاً أخرى مثل القلاع (بثور في الفم) في المناطق الأخرى وخاصة انخفاض كمية الكالسيوم في الجسم حيث تصبح عظام الأسنان معرضة للإصابة بالكسر بسرعة.
دور الحكومة السعوديه في مواجهة المشكلة وإيجاد الحلول:
حيث أن الخنزير قد حرمتنه الشريعة الغراء، وثبت ضرر تناول منتجاته على صحة الإنسان، لذا كان على المواصفات القياسية السعودية أن تتصدى للمشكلة وتحاول إيجاد الحلول لها، ومما زاد من صعوبة المشكلة أن معظم الدول المصدرة للحوم المعلبة في العالم تربي كميات ضخمة من الخنازير، كما أن منتجات الخنزير عديدة وتدخل في صناعات كثيرة، فقد بلغ ا نتاج العالم من الخنازير عام 1978م أكثر من 668 مليون رأس، تمثل الصين الشعبية الدولة الأولى في انتاجه (238 مليون)، يليها الاتحاد السوفيتي (63 مليون) ثم الولايات المتحدة (55 مليون) ثم البرازيل (47 مليون) أما عن منتجاته فهي عديدة فاللحم يصنع منه السجق والكورنيد واللانشون وغيرها، والدهن يدخل في صناعة حلوى الشكولاته والدقيق كالبسكويت والكيك ومشتقات الدهن كالمستحلبات مثل الليسثين ومضادات الأكسدة مثل (البيوتيليتد هيدروكسي انسيتول) تدخل في صناعات عديدة كالزيوت والدهون والجبن المطبوخ، والجيلاتين المستخرج منه يدخل في صناعة المربى والجيلي وحلوى السكر والشكولاته وكبسولات الدواء، والدم يدخل في بعض الصناعات الغذائية وصناعة الأسمدة، ويستخرج من غدده هرمون الأنسولين لعلاج مرضى السكر، وإنزيم الرنين (المسمى تجارياً بالمنفحة) الذي يستخدم في صناعة الجبن.
أيضاً قد يخلط دهن الخنزير مع دهون أخرى نباتية أو حيوانية بتركيزات قليل، وبعض الشركات قد تضيفه كبديل لدهن الحليب كما في صناعة الحليب البودرة والآيس كريم وغيرها، وقد يتفنن محترفو الغش بدهن الخنزير فيخضعون دهنه لعمليات كيميائية وفيزيائية تغير من تركيبه فتتغير ثوابته الكيميائية والفيزيائية التي تعتد كأساس للتمييز بين أنواع الزيوت والدهون المختلفة.