حذر المستشار في الطب النفسي الدكتور وليد سرحان من استفحال تعاطي المخدرات في المجتمع العربي وتفاقم الامراض النفسية مشيرا الى ان نحو ربع سكان الوطن العربي يعانون مشكلات وامراضا نفسية عدة.
وقال الدكتور سرحان وهو مدير مركز مستشفى الرشيد الاردني الذي يشارك في معرض الطب والحياة المقام في الكويت ان ادمان المخدرات وخصوصا مادة الهيروين ازداد بشدة في السنوات الخمس الاخيرة في جميع الدول العربية مضيفا ان السنوات المقبلة تنذر بمخاطر كبيرة على الامن القومي العربي وتهدد المجتمع والوطن باكمله.
وذكر ان الحكومات العربية لا تبدي اهتماما كافيا بهذه المشكلة ولا تضعها على سلم اولوياتها وايضا لا تكترث بصورة جادة بالخسائر المادية الهائلة التي تترتب عليها ولا تبدي سوى القليل من الاهتمام بالخسائر البشرية والمعنوية التي تسببها.
وحول سبب ازدياد تعاطي المخدرات في الدول العربية اوضح الدكتور السرحان ان التعاطي والادمان يتجه صعوديا وبسرعة كبيرة وذلك بسبب توفر المواد المخدرة في الاسواق العربية من جهة ووجود الشباب المغامر الجاهز للتجربة بقصد المتعة. وفيما يتعلق بعدم اهتمام الجهات الرسمية العربية بمشكلة الادمان بين الدكتور سرحان اهم الاسباب والمتمثلة بالتقاعس احيانا او المصالح المتضاربة وعدم وضوح الرؤية بالنسبة الى خطورة المشكلة والنظر الى المدمن على انه شخص سلك سلوكا خاطئا عليه تحمل نتائجه وحده.
وافاد ان الوضع في جميع الدول العربية يزداد سوءا ومؤشرات التعاطي والادمان كلها في ازدياد على الرغم من الاجتماعات العديدة والقرارات الكثيرة التي تصدرها الجهات الرسمية العربية مشيرا الى عدم كفاية جهود الجهات الرسمية . وحذر الدكتور سرحان من انه اذا ما بقيت الاوضاع على ما هي عليه فان السنوات الخمس المقبلة تحمل كوارث تهدد بان تصبح الامور فوق طاقة اي خدمات علاجية.
واوضح ان هناك صعوبات متشابهة في جميع الدول العربية من اهمها غياب التنسيق وغياب القرار السياسي وتشعب المسئوليات وتداخلها بين جهات عدة اضافة الى ضعف المساهمات الحكومية في تكاليف العلاج حيث ان المدمن عندما يلجا الى العلاج يكون في اسوأ المراحل وقد افلس ولا يقدر على تحمل مصاريف العلاج مهما كانت ضئيلة.
من جهة اخرى شدد الدكتور سرحان على اهمية المبادرة في الاهتمام بالصحة النفسية للمجتمع العربي وقال ان خدمات الصحة النفسية في حال متخلفة جدا فعلى سبيل المثال فعدد سكان الوطن العربي يزيد على 250 مليونا ولا يوجد في جميع الدول العربية سوى حوالي 700 طبيب فيما يوجد حوالي 1000 طبيب في اسرائيل والتي يصل عدد سكانها الى نحو ستة ملايين نسمة.
وقال ان هذا الواقع يعبر بشكل صارخ عن مظاهر التخلف في المجتمع فالنفس البشرية وهي اعظم ما خلق الله سبحانه وتعالى واقسم بها لا تحظى بادنى اهتمام وتختصر الثقافة الرسمية والشعبية في هذا الميدان بالقول هذا عاقل وهذا مجنون. وتحدى الدكتور سرحان ان يستطيع اي شخص تعريف من هو العاقل ومن هو المجنون وقال ان الانسان بشكل عام قد يعاني امراضا ومشكلات نفسية ويصل عدد الذين يعانون هذه المشكلات في الوطن العربي الى ربع السكان لكن هذا لا يعني ان هؤلاء مجانين وان غيرهم عقلاء.
واضاف الاختصاصي في الطب النفسي "ماذا نطلق على مهربي المخدرات ومن يتستر عليهم او الذين يقودون سياراتهم بسرعة كبيرة ويتسببون بقتل الناس او المجرمون الذين يعتدون على اعراض الناس واموالهم وغير هؤلاء". ودعا الدكتور سرحان المؤسسات الرسمية والاهلية وخصوصا وسائل الاعلام الى تغيير نظرة المجتمع الى الامراض والمشاكل النفسية وازالة الترسبات التي ساهمت السينما العربية للاسف في ترسيخها حول المريض النفسي الذي سلبته السينما العربية انسانيته والى طبيب الامراض النفسية التي اظهرته بانه مضطرب اكثر من مريضه والى المشافى النفسية باعتبارها اماكن للعقاب والعذاب.
وبين ان العرب في العصر الاموي والعباسي هم اول من ميز الامراض النفسية ووصفوها بدقة ووضعوها على قمة سلم الاولويات ففي عصر هارون الرشيد كانت ربع مساحة مستشفى بغداد مخصصة للطب النفسي ونفس المساحة في مستشفى ابن قلاوون في القاهرة التى خصصت لهذا الطب في حين ان المستشفيات العربية حاليا ترفض ان يكون فيها عيادة للطب النفسي. وذكر ان منظمة الصحة العالمية تعتبر ان اكثر من 60% من المشاكل الصحية التي تؤدي الى اكثر درجات الاعاقة ترجع لمشاكل نفسية فى مقدمتها مرض الاكتئاب.
واوضح انه على الرغم من ان اكثر من ربع المواطنين العرب يعانون مشاكل نفسية لكن خمسة في المئة فقط منهم يصلون الى المعالجة والباقي تائهون بين مشعوذ ودجال وعيادات طبية اخرى بحيث تتم معالجة الاكتئاب احيانا في عياة للمسالك البولية او امراض المعدة