رسائل المجموعة

ثائر ، ومحفظة ضائعة ، وثرثرة !

– 1 –
انتبه عزيزي القاريء ، استحث عقلك الواعي وأنت تقرأ ، فمن تقرأ كلماته ، شخص مصاب بشيء أشبه ما يكون بـ " جنون الثورة " ، والذي يدفعه إلى صهر كل ما يواجهه ويحصل له في قالب ثوري بحت ! وإن كان لا علاقة له بالثورة ولا بالحرية ولا بالمؤمرات ولا حتى " بالزنقات " !

وإن سألته لماذا ؟ فسيتعلل ، بأنه إنسان من بلد يصنف أنه من أكثر البلاد الثائرة دموية " سورية "، وقد ابتلاه الله بأن يكون بعيداً عن بلده في هذا الوقت بالذات ، ليصبح مجرد عابث ، يكتب خلف شاشته ، يهرطق ويتفلسف ، ينفخ عضلاته مع الأحرار ، وهو يتحصن بكل تلك الحصون ، وربما تذكر مرة فرفع يديه يدعو للثوار ، بينما النساء في بلده يفعلن أكثر من ذلك !

ملاحظة : معظم هذا المقال ، ثرثرة ، فضفضة ، غثاء ، سخرية ، ثورة ، وآخره حكمة ، فإن كنت ضنيناً بوقتك ، أو صاحب حالة مزاجية متقلبة ، فيمكنك الانتقال مباشرة إلى الفقرة " 6 "

– 2 –
القصة تبدأ في تمام الرابعة عصراً ، محفظته بطلة القصة في يده ، يستخرج منها 27 ريالاً بالضبط ، يريد أن يعيدها ، فإذا بها تلفظ عملة معدنية صادرة من بلده ، عليها صورة الرئيس الهالك الراحل ، فكر للحظة أن يطأها بقدمه ويتخلص منها ، لقناعته بأن حكم هذا الهالك وولده قد انتهى وولى ، تفل على يساره ثلاثاً واستعاذ بالله وأعادها !
ثم ست ساعات من المتعة والثقافة ، بين البحر وأحاديث الثورة والثقافة والإنجاز !

الساعة الآن ، العاشرة و33 دقيقة قبل منتصف الليل ، اشتهى صاحبنا صحناً فاخراً من " سلطة الفواكه " ، سال لعابه للفروالة والمنجا والتفاح والبرتقال ولحبيبات الرمان ، والتي يتوسطها كرة من الآيسكريم !
توقف مباشرة عند ذلك المحل المشهور ببيع هذا الصنف ! تفقد محفظته ليستخرج منها ما يحتاج من دراهم … لا محفظة !
قلب جيوبه ، نفضها ، أخرجها ، أعادها .. لا محفظة !

اقتحم السيارة ، بحث في الأدراج ، تحت الكراسي ، في صندوق الأشرطة ، تحت الأشرطة ، في المسجل ، بجانب العطر ، تحته ، في الكتب ، خلفها ، بين الأوراق ، في الشنطة ، تحت دعاسة البنزين ، تحت الفرامل ، لا فائدة لا فائدة !
كثير من " تباً " !

أعلن حالة الطواريء القصوى ، والبحث المستميت ، قلب السيارة قطعة قطعة ، ناحية ناحية ، كان يدندن :
زنقة زنقة ، دار دار ، بدنا نطلعك يا بشار !
واحد واحد واحد ، الشعب السوري واحد !
سوريا ثوري ثوري .. ولادك متل الورد الجوري !
سلمية سلمية ، سلمية سلمية !
وأيضاً … لا فائدة !
طرد " سلطة الفواكه " من مخيلته وأخذ يفكر ….

– 3 –
حصر الأماكن التي ارتادها ، والتي يشك بوجود المحفظة فيها ، الأصدقاء الذين كان معهم ، والذين من الممكن أن يكونوا قد دبروا مؤامرة ، أو مزحة ثقيلة الدم !
وقبل اتخاذ أية إجراء ، قرر إعادة البحث في أرجاء السيارة مرة أخرى ، زنقة زنقة ، حتة حتة ، مكان مكان ، قلبها " فوقاني تحتاني " ، أيضاً …. لا محفظة !
وبحكم حظر التجول الذي يتمتع به ، بعد ال12 ليلاً ، فقد تكفل صديقان وفيان ، بالقيام بمسح شامل لتلك الأماكن ، استغرق منهما قرابة الساعتين ، والنتيجة …. لا محفظة !
قلق عارم ، حساب للخسائر ، بطاقة بنك ، بطاقة فيزا ، إقامة ، رخصة قيادة ، 50 ريال ، بطاقة فرسان ، عملات عليها صورة الهالك ….

– 4 –
تأقلم سريعاً مع الوضع الجديد ، أن ينام بلا محفظة !
قرر قبلها ، أن تكون آخر محاولة بحث ، في صباح اليوم التالي ، بعد أن " يدوب التلج ويبان المرج " ، كانت آماله لا تتعدى الـ10 بالمئة في إيجادها ، كان يائساً تماماً !
دعا الله أن يرد له ضالته ، دعا له الأصدقاء ..
ووضع خططاً بديلة ، إن فشل كل ذلك ، تبليغ في الجوازات والمرور ، توقيف بطاقتي البنك ، بدأ إجراءات استخراج بدائل ، ووو……
ونام قرير العين هانئ ، وبكل برود !

– 5 –
أشرقت الشمس ، " شعشع الضو " ، تذكر تلك البائسة فعاد إلى أحضان اليأس القلق !
ذهب إلى سيارته ، فتح الباب ، ليلقي عن كاهله ما يحمل ، كان يفكر ، هل يبحث ؟ أم لم يعد هناك فائدة ؟!
" داب التلج وبان المرج " ، وبلا مقدمات ، رأى المحفظة كأنها ترقص أمامه وتداعبه كأفعى تتدلى من جيب الكرسي !
ذهل ودهش ، ودقيقتان من الضحك المتواصل والذهول َ!

– 6 –
هكذا تتسبب الضبابية وانعدام الرؤية ، بالضلال عن أوسع الطرق وأكثر وضوحاً !
هكذا يتسبب الظلام بضياع الأشياء الساطعة !
وهكذا ، قد يكون ما تريد ، قريب إليك كحبل الوريد ، وأنت لا تعلم !
أيها الثوار ، حريتكم التي تبحثون عنها مختبئة في أحد الزوايا ، الفرج الذي تتمنونه قريب قريب ، كحبل الوريد هو بل أقرب !
فقط ، افعلوا ما عليكم ، أريحوا ضمائركم ، وافعلوا ما ترونه صالحاً بحكمة ووضوح طريق واستعانة بالله ، ولا تشغلوا أذهانكم بالنتائج فالله من يتكفل بها !
أيها الأحرار ، يا أصحاب الطموح ، حددوا طريقكم ، تحسسوه جيداً ، وانظروا إلى الهدف يأعين بصائركم ، دعوه يتغلغل في أعماقكم ، واهتفوا : يارب !
ثم سيروا ، سيروا وستصلون !
بإذن الله !


تابعوا جديد شبكة أبونواف على فيس بوك وتويتر

   

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى