تلك الشمعة

عدت من زيارة لأختي الكبرى في مساء احدى الليالي،دلفت إلى المنزل ثم صعدت إلى الدور
العلوي لوضع أغراضي وتبديل ملابسي…
يالها من ليلة دافئة ،لذا فتحت جهاز التكييف ..أخذت أفكر:أأرسم؟ أم أكتب شعرا؟ لابل سأقرأكتابا…
لحظات…فإذا بالدنيا تظلم من حولي ..وحتى طريقي إلى خارج غرفتي لايكاد يبين،أطفئ التكييف فعاد الدفء يتسلل إلي …لقد كان زائرا ثقيلا…رباه مالأمر؟!! مشيت رويدا رويدا حتى نزلت إلى الطابق السفلي ….أمي!!
:لقد حدث يابنتي عطل في كهرباء الحي،فهاك شمعة وضعيها في غرفة المعيشة لنستضئ بها…جلسنا قليلا،تذكرت امي الحبيبة الأيام الخوالي ،فلم يكن عندهم إلا كهذا النور البسيط،وكانت أجوائهم الرائعة غنية عن التبريد…وبدلا من التفكير في حرارة الجو التي تزيد الملل ،نظرت الى تلك الشمعة…أكبرتها في نظري،
فعملها الفداء المحض ،والتضحية الصرفة…تمثلت أمامي كشخص يحمل مشعل الهداية على رأسه…خاطبتها:أيتها الشمعة !لم أرى مثلك يعمل لغيره بإحراق نفسه وإهلاكها..إنك تشرقين بنورك ولكنك تتضائلين في عمرك…غنك مرهفة الحس ،فإن مشيت مسرعة وأنت في يدي تلجلجت أنفاسك واضطرب ضياؤك…ثم ضعف شيئا فشيئا..ثم تلاشى ..فأحتاج عندها إلى تزويدك
بقبس من نار..لأمنحك النور..فتكملين المسير…تكملينه باكية ..فلم البكاء؟؟
(أمن حرقة لنار؟؟أم من فرقة العسل)* يعجبني فيك اصرارك على العمل فلاتواكل ولا خفوت لضيائك حتى تموتي تماما…ياله من إخلاص..ألم تحدثي نفسك يوم أن هناك شمعات اخريات يستطعن تأدية لعمل ،فتتخلي عن هذا الدور او تقللي من شعاعك لئلا تهلكي سريعا ..إنك مجاهدة تقدمين ولا تحجمين..فلله درك…تبذلين أقصى ماتستطيعين غير مبالية بحياتك…نعم …إنها الحياة اغلى مالدى كل فرد منا أليس كذلك؟؟
أكملت حديثي..تذكرت شيئا آخر أفرح قلبك به ..إنهم يشبهون قلب الأم بك، فهي تمنح أولادها قبسا من نورها ،ولاتزال بها الحال حتى تضعف وتعطيهم القوة ،وتحزن لتعطيهم الفرح، وتحرق حياتها ليجدوا نورا يبصرون به الطريق ..فإذا تلاشى ذلك النور…..فمنهم من يلتفت ورائه لأنه لايرى شيئا محسوسا ..ومنهم من يدفعه الحنين إلى مد يديه بالدعاء لها ..وان كان لايراها، فإنه يرى عظم عطائها حين يشاهد جريان الأنهار،
ويبصر حسن جميلها عندما يزور بديع الرياض،ويسمع بقايا صوتها العذب في تغريد الطيور وغناء العصافير…
شمعتي…مالنورك تبدد في ليل الظلمة وليس لي إلاه؟؟!! لاأرى شيئا …الظلام يزيد ..لذا وداعا….
 
بقلم
رفيقة الشعر


يمكن النقل مع نسبته الى الكاتبه

Exit mobile version