في لحظة من لحظات الصفاء والرقاء الروحي ، ونحن في جولة بحرية في بحر مرمرة ، سألت صديقي : أتعلم لماذا حرصت اليوم ، على اقتناء كل ما يدل على تركيا ويرمز إليها ؟
قال : بالنسبة لي ، أحرص عند زيارة أي بلد على اقتناء شيء يدل عليه ، وعلى وجودي فيه ،،
قلت : هذا أمر ، ولكن الأهم من هذا ، أني اقتنيتها ، لأني أصبحت وبحق ، أفتخر بها ، أفتخر بتركيا وبرئيس بتركيا وبشعب تركيا ، افتخر بمواقف تركيا وأفعالها ،،
هذا الفخر بسبب ماضي تركيا المجيد ، وحاضرها الذي ينبأ بمستقبل عظيم وجديد ،،
تولد هذا الفخر ، بعد مواقف البطل أوردغان ، موقفه في منتدى دافوس ، يوم انسحب فيما بقي الجبناء ( ليردوا على افتراءات الكذاب الإسرائيلي ) ، وموقفه العظيم مع أسطول الحرية ،،
بدأ تغييره للدستور ، ومحاولته إعادة البلاد إلى إسلاميتها وعراقتها ، تسريحه لبائعات الهوى من عملهن يوم كان رئيس بلدية اسطنبول ، وتوظيفهن في أعمال أخرى ، بحق أصبح هذا الرجل يشعرني بالفخر والعزة ، ويعيد لي ذكريات بني عثمان !
ما إن أرى صورة أوردغان ، حتى تنتابني رغبة جامحة ، في ضرب تحية عسكرية له ، تتبعها قبلة على الرأس !
في تركيا لا تشعر بالغربة ، فأنت بين أهلك وأحبابك ، فالأتراك يضعونك في قلوبهم قبل بيوتهم ، الأتراك ضيافة وحسن استقبال ، ابتسامة وترحاب ، كرم وعطاء ،،
الأتراك بطولة ، ويكفي موقفهم في أسطول الحرية ، يوم قالوا لإخوانهم : ( يكفيكم 60 سنة نضال وقتال مع اليهود ، يكفي ما قدمت من شهداء ، فاليوم جاء دورنا ) ، فكان معظم الجرحى والشهداء من الأتراك !
دائما ما كنت أقول ، أن السفر والتعرف على البلدان وعلى ثقافاتها وشعوبها ، من هواياتي ، وأن من أمنياتي وطموحاتي أن أزور البلدان التي أسمع عنها ولم أرها ، التي أعشقها ولم ألقاها ، وأن أتعرف في كل عام على بلد جديد ، فبعد أن زرت تركيا ، ازداد هذا الغرام ، وزادتني تركيا ، لها شوقاً وهيام !
تركيا ، بلد يأسرك بجماله وجلاله ، يأسرك بجوه البديع وهواءه العليل ، يأسرك بطبيعته الخلابة ، يأسرك أهله بتعاملهم وحسن خلقهم ، بابتسامتهم وترحابهم ، ويأسرك فوق هذا كله ، مجده العريق ، وذكرياته العبقة ، يأسرك رؤية آثار دولة الخلافة ، آثار محمد الفاتح وسليم الأول وسليمان القانوني والسلطان أحمد ، يأسرك بمتنزهاته ومطاعمه ، بمعارضه ومتاحفه ، بشوارعه وأزقته !
تركيا بلد العشاق ، وليس غريباً أن تعشق تركيا ، بل إن الغريب كل الغرابة أن لا تعشقها !
ميزة تركيا ، بجانب ماضيها العريق ، وحاضرها المبشر بالازدهار ، والمنبئ بعودة تركيا البطولة والشهامة ، تركيا العزة والقوة ، ميزتها إلى جانب ذلك كله ، تحضرها ورقيها ، شوارعها محلاتها ، وسائل نقلها ( الترام ، الباص ، التاكسي ، الـ ( الأندر جراوند ) ، السفن والقوارب ، العربات المعلقة ) صناعتها ، إنتاجها ، تصديرها ، أسعارها ، حتى في رمي قمامتها ، تركيا متحضرة ، تنافس أي بلد أوربي يزعم الحضارة ويراهن عليها !
لم أرى من تركيا إلا اسطنبول ، ولم أرى من اسطنبول إلا عشر معشار ما فيها ، ومع ذلك أبيت إلا أن أكتب عن ما رأيت ، وأعبر عن ما أحسست ، لأن تركيا تستحق ، تستحق الجود بالقلم واللسان ، وإتعاب الفكر والبنان ، تستحق الوصف والإشادة ، والدعاء لها بالخير وزيادة ،،
سأكتب عن 4 أيام قضيتها هانئة في اسطنبول ، ستتحدث الصور فيها أكثر من الكلمات ، واللقطات أكثر من العبارات ، فكونوا على الموعد ،،
عليك مني سلام ، يا أرض اسطنبول !
تابعوا جديد شبكة أبونواف على فيس بوك وتويتر