تحت الدراسة

تحت الدراسة

قينان الغامدي : كل الأمور عندنا في السعودية – ولله الحمد – تحت الدراسة، لا يوجد أمر فوقها ولا قبلها، هذه "الدراسة" أصبحت المحور الرئيس الذي تدور حوله حياتنا ومستقبلنا، تطوير التعليم ومناهجه ومبانيه ومقاصفه تحت الدراسة، خطة السياحة والاستثمار السياحي والجذب السياحي تحت الدراسة، معالجة عوائق الاستثمار الأجنبي تحت الدراسة، الإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري تحت الدراسة، تسديد الدين العام المتفاقم تحت الدراسة، معالجة الفقر تحت الدراسة، شح المياه ومحطات التحلية المهترئة تحت الدراسة، نتائج وتوصيات مؤتمر الحوار الوطني الأول واليتيم تحت الدراسة، مشكلة البطالة تحت الدراسة، السكك الحديدية تحت الدراسة، مشاريع خصخصة بعض المؤسسات الحكومية تحت الدراسة، إدخال اللغة الإنجليزية والحاسب الآلي لطلاب الابتدائية تحت الدراسة، إخضاع التخصصات الجامعية لحاجة سوق العمل تحت الدراسة، تطوير معظم الأنظمة التي ورثناها عن الدولة العثمانية وعتاة المتقاعدين العرب تحت الدراسة، و…. و… كل شيء تحت الدراسة حتى بدائل حليب الأم مازالت تحت الدراسة، ولأهمية هذه البدائل وخطورتها وجهل جميع أطباء الأطفال في السعودية بها فإنها تحت الدراسة في مجلس الشورى الذي لم يبت فيها حتى الآن!.

إن "تحت الدراسة" هذه لا يشبهها مطاطياً أو مائياً إلا "قريباً" التي يستخدمها كثير من المسئولين للفكاك من وطأة سيف الوقت، وقسوة مرارة الصدق، و"قريباً" هذه أصبحت ترجمتها الحرفية "لا شيء موجود" والذين درسوا النحو يعرفون أن "لا" هنا نافية للجنس، ولأن "قريباً" تأتي غالباً إجابة لسؤال عن مشروع أو نحوه، فإن استخدامها يعني "لا شيء مما تسأل عنه موجود أبداً". وإذا أردت شبيهاً آخر لـ"تحت الدراسة" فلن تجد أفضل من "حجر الأساس" الذي كتب عنه الزميل صالح الشيحي منذ أسبوع ببراعة جعلت مقالته فيما أعتقد تدخل "تحت الدراسة" المكثفة، التي ستظهر نتائجها "قريباً"!.

أما وجه الشبه بين "تحت الدراسة" وبين "قريباً" فهو "الرجاء عدم الانتظار"، أما بينها وبين "حجر الأساس" فهو "النسيان"، أما وجه الشبه بين هذه الأثافي الثلاث – تحت الدراسة، وقريباً، وحجر الأساس -، وبين الواقع فهو كما يقول مثلنا العامي الشهير: "وسِّع صدرك، ترى ما حولك أحد!".

نقلا عن : جريدة الوطن

Exit mobile version