الله يرحم زمن جدتى

البلطجة الجديدة

نجوى هاشم

فوجئت من أيام في أحد مراكز التجميل بأن المحاسبة بعد أن عرفت ماذا أريد تطلب مني
الدفع مقدماً قبل عمل أي شيء، رغم أنها تعرفني وأتردد أحياناً على المحل. ولم يفرق الأمر
معي في شيء سواء كان الدفع مقدماً، أو متأخراً ففي النهاية سوف يكون هناك دفع، لكنني
سألتها: لماذا تطلبون النقود مقدماً؟ هل هذا نظام جديد لديكم؟ ولماذا تفترضون في كل الناس
عدم الثقة وبأنهم لصوص وغير شرفاء؟ فاعتذرت بلباقة شديدة وقالت إن هذا النظام جديد
ويطبق على جميع الزبائن المعروفات وغير المعروفات خصوصاً بعد ما تعرض له المحل
من بلطجة نسائية. وقبل أن تواصل تذكرت إحدى القريبات عندما حكت لي منذ حوالي عام
قصة اعتبرتها وقتها خارجة عن المألوف فهي تقول إنها ذهبت إلى محل كوافير صغير
وبسيط قريب من منزلها واكتشفت أن من تديره موظفة سابقة بسيطة فضلت أن تشغل وقتها
بالعمل مرة أخرى، فافتتحت محلاً بسيطاً جداً يتردد عليه من يعرفها فقط، ولا يعتبر حتى
مركزاً لأن ليس به سوى فتاتين، تقول ذهبت إليها وانتظرت لانشغال الفتاتين بامرأة وابنتها،
وبعد أن انتهتا من عملهما طلبت الحساب فقالت لها 600ريال وهو قليل قياساً إلى المحلات
الكبرى. وتوقعت وأنا أتابع المشهد أن تُخرج المرأة النقود من شنطتها وتسلمها، لكنها بكل
تعالٍ وعجرفة قالت لها، بعد أن فتحت شنطتها ببرود، ليس معي الآن، واتصلت بالجوال
وأقفلت، وقالت لها زوجي عند الباب سأخرج له ثم أعود بالنقود، وعندما طلبت منها صاحبة
المحل أن تترك ابنتها، حتى تعود لأن الباب لا يبعد عن سيارة زوجها. ولكنها صرخت فيها
بلهجة سعودية بحتة، وعين قوية، مافي ثقة ليه إحنا حرامية، أنا اشتريك واشتري أهلك كلهم.
وسحبت ابنتها من يدها وخرجت على أساس أنها تحضر النقود، فما كان من المرأة إلا أن
ارتدت عباءتها ولحقت بها ولكن بعد ثوان عادت ووجها ممتقع، وهي تقول "حسبي الله ونعم
الوكيل" لقد ركبت السيارة بجانب زوجها وابنتها في الخلف وغادرت دون أن تدفع، رغم
الجهد الهائل الذي قام به المحل من أجل إنجازهما، وأيضاً قد لا يكون للمحل دخل سوى ما
كانت ستدفعه تلك المرأة التي سرقت المحل وهربت. تقول قريبتي إن صاحبة المحل أكدت لي
أن بلطجة النساء قد زادت فكم من النساء لا يدفعن، ويغضبن عند الدفع وتبدأ وصلة هائلة من
الشتم والسب والاقلال من قيمة من يقوم بمهمة التجميل، ويتطاول على أسياده. تذكرت هذه
الحادثة وأنا أدفع للمحاسبة النقود قبل أن يقوم المحل بأي شيء وأعدت عليها السؤال: هل
هناك أناس لا تدفع؟ قالت: ممكن امرأة حسابها 300ريال تدخل المحل وليس لديها هذا المبلغ
وتعمل ما تريد ثم تدفع 100ريال وتقول ما عندي، الباقي سوف آتي به بعدين، وتقوم خناقة
من أنواع متعددة، لكنها تصر على عدم الدفع، ويتدخل من بالمحل، ثم تغادر، وينتهي الأمر
بفقدان الزبائن، لأن الجو يصبح جو مشاكل، وليس تجميلاً، أو تتفضل إحدى النساء بالدفع
عنها درءاً للمشاكل. إحدى النساء بعد أن عملت تجميلها، طلبت أن تتصل على زوجها ليأتي
لها بالنقود، وبعدها بدقائق اتصل عليها، فقالت زوجي أتى، فطلبنا منها أن يعطي الحارس
النقود، رفضت بشدة، وقالت إن لم أخرج له سوف يطلقني، ومن ثم اتصل عليها وقالت إنه
يشتمني إن لم أخرج لأستلم النقود، وخرجت ونبهنا الحارس لاستلامها لكنها صعدت السيارة،
وشتم زوجها الحارس وهربت. امرأة أخرى بعد أن انتهت قالت ما عندي فلوس هل سوف
تسجنوني؟ وعندما سألتها المديرة: مادام ليس لديك فلوس لماذا تتجملي؟ قالت بسخرية، وهل
تريدينني أن أذهب العرس دون مكياج أو عمل شعر مثلاً؟ هذه نماذج أعرضها دون تعليق في
مجتمع ينبغي أن يكون التعامل على أساس أن كل الناس شرفاء. ولكن لابد أن أختم بهذه
الحكاية الحقيقية: امرأة سعودية في الملاهي مع أطفالها وشغالتها تتعامل بتعالٍ وعجرفة مع
عمال الألعاب، وكلما وقفت مع أطفالها أمام لعبة من الألعاب والشغالة طلبت من العامل بعد
أن تشتمه أن يجعل أطفالها يلعبون حتى يشبعوا، وليس بانتهاء اللعبة كما هو معروف، وعندما
رفض سبته يا… يا.. أولادي سوف يلعبون كل الألعاب دون مقابل غصب عنك وإذا ما
لعبوا…. أنت والـ…. اللي معاك سوف أرحلكم إلى بلادكم زوجي…… يشتغل في………
سوف يطردكم من البلد… ها سوف يلعبون ببلاش ولا.. لا… وغادرت وهي تترك
أطفالها… وتردد: بلدنا.. وألعابنا والأجانب يتحكموا فينا…

Exit mobile version