أتذكرون قصة ذلك العصفور الحكيم الذي فرّ من قفصه الذهبي ثم أنشد *حريتي أغلى من الذهب!* وصدق ذلك العصفور … لكن…!
لو كان الذي فتح باب القفص هو قط سمين فأيهما عشق العصفور الحرية أو الحياة؟!
ولو كان الذي فتح باب القفص مجموعة من الصبية يريدون أن يعبثوا به ينتفوا ريشه ويطلوا جسمه الرشيق بألوان الطيف فأيهما سيعشق العصفور الحرية أو الكرامة؟!
ولو فرضنا جدلاً أن لهذا العصفور أفراخاً صغاراً زغب الحواصل فأيهما يختار العصفور الحرية أو الأمومة!
هذا المثال الذي يبدو في ظاهره أنه ساذج وبسيط يعكس شيئاً من واقع لأسرة إذا تعاملت مع قضية الخروج من المنزل بمنطق الحرية الشخصية فقط.! إن الحرية المطلقة لوحدها ليست سر الخلاص ومفتاح السعادة بل هي واحدة من كوناتهما الأساسية إذا أحسن فهمها ثم أحسن استخدامها ثم أحسن مزجها مع المبادئ الأخرى التي بمجموعها تبني المجتمعات ولا تهدمها! إن الغلو في تمجيد الحرية الشخصية داخل المجموعات سيؤدي حتماً إلى استعباد الآخرين أو في مصادرة حريتهم على أقل تقدير. ومهما اختلفت العقول حول تحديد هذه المبادئ التي لابد أن تحكم الحرية إلا أن الفطرة السوية لن تختلف بين الأسوياء… وإذا كان الذي فطر الناس هو لله سبحانه تعالى فالذي يجب أن يشرع لهم هو الله وإذا أختلف المشرع عن الفاطر فثمّ التمزق! كتب أحد المغتربين:( في إحدى قاعات الدراسة بإحدى الجامعات لبريطانية ثار حديث عن المرأة والرجل عندما خرجا جميعاً من المنزل وعن حصاد تلك التجربة فما كان من حد الطلبة البريطانيين – والذي تجاوز الخمسين من العمر – إلا أن شارك قائلاً: كان المجتمع الغربي قبل عدة عقود يسير على تقاليد ومبادئ تتخذ العائلة كوحدة اجتماعية للبناء الاجتماعي ، فالرجل كان هو المسؤول ن العائلة ، بما فيها المرأة والولد ، وهو الذي عليه أن يوفر ما يحتاجه البيت ، والأسرة ، والمرأة محلها داخل البيت كزوجة ، وأم للأولاد ، فيحتفظ المجتمع بتوازنه احتفاظ الخلية العائلية بتوازنها ، أما بعد الثورة الصناعية ، والتطورات الأخيرة في العقلية الأوربية ، وبزوغ فكرة الحرية الفردية وعلو شأنها حوالي نتصف القرن الماضي فإن الوحدة الرئيسية للمجتمع لم تعد العائلة ، بل صارت (الفرد) رجلاً كان أم امرأة.. ومن ثم.. وبعد أن تبدلت القيم والمفاهيم ، وشاعت الحرية صارت المرأة لا تعني الزوجة أو الأم للرجل ، بل زميلة العمل أو الصديقة والخليلة ، ولم يعد الرجل بحاجة إلى الزواج وإقامة العائلة كوحدة اجتماعية-في غالب الأحيان – فحاجاته الطبيعية ملباة دون مسؤوليات تلقى على عاتقه ، وهو حر في التنقل بين امرأة وامرأة ، كما أن المرأة حرة في التنقل بين رجل ورجل ، ولقد كان من المنطقي ، وليتناسق النظام ، أن تتساوى الأجور ، إلا أن ذلك لم يحدث ، وظل القانون يحتفظ بتلك الصورة لقديمة الكامنة في الفطرة الإنسانية ، والتي تجعل من الرجل المسؤول عن تأمين احتياجات العائلة ، ومن المرأة زوجة وأماً.. انتهى كلامه. يقول الله سبحانه وتعالى (فطرة الله التي فطر الناس عليها)(لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا