الحياة الأسرية يشوبها بعض التوتر ، وهذا أمر طبيعي يحدث لمعظم الأسر ، بل للأشخاص الذين يلتقون باستمرار ، و لعل المسميات تختلف في حالة وجود الاشكاليات في التواصل بين الزوجين ، فهناك من يلطفها بتسميتها : ( ملح الحياة ) والحقيقة الشرعية الواضحة أن الطلاق شرع حتى يحفظ لكل شخص حياته الطبيعية ، ولعل بعض الاشكاليات الأسرية يكون الحل الوحيد هو الانفصال ، لعيش كل واحد منهم بهدوء ويعيد الاختيار ومواصلة الحياة ، هذا الأمر يكون سهلا وميسرا في حالة عدم وجود الأبناء ، ولكن بوجودهم يختلف كثيرا …
فهؤلاء الأطفال لماحون جدا ، ويشعرون كل التوتر الذي يحدث بين الزوجين ، حتى أنهم قد يتساءلون في حالة وجود صمت بين الزوجين ، لماذا لم تتحدثا كما كنتما سابقا ؟
لأنهم يعيشون معهم ، وعندما يختلف الأمر عليهم فهم كثيرو التساؤل بكل تأكيد ، ويخطئ بعض الأزواج عندما يحيدون الأبناء عن حياتهم ، ويتوقعون أن الأمر لا يتعدى كونه طفلا لم يبلغ الحلم ليعي ما يحدث حوله ، ولعل الحالة التالية توضح لكم ماذا يحدث !
ذات يوم جاءني أحد طلابي بالصف الرابع الابتدائي ، يبكي ويلح للعودة للمنزل على أنه لم يحضر سوى حصة واحدة فقط ، وعندما جلست معه لاستيضاح الأسباب تخيلوا أخر مشهد لاحظه في يومه ، عندما دخل الأب وهو غاضب وفي يده كيس برتقال ، ومباشرة على رأس زوجته ، ليذهب بعدها خارج المنزل ويعود صباحا ، لايقاظ أطفاله للمدرسة ، والابن يرتجف خوفا على والدته يرغب العودة للمنزل لحمايتها ..
هل يعقل تصرف كهذا أمام طفل ماذا يحدث له مستقبلا في حياته ؟
هذا أحد التصرفات اليومية ، فما بالكم بالطلاق عندما لا يجد الابن أبا ولا أما تحنو عليه ، وعندما يطرح تساؤله يعود لذاته ، وخاصة عندما يصبح الأب أو الأم بمكان مختلف عن بعضهما ، ولا يلتقون بهم إلا في الاجازات الرسمية فقط ، ولا يحدث أي محادثة بينهم ، لاشك يحدث الانكسار في الحالة النفسية للأبناء ويعيشون حالة التأرجح ، مما ينعكس سلبا على علاقتهم بمن حولهم ، إما أن يتحول هذا الطفل لمجرم يمارس السرقة ليعوض شيئا ينقصه ، وليس مالا ، ولكن أشياء تنقصه من قبل أحد والديه فهو يعوضه ، أضف لشروده الذهني في المدرسة ، وتفكيره بالمقارنة بزملائه الأكثر استقرارا منه ، مما يحدث له صعوبات تعلم ، تنعكس على مستواه التحصيلي ، وكذلك سلوكه التعويضي ..
لذلك يجب على الأبوين قبل اتخاذ مثل هذا الأمر أن يفكرا جيدا بحالة أبنائهم ، لا يكون أنانيا يحب ذاته فقط ، فهو قد تحمل مسؤولية أن يفرح بوجود طفله ، فلا يتخلى عنه من أجل استمتاعه بحياته ، يجعله مشروع سعادة ، يبحث عن اشياء تنميه وتزرع الفرحة في كيانه .
وعندما يحدث الطلاق ولابد من حدوثه كحل نهائي ولا توجد حلول أخرى ، فالجلسة مع الأبناء وشرح الموضوع لهم بكل صراحة ووضوح يخفف من هذه المعاناة ، ولكن لا يعني أنهم لا يعانون ، لذلك من الأفضل التروي حتى يصبح لكل طفل رأيه الخاص ، واعتماديته على نفسه حتى تقيهم الانحراف بأنواعه الأخلاقي أو السلوكي
……………………………………
خالد بن محمد الأسمري
مرشد طلابي
مدرب تنمية بشرية معتمد
مدرب ومستشار أسري مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني .