في مخالفة صريحة لأنظمة العمل والعمال وتعليمات وزارة الصحة
مستشفيات بالشرقية تستغل حاجة الفتيات للعمل وتمنع غطاء الوجه
الدمام : خالد الجناحي
أثارت شروط استحدثتها بعض مستشفيات القطاع الخاص بالمنطقة الشرقية لتوظيف المواطنات حفيظة الكثير من أسر الفتيات الباحثات عن وظيفة، والتي تجاوزت شرط المؤهل العلمي والخبرة المبالغ بها إلى شرط جمال المظهر وعدم تغطية الوجه أثناء الدوام الرسمي.
وقد وضع هذا التوجه، الذي أصبح عائقا أمام الراغبات بالعمل في هذه القطاعات، مما وضعهن أمام خيارين أحلاهما مرّ، إما التنازل عن بعض عادات وتقاليد المجتمع السائدة أمام الحاجة للوظيفة، وإما فقدان الوظيفة في ظل قلة فرص العمل، مما يعني استمرار الدوران في حلقة البحث، التي لا تنتهي، عن فرص أخرى.
إنهم يستغلون حاجتنا
تقول "عالية.ح"، موظفة استقبال في أحد مستشفيات الدمام الأهلية إن شرط عدم تغطية الوجه سبب لها إرباكاً على الرغم من فرحتها بالحصول على الوظيفة وأنها عاشت صراعا هي وأسرتها لعدة أيام في سبيل اتخاذ قرار من أصعب القرارات في حياتها أجبرتها على اتخاذه ظروف أسرتها المالية الصعبة.
أما "مريم.د"، موظفة أرشيف في مستشفى أهلي بالخبر، فتقول "إن أغلب العاملات معها، ممن اعتدن تغطية الوجه بشكل كامل، وهذه الفئة تقع في إحراجات حينما تلتقي مصادفةً بأقربائها أو جيرانها. وتصف مريم معاناتها وزميلاتها بأنها معاناة مزدوجة فمن مشكلة حرمانها من تغطية الوجه إلى هروب فرص الزواج، حيث تعتقد أن هناك مفاهيم خاطئة يتداولها البعض عن العاملات بالمستشفيات ساهمت في مشكلة العنوسة.
الأسرة لا تمانع.. ولكن
أما "نوف الناصر"، فتؤكد أنه على الرغم من أنها من أسرة لا تمانع من كشفها للوجه وتعتبر ذلك حجابا شرعيا إلا أنها تركت عملها القديم واتجهت إلى عمل آخر لا يجبرها على كشف الوجه، وتقول "لم أكن مرتاحة في عملي السابق الذي كان من شروطه أن أكشف وجهي، فكشف الوجه أثناء تأدية العمل بعيداً عن الأسرة، يعد مصدراً للإزعاج، كأن تتعرض العاملة لمضايقة من بعض المراجعين, والمضايقات متنوعة وأقلها التركيز في النظر وبشكل مزعج خاصة إذا كانت الموظفة سعودية وفي موقع احتكاك مع جمهور معين بلا غطاء الوجه، ولهذا لم أضيع على نفسي فرصة العمل لدى جهة أخرى تعمل في نفس المجال دون مثل هذه الاشتراطات.
وتذكر فاطمة ياسر، مندوبة شركة تأمين تعمل داخل واحدة من هذه المستشفيات، أن مدير أحد المستشفيات حاول أكثر من مرة الضغط عليها للكشف عن وجهها أسوة ببقية زميلاتها، ولكنها رفضت كونها تعمل لدى شركة تأمين، وليس في المستشفى نفسه. وتقول "إن سلوكها هذا دفع زميلاتها العاملات في المستشفى إلى التقدم لإدارتهن بطلب السماح لهن بتغطية وجوههن".
مبررات غير مقنعة
ويؤكد "عبدالمحسن.ع" مسؤول طبي يعمل لدى شركة تأمين "أن شرط خلع غطاء الوجه هو ظاهرة مؤسفة تمارسها بعض مستشفيات الشرقية، وهو لا يجد أي تفسير منطقي في ظل إخفاء المسؤولين للدوافع الحقيقية لفرض هذه الشروط". ويرى عبدالمحسن أن هناك بعض المبررات غير المقنعة التي يدعيها المسؤولين، على سبيل المثال حادثة اختطاف مولود مستشفى الولادة الحكومي في الدمام قبل عدة سنوات. ويضيف "لكن الواقع غير ذلك إذا ما علمنا أن الموظفة السعودية التي نتحدث عنها بعيدةً كل البعد عن الأقسام الداخلية للمستشفى، وأن العاملات في أقسام الولادة هن ممرضات من جنسيات آسيوية، أما السعوديات القابعات وراء "كاونترات" الاستقبال، فلا أجد مبرراً لفرض هذه الشروط عليهن سوى أنه وسيلة لجذب الزبائن، حتى صارت بعض المجالس تصف هذه المستشفيات بـ"شركات السياحة"، ومن ينكر وجود هذه الظاهرة فهو يدافع عن مصلحة ما، وغالباً ما يكون دفاعه عن علم بأن نكران الظاهرة خلاف الواقع أو أن يكون نكرانه عن جهل بما يحصل.
مخالفة صريحة لنظام العمل
من جانبه أكد مدير مكتب العمل والعمال في الدمام سعد اليحيى أن هذه الشروط هي مخالفة للشريعة قبل أن تكون مخالفة لنظام العمل والعمال في المملكة وقال "نحن في السعودية لدينا نظام يفوق جميع الأنظمة الأخرى في حفظ حقوق العمل والعمال يستند على ديننا الحنيف، ومثل هذه الاشتراطات تخالف الشريعة الإسلامية، أما من جهة مكتب العمل والعمال، فلديه تنظيمات لهذه المسائل تنص على عقوبات محددة للجهة التي تثبت عليها مخالفة النظام.
أما مسؤولو مستشفيات القطاع الخاص في الشرقية فقد أجمعوا على نفي وجود مثل هذه الاشتراطات، وقالوا "إن الفتاة التي تعمل دون تغطية وجهها إنما هي تتصرف وفق رغبتها الخاصة".
وزارة الصحة تمنع المكياج
من جانبها شددت المديرية العامة للشؤون الصحية في المنطقة الشرقية في تعميم صدر أخيراً على المستشفيات والمستوصفات والعيادات الخاصة بالمنطقة على ضرورة التقيد والالتزام بالزي الموحد للعاملات في هذه المنشآت أثناء وقت الدوام الرسمي لهن.
وأوضح مدير إدارة الرخص الطبية وشؤون الصيدلة بالمنطقة الشرقية يعقوب الدوسري في الخطاب الصادر من إدارته أن التعميم صدر بعد أن لوحظ تهاون بعض العاملات في القطاع الصحي من عدم الالتزام بالزي الموحد لهن وخروجهن عن التعليمات والحدود المسموح بها، وكذلك ما لوحظ من التهاون في الاستخدام غير الجائز لمواد الزينة والمكياج، حيث لوحظ من خلال قيام الجهات الرقابية في صحة الشرقية بالجولات التفتيشية على المستشفيات والمستوصفات ومجمع العيادات الخاصة في المنطقة، أن بعض المرافق الصحية في المنطقة لم تلتزم ببعض ما ورد في التعاميم السابقة بهذا الخصوص وما زالت هناك بعض التجاوزات الخاطئة من بعض العاملات في بعض القطاعات الصحية والمخالفة لنص تعاميم وزارة الصحة
جزا الله خيرا كل من ساعد على نشره وفضح مؤامرات التحرر التي تحاك لنا