رسائل المجموعة

الإبتعاث…دروس مستفادة

ماهي الدروس المستفادة من الابتعاث؟
لم يرد في خاطري هذا الأمر من قبل أن أُسأل هذا السؤال قبل عدة أيام، و الحق يقال اني جلست أفكر ماذا استفدت من الابتعاث و من بريطانيا تحديداً ؟ أي إجابة سريعة وبديهيه قد تكون اكتساب مهارة اللغة الانجليزية او حتى الحصول على شهادة.
 

ولكن اعتقد بل أؤمن أن هناك الكثير من الأمور التي استفدتها أنا شخصياً واستفادها الكثير من المبتعثين أكثر عمقاً وأكثر نفعا من مهارات لغويه أو معلومات علميه قد تتوفر بالمكتبات او بمقاعد الجامعات السعودية. أنا لا اقلل من أهمية التحصيل العلمي الذي استفاده الكثير من المبتعثين من خلال مقاعد الدراسة في جامعات عريقة و من قبل أساتذة على مستوى عالي من العلم والخبرة فشعورك وأنت تستقي العلم من احد الحاصلين على جائزة نوبل أو احد مؤسسي علم ما لا يضاهيها شعور. ولكن أنا أؤمن أيضا أن هناك أمور عده أيضا قد تكون غير ظاهره و تكتسب مع الوقت. وإلا لو كان هذا هو الهدف فقط فاستقطاب الكفاءات التعليمية لجامعاتنا سوف يكون أكثر وفراً من ابتعاث آلاف الطلاب وعوائلهم!
 
لكي نصَدُق مع أنفسنا علينا قبل ذلك أن نقيم أنفسنا بصدق قبل أن تطأ أقدامنا أراضي الغربة كيف كنا، كيف كانت أفكارنا أو طرق تعاطينا مع الأمور و الأحداث من حولنا. وكيف نتعاطى معها اليوم؟
قد يجد الكثير أن الأمر غير مهم أو انه لماذا نقيم أنفسنا قبل وبعد ماهي الفوائد التي سوف نجنيها ؟ أصدقكم القول أني لم أفكر في ذلك قبل اليوم ولكن بعد تفكير عميق وجدت انه من الواجب أن ننفض الغبار عن ذكرياتنا و بكل حياديه نعيد شريط حياتنا و الأحداث المهمة التي مرت بنا وكيف تعاطينا معها. الأمر لا يعني الكثير هو يعني فقط من يسعى لتطوير نفسه من يعتقد في نفسه أنها تستحق الأفضل وانه قادر على إعطائها ذلك. و اعتقد بأن أغلب المبتعثين هم من الفئة التي تبحث عن الأفضل وتسعى من اجله.
 
كما أشرت سابقاً ان من الأمور المستفادة هي اللغة و العلم وهي أمور اعتقد ظاهره لأنها هي الأساس المعلن، ولكن يوجد الكثير غير ظاهر ويختلف من شخص لآخر فليس بالضرورة أن كل ما اكتسبت اكتسبه الآخرون والعكس كذلك لذلك سوف أحاول أن أتطرق لبعض الأمور التي اعتقد بأني اكتسبتها أو آني مارستها بشكل أكثر انتظاما مما كنت عليه سابقاً.
 
النظام

على الرغم من أن احترام النظام و الانضباط قد حثنا عليه ديننا الحنيف إلا أنه للأسف كثيراً ما نخالف النظام لا لأننا لدينا الرغبة بذلك ولكن لأنك تشعر بأنك تظلم باحترامك للنظام والجميع لا يحترمه! مثال على ذلك الوقوف في صف أو طابور من أجل الحصول علي خدمه معينه وشاهدت الكثير يسبقك في إنهاء أموره لأنه وبكل بساطه لا يقف في ذالك الصف فإنك و بطبيعتك البشرية سوف تشعر بالكثير من الغضب و أن النظام لم يساعد في تسهيل و تسريع حصولك على الخدمة بل أصبح عائقاً . لذلك تلعن النظام وساعته و تشمر عن ساعديك و أنت تقول “مادون الحلق إلا اليدين” .
أما اليوم و بسبب الكم الكبير من المبتعثين فإن هذه الثقافة أصبح لها أنصار كُثر في البلد مما يسهل مهمتك كشخص يحاول أن يحترم إنسانيته و إنسانية الآخرين.
منظر حضاري للكثير من الناس في طابور من اجل الحصول على الايفون في مانشيستر
أما ربط الحزام فالحق يقال أني لم أكن قبل الابتعاث من هواة ربط الحزام. ولا ألوم غيري على ذلك لأنه وضعت أنظمة و أصبح يتم مخالفة من لا يلتزم بها مع ذلك لم ألتزم و كذلك الكثير أما السبب فهو “ ثقافي” فأنا هنا اليوم أربطه لا إرادياً ربما لأنه أصبح شي بديهي كالتنفس من يستقل المركبة ويجلس في المقصورة الأمامية فهو يربط الحزام لا إراديا مثلها مثل إقفال الباب لا تحتاج لتُفَكِر كثيراً في الأمر قبل أن تفعل ذلك.
 
ثقافه الإستماع

من خلال معاشرتي للكثير من الأجانب في هذه البلد وجدت أن لديهم أمراً جميل نفتقده كثيراً و هو الحوار و عدم التعصب و التشنج لفكره معينه ودون أخرى، فطبيعتهم هادئة مما تساعد على السماع والإنصات لمده أطول من بعضنا و استيعاب ما يقال و من ثم الرد علي ما قِيل وذلك يختلف عن بعض حواراتنا و التي السكوت هو فقط من اجل الاستعداد للانقضاض و تدمير فكر الآخر.
كثيراً ما اقتنع معارضيني من الأجانب بأفكاري لا لأني محاور بارع بقدر ما أنهم مستمعون رائعون يساعدونك و يعطونك فرصه لكي تقول كل ماعندك بدون أن تخشى ان تتم مقاطعتك.
فبدأت أحاول أن اسمع وان أنصت إلى أن ينتهي الطرف الآخر من حديثه بشكل كامل  بدون أي مقاطعه من قِبَلي ليس ذلك فقط بل الفترة التي اقضيها صامتاً لا يجب ان أفكر في كيف سوف أرد على كلامه بل يجب ان اقضيها مستمعاً و مصغياً لما يقول لا شيء أكثر من ذلك.
إن هذه الثقافة من وجهه نظري لا تدرس ولا تولد مع الإنسان إنما هي ثقافة مكتسبه من خلال البيئة التي يعش بها الشخص و من خلال ممارسته لحقه في التحدث بدون أن يقاطع وفي حق الآخرين بأن تستمع لهم بدون أن تقاطعهم.
صحيح أني بعض الأحيان لا أستطيع أن أصبر فأُقاطع من أمامي ولكن سرعان ما أتذكر فأسحب جيش كلماتي  و أوقِفها عند حدها ذلك من اجل أن أفسح المجال له ليقول ما لديه لأنه حقً له كما هو حق لي ان أُسمع و أن أقول مالدي بدون أي مقاطعه من أحد. و لكن مايسعدني اني أحقق تقدماً كبيراً عما كنت عليه سابقاً. و الشكر لله ثم لهؤلاء الأجانب.
 
“شكراً” “تفضل” “اسف” “ لو سمحت”

وتصحبها ابتسامه هل يمكن أن تذهب إلى مكان في بريطانيا من دون أن تسمع إلى تلك الكلمات مصحوبة بابتسامه؟؟
سوف أحاول أن أصور موقف يحصل كل يوم و في كل مكان ولكن الآن نحن في مطعم “ ماكدونالدز “ في وسط المدينة فترة الغداء الطابور طويل في كثير من الأوقات يصل إلى خارج المطعم، جميع من في هذا الطابور إما يتحدث مع من بجواره أو يقرأ كتاباً المهم أن لا يجلس بدون عمل معين  ولا تشاهد أحداً متذمراً من طول الطابور ! أنا في داخل المطعم ينادي موظف الكاشير “ التالي لو سمحت” “Next Please” و عندما تتقدم تجد ابتسامه تعتقد منها انه اسعد من على وجهه الأرض والحقيقة انه قد يكون عكس ذلك ويلعن الساعة التي عمل بها في ذلك المكان ولكن العميل لا يجب أن يشعر بذلك لأنه وببساطه لا يعنيه ذلك. فيقول لك والابتسامة تعلو محياه أيضا كيف “أستطيع أن أخدمك اليوم”. تطلب طلبك و يقول لك “4.5 باوند لوسمحت” بعد ذلك يرد لك الباقي ويقول ، تفضل الباقي و شكراً لك.
 
هذا موقف واحد يحدث في كل مكان فهذه الكلمات أصبحت شيء أساسي في حياتهم. لا يهم  رفضنا لسياسات بلدهم أو مؤامرات حكوماتهم التي تحاك ضدنا و إلى آخره من تلك الأمور التي يرددها الكثير.
مايهمني هنا كيف تتم معاملتي في بلدهم و كيف نعامل نحن الأجانب في بلدنا!
هذي من أهم الثقافات التي اعتقد انه اكتسبها الكثير من المبتعثين وهي ثقافة الشكر و التأسف و الابتسام أو على الأقل أتمنى أن يكون اكتسبها البعض لأنها قبل ان تكون ثقافة أجنبيه هي ثقافة إسلاميه بحته فإبتسامنا في وجه أخينا صدقه.
فلنتصدق على بعض و لنتصدق على العالم.
 
حب القراءة

الحمد لله أني اقرأ من قبل أن أُسافر وإن شاء الله أني سوف أستمر أقرأ إلى آخر يوم في عمري.ولكن كيف أصبحوا شعباً يقرأ. ببساطه من شب على شيء شاب عليه فمن البداية والدته تقرأ له قبل النوم منذ أن كان طفلاً رضيع

و بعد ذلك تعلم القراءة فأصبح أهله يأخذونه لمكتبة الحي التي تقدم كتب للأطفال بشكل مجاني و هي مكتبات مخصصه لتحبيب الأطفال بالقراءة فهي مصممه لغرس حب القراءة في نفس الأطفال  من خلال مزج المرح و اللعب بالقراءة . صدقوني لو قلت أن ذلك علم وتصميم هذه الأماكن لا تأتي من فراغ بل من خلال دراسات و أبحاث تدرس نفسية الأطفال و تحولها إلى فراغات تحقق لهم متطلباتهم

أتمنى أن أجد لأطفالي مثل هذه الأماكن في بلدي لأنها ليست ترفاً ولا بذخاً بقدر ماهي تأسيس لجيل يقرأ من جديد.
بالإضافة إلي أنه يشاهد والديه يقرأون بشكل دائم. من هنا أصبحت القراءة شي أساسي بالنسبة  له لأنها انتقلت من كونها تقليد طفل لمن هو اكبر منه إلى ثقافة لا يمكن ان يتوقف عنها.
 
المشاركة الاجتماعية
بدأًً بالمنظمات الطلابية التي تحظي بقوة في الجامعة ويمثلها الطلاب أنفسهم وتعتمد على الانتخابات السنوية تقوم بالكثير من الأنشطة و يندرج بداخلها أقسام كثيرة تغطى اهتمامات الغالبية العظمى من الطلاب والتي استفدت منها و استفاد آلاف الطلاب الآخرون. مثلا من المطالبات التي طالبت بها الجالية الإسلامية بالجامعة هي وجود مصليات بالجامعة غير المسجد و بسبب قوه المنظمة و اهتمامها بكل أعضائها تم إقناع إدارة الجامعة لتخصص مناطق بالجامعة لكي تكون مصليات. بالإضافة للمطالبة بأن تكون المكتبة مفتوحة 24 ساعة وتحقق لهم ذلك.
وغير منظمة الطلاب هناك آلاف المنظمات و الجمعيات معترف بها من قبل الدولة قد لا يتعدى عدد أعضائها عدد أصابع اليد الواحدة. هذه الثقافة أعجبت بها كثيراً وشاركت في بعض المنظمات المهنية التي تهتم بالمهندسين، المعماريين و العاملين في مجال المقاولات  والتي تقدم اشتراكات مجانية للطلاب و بالإضافة لإقامتها العديد من الفعاليات و الدورات التدريبية و الكثير من الأخبار و المقالات المفيدة التي يكتبها العديد من منسوبي الجمعية والأجمل من ذلك وجود كيان يهتم باحتياجاتك ويدافع عنك لأنك احد أعضاءه.
 
والكثير الكثير من الأمور التي وجدت أني استفدتها بالغربة ولكن اعتقد أن ذلك أكثر ما استفدته من خلال السنتين الماضيتين.
 
لذلك أقول
height=190
 
دمتم بخير
عبدالعزيز النعيم


تابعوا جديد شبكة أبونواف على فيس بوك وتويتر

مقالات ذات صلة

‫6 تعليقات

  1. حنا في مجتمعنا قلت قرائة الكتب حتا القرأن صار مهجووور امايذكروووونه الى في وقت الحاجة او في رمضان…انا مثلاُاعلم اطفال اخوتي القران وارسم لكي يصبحون في مدارسهم يدركون ذالك والأن احاول ان اعلمهم على الحساب اريد ان اطووور تعليمهم …واقوي ذاكرتهم..تقبل مرووور…موضوعك جميل واتمنا الكل يستفيد منه سلووومات اناملك على الطرح الررررائع

  2. كلام صحيح .. لو ان ديانتهم مش مثل ديانتنا بس يرسخوا فينا أخلاقهم الحميده طبعاً .. ThanQ Britain

  3. الابتعاث تجربة تأخذ كما تعطي..بريطانيا من أسوأ الدول التي عشت فيها..تعامل سيء وعنصرية واستغلال.. شعب جامد وكريه بكل ماتحمله الكلمة من معنى تعلمت منهم النظام وشكراً وبليز وآسف..ولكنهم علموني بالمقابل أن الإنسان لا قيمة له في بريطانيا إلا بماله أولاً وبلونه ثانياً فالحمدلله الذي ردّنا لأهلنا سالمين

  4. الكــثير مما ذكرته يحث عليه ديننا الحنيف ,,, ولــكن استفاد من الغرب ولم نستفيد منه ,, والمبكي ان من يذكرنا ويعيدنا إليه هم الغرب .. الأهم ان تعود هذه العادات ولم يهم من ذكرنا فيهاا.. وان شاء الله تكون انت وزملاءك معيدون هذه العادات لمجتمعنا

  5. بسم الله الرحمن الرحيم نحن امه اقرا ولكننا للاسف لانقرا ديننا يامرونا بالقراءه ولكن قل منا الذين يقرون وديننا يامرونا باحترام الكبير والصغير الذي وجدنها عند الغرب يطبقونها على اكمل وجه مع الابتسامه الدائم في وجه الاخرين .لكن لايعني هذا اننا نزكي الغرب ونقول انهم افضل مننا بل الذي جعل الغرب يتقدم علينا هو اننا لانقرا ولا نحث صغارنا على القراءه لافي المدارس ولا في المنزل ولانحب البحث عن المعلومه بل نريد المعلومه ان تصب في اذهاننا دون اي جهد نبذله انا اتكلم عن الغالبيه لان هناك اناس يقرون .

  6. اخي الكريم كما قالو المغتربين وجدنا اسلام ولم نجد مسلمين !! وجدوا تعاليم الاسلام ولم يجدو مسلمين اتمنى اتمنى اتمنى ان ترجع بلادنا لهذه العادات بس حبيت اذكرك في اشياء ما ذكرتها الفرق في السواقة ! والامانة !! وغيرها من الاشياء الي من جد نتمنى انها تكون عندنا اعتقد انو اغلب المبتعثين حيرجعو بلدهم و حيغيرو فيها الاشياء الكثييييييرة ازا مسكو مناصب ودا الشي الي نطمحلو

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى