الأسرة.. التربية.. التعليم.. يا أحمد الشقيري!

/

بقلم: محمد المخلفي

قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”، فعندما علمنا الرسول الكريم هذا المكارم والتقت الأخلاق بالدين، تحقق العلم، فنبغ أجدادنا في كافة العلوم وفتحوا الأمصار في المشرق والمغرب، وعندما بدأنا نحن من بعدهم بعد أن تخلينا عن قيمنا وأخلاقنا في الانفتاح على الغرب لم نأخذ منهم سوى التمرد على الأسرة وعدم احترام الوالدين والخروج عن طاعتهم..

أتعرف يا أحمد الشقيري كيف أستطاع اليابانيون أن يحققوا المستحيل في أربعين سنة بعد أن دمرتهم القنبلة الذرية، أعتقد من الصعب أن يفهم ذلك من أتى إلى ديارهم في زيارة عابرة ربما هي أقل من شهر أو يزيد، من الصعب أن نفهم كيف حققوا المستحيل في حين أننا نرفض تقبل حضارتهم ونفكر في الحضارة الغربية..
عزيزي أحمد نحن نحاول أن نستجلب ثقافة الغرب إلى بلادنا وننهل من معينها، نسعى إلى تحرير الأسرة وزعزعتها تأسياً بالغرب، في حين يحافظ اليابانيون على الأسرة وعدم خروج الأبناء عن إطاعة والديهم..
عزيزي أحمد نسعى إلى تحرر المرأة من البيت والتبرج والعمل خارجه، في حين تقوم أغلب اليابانيات بالتفرغ لمنزلها وتربية الأطفال وترك العمل بعد وصول أول مولود لها..
عزيزي أحمد نسعى إلى تحديد النسل أسوة بالغرب، الذي بدأ يجر ويلات ذلك في أوروبا وعالجه بالاعتماد على هجرات بعض الأجناس والأديان، في حين عندما كشفت الدراسات في اليابان أن نسبة كبار السن أكثر من الشباب شجعوا الأسر على تعدد الإنجاب، لإعادة الدماء الشابة للدولة..
عزيزي أحمد أتعلم أنه عندما تأسست أول وزارة للتربية والتعليم في اليابان عام 1876م رفعت شعار القضاء على أمية القراءة والكتابة في عشرين عاماً وبالفعل في عام 1896م قضت على الأمية، ونحن هنا نحاول أن نقضي على أمية الحاسوب قبل أمية القراءة والكتابة..
عزيزي أحمد أتعلم أنه لا يسمح للياباني بالعمل في أي مكان بدون أن يحصل على شهادة إتمام المرحلة الثانوية، ونحن كم لدينا من شاب لا يحمل إلا الإبتدائية أو المتوسطة..
عزيزي أحمد أتعلم أن أكبر إهانة لشركة يابانية هو أن يتركها أحد موظفيها لحصوله على فرصة أفضل في مكان آخر..
عزيزي أحمد ليتك زرت شركة فوجستو أو توشيبا فقد تدربت في الاثنتين ولاحظت كيف يعمل اليابانيين كفريق عمل واحد حتى أن طبيعة المكاتب تساعد على ذلك، وليس كل شخص بمفرده كما لدينا..
عزيزي أحمد أتعلم أن الوزير والفراش في اليابان يأكلون نفس الطعام ويشربون نفس الشراب كلهم سواسية، لا فرق بينهم..
عزيزي أحمد أتعلم أنه عندما بدأ اليابانيون يعجبون بالألبسة الغربية من بناطيل وقمصان مقابل الألبسة اليابانية التقليدية لم يقفوا في وجه التغيير وإنما اعتبروا أن هذه الألبسة تساعد على العمل والتنقل براحة، وأوقفوا استيرادها من الخارج ولكنهم قاموا بإنشاء المصانع لصناعة وحياكة هذه الألبسة ليستفيد اقتصاد الوطن بدل من أن تذهب الخيرات للخارج، في حين نثق نحن بالصناعة الرخيصة من الخارج أكثر من الصناعة الوطنية الغالية والمكلفة وقليلة الجودة..
عزيزي أحمد أتعلم أن اليابانيون يشكرون الناس ويقدرون تعاملك معهم حتى ولو كان ذلك بسيطاً، فعندما كنت هناك قام صديقي من على الكرسي المخصص لانتظار الباصات من أجل أن تجلس سيدة كبيرة في السن تنتظر أن يأتي زوجها، وما إن جلست حتى سألتنا أين نسكن، وعندما قدم زوجها تحدثت معه وأستأذته ومن ثم طلبت منا الركوب معهم لإيصالنا إلى سكننا القريب جداً من سكنهم، نعم يا أحمد هي قدرت ما فعله صديقي ولو أنه من حقها، في حين نقول نحن “من لا يشكر الناس لا يشكر الله” ومع ذلك لا نلتزم بها نهائياً..
عزيزي أحمد مهما حاولنا أن نفهم الثقافة اليابانية أو أن نقلدها لن نستطيع أن نصل إليها بدون القضاء على أمية القراءة والكتابة في بلدنا، وأن نهتم بالأسرة أكثر، وأن نقضي على المحسوبيات ليصبح الجميع سواسية..
عزيزي أحمد لسنا بحاجة إلى منظرين، بل نحن بحاجة إلى أناس تعمل بجد لتعتلي بلدنا منصات الأفضلية بين دول العالم..

Exit mobile version