انظر إلى الصورة أسفل الرساله
حســام والصرصار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
أروي إلى حضرتكم قصتي والتي عانيت منها كثيراً سميتها (قصة حسام والصرصور)، حيث تبدأ قصتي عندما دخلت إلى البيت في أحد الأيام وكانت والدتي بانتظاري كالعادة ولكن هذا اليوم لتريني شيء ما. رافقت والدتي إلى المطبخ وأخبرتني انه تم شراء جبن نوع خفيفة الدسم، في الحقيقة لم أستغرب هذا الموضوع حيث كان والدي حفظة الله عادة ما، ولكن عندما أرتني قطعة الجبن أصبت بذهول.
كانت قطعة الجبن من منتجات شركة حلواني إخوان من نوع (جبنة تشيدر خفيفة الدسم) حيث كانت تحتوي على حشرة متوسطة الحجم، للوهلة الأولى عندما رأيت الحشرة تبادر إلى ذهني أنها وقعت أثناء التعبئة والتغليف لقطعة الجبن (وهي مصيبة أين مراقبة الجودة). ولكن بعد التدقيق تبين أنها وقعت في المنتج أثناء الطبخ أو الصب على الأغلب وذلك لأن بعض أجزاء الحشرة داخلة ضمن تكوين العينة وهذا يؤكد أنها ليست بفعل فاعل أو خطأ تعليب بل هو سوء مراقبة للجودة وعدم الاكتراث لصحة المستهلك (وهي المصيبة العظمى).
كانت والدتي تنوي رمي قطعة الجبن ولكن خطر ببالي أنه من الممكن استغلالها للحصول على الأقل على قيمة المنتج لأني أعلم أن النظام مختلف عن الموجود في الدول الغربية المتقدمة، فاتصلت على فرع الشركة بمدينة الرياض لأن الفرع الرئيسي والمصنع موجود بمدينة جدة وأخبرتهم بما تم العثور عليه ولكنني صعقت بالرد، حيث قال لي أحد الموظفين والذي وصف نفسه بالمسؤول عن فرع الرياض وكان يتحدث بلهجة شامية: (لا أظنك تتحدث بالصدق، ولو حتى كان كلامك صحيحاً فهي غلطة في التعبئة والأمر أبسط مما تتصور).
لم استطع أن أكمل المكالمة مما اضطرني على أن اغلق خط الهاتف في وجه الشخص وقد كان بجانبي عدد من الأصدقاء الذين سمعوا المكالمة واستغلوا الفرصة للتعليق على الموقف. قال الأول: (انتظر ألا تعلم أن الأسلوب الجديد للحفاظ على جودة المنتج هي بوضع حشرات عليها). بينما قال الثاني: (ربما إنه أسلوب جديد في تنويع نكهات للمنتجات). وقال الثالث: (سيتم مخاطبة الصراصير لاستلام الجثة) … وغيرها من تعليقات بينما كنت أفكر في كيفية التعامل مع الرد الذي سمعته، أول شيء خط ببالي أن أصور عينة الجبن وأرسل الصورة إلى أحد الجرائد المحلية، اتصلت على المصنع لأتحدث مع مسئول آخر أيضاً يتحدث باللهجة الشامية أيضاً وأخبرته بتفاصيل المشكلة من بدايتها فسررت عندما وجدت التجاوب من هذه المسئول حيث طلب إرسال العينة إلى المصنع أو تسليمها لفرع الشركة بالرياض لتقوم بدورها بإرسال العينة لإجراء بعض الاختبارات.
فالحقيقة فكرت في الموضوع ورأيت أنه في حال تسليمهم العينة سيتم إغلاق الموضوع ورميها في سلة المهملات، لذا قمت بإرسال الصورة عبر البريد الالكتروني والفاكس إلى بعض الجرائد المحلية مرفقاً رقم هاتفي في حال الرغبة في التأكد ورؤية العينة دون أي تجاوب منهم، وبعد يومين فوجئت باتصال من جدة من شخص آخر يقول أنه أيضاً مسئول وأنه لا مانع لديه من تسليم العينة إلى وزارة التجارة أو أحد البلديات فبحكم علاقات الشركة يمكنها استرداد العينة وإغلاق الموضوع التافه.
ازداد غضبي وقررت إرسال خطابات مزودة بصورة العينة ورقم هاتفي إلى بعض المنظمات الغذائية ووزارة التجارة وبعض البلديات والجرائد السعودية عبر الانترنت، ومن ثم ذهبت بالعينة إلى قسم شرطة الملز وقابلت رئيس التحقيق لرفع شكوى وتثبيت الحادثة ولكن للأسف رد الضابط: (إن هذا الموضوع ليس من اختصاصنا، وأن البلدية هي الجهة الوحيدة المختصة) أخبرته أنها مسألة وطنية وأنني قد اتصلت على البلدية وأخبروني بوجوب التبليغ لدى الشرطة.
خرجت من مركز الشرطة وتوجهت إلى بلدية الملز وقابلت رئيس البلدية وأطلعته على العينة فوجهني لقسم المواد الغذائية والتي ستتكفل بدورها بعمل الإجراءات اللازمة، قدمت العينة للقسم مع خطاب تعريف عن مقدم العينة. و تفاجأت من رد مدير القسم عندما قال: (هذا ليس من اختصاصنا وتوجيهات صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله واضحة بعدم التدخل في صلاحيات الغير) كان هذا الرد سببه أنني اشتريت الجبنة من حي المصيف ولم يقتنع أنه منتج معلب يصنع بمدينة جدة وانه بإمكانه رفع الشكوى إلى الجهات المعنية صاحبة الصلاحية.
خرجت يائساً حائراً أفكر ما هو الباب التالي الذي من الممكن أن أطرقة وألمس تجاوب، وفجأة رن هاتفي النقال، كان شخصاً من شركة حلواني وهو مدير المبيعات بالشركة وقد وصل تحت يديه الفاكس الذي كنت قد أرسلته سابقاً وأخبرني أن إجراء الشركة واضح وصارم في هذه الأمور حيث أن الشركة حاصله على شهادة الأيزو العالمية والتي تقوم بدورها بمراقبة جودة التصنيع، وطلب مني أن أسلم العينة ليتم اختبارها والرد رسمياً بنتائج الاختبار وتم الاتفاق بهذا الخصوص، في الحقيقة وجدت أنها فرصة يمكن من خلالها التخلص من الجبنة وهمها.
حضر مندوب شركة حلواني إخوان بفرع الرياض إلى مقر عملي لاستلام العينة، حيث قمت بطباعة خطاب يتضمن بعض المعلومات عن المستلم وأرفقت صورة للعينة حيث يتم الاستلام بعد التأكد من مطابقة الصورة مع الأصل، و تسليمهم العينة رسمياً كما هو المتبع في الدوائر الحكومية.
بالطبع رفض المندوب التوقيع على الورقة لتجنب المسئولية وأخذها لتوقيعها من قبل المدير المسئول عن فرع الرياض. بقية الورقة لمدة يومين دون أي رد أو توقيع مم اضطرني للذهاب لموقع الشركة ومقابلة مدير الفرع، كان موظفاً من الجنسية المصرية (أين ما يسمى بالسعودة) يجلس خلف مكتب وكأنه الشخص الوحيد الموجود بالإدارة، سألته عن مكتب المدير فأخبرني أنه هو المدير في الوقت الحالي.
أطلعت المدير على العينة حيث كنت أحملها معي وبادرته بالسؤال عن ورقة الاستلام للعينة فقام بمكالمة المصنع بجدة وأعطاني السماعة لأتحدث مع مدير المبيعات بالشركة. في البداية حاول مدير المبيعات إحراجي بقوله: (لماذا هذا الأسلوب في الاستلام، هل هو تشكيك في كلامنا من ناحية التعويض والرد على شكواك رسمياً) فجاوبته بأنه لا يوجد سابق معرفة يضطرني للتصديق أو عدم الثقة بين الطرفين ولكن لمجرد حفظ الحقوق، كان اعتراضه على أسلوب الكتابة لورقة استلام العينة حيث يمكن استخدامها في أغراض غير شريفة من قبل أشخاص آخرين .
لم يقنعني حديثة ولكني سئمت من وجود العينة معي وكثرة التفكير فيها ففكرت أن أسلمها للمصنع لاختبارها حسب كلام مدير المبيعات أو للتخلص منها حسب اعتقادي مقابل كتابة ورقة باستلام جبنة خفيفة الدسم متضمنة الرقم التسلسلي وتاريخ الإنتاج وانتهاء صلاحية العينة مختومة وموقعة من مدير فرع الرياض وقد استلمت الورقة وسلمت العينة مع تزويدهم برقم هاتفي ورقم الفاكس لإرسال نتائج الاختبارات عليه.
تحدثت في نفس الوقت مع مدير المبيعات في جدة أنني قمت بإرسال الصورة إلى بعض الصحف المحلية فأخبرني كلمة قررت بعدها أن أنشر هذه القصة وهي: (نحن شركة لنا وزننا في السوق والشخص الذي يقول أنه رجل وابن أمه وأبيه ينشرها في الجريدة ستجده في السجن في اليوم التالي حيث أن الدنيا ليست فوضى، وحتى الجهات الحكومية مثل البلدية ووزارة التجارة يوجد لدينا أناس ينهون أعمالنا بداخلها).
بعد هذه الدوامة بدأت تراودني بعض سؤال: ما هو مفهوم الفوضى لدى مدير المبيعات في شركة حلواني إخوان؟ لماذا يوجد لدينا العديد من الأقلام الجبانة؟ لماذا الروتين والتهرب من المسئولية؟ أين حماية المستهلك؟ أين السعودة؟ وغيرها من أسئلة أتمنى أن أجد أجوبة عنها.
وأتمنى لكم دوام الصحة والعافية،،،
المهندس/ حسام بنجي