السـلام عليكم ورحمه الله وبركـاته ..
كيف الحــال جميعـاً ..!!
طبعـاً ذي أول مشــاركة لي .. وبمـا أن الأوضـاع في فلسطين متدهوره
قلت بشـاركم في قصة من كتـابـاتي 🙂
.
.
.
منذ أن فتحت عينـآي على هذه الدنيـآ، وآنـآ أسمع ألحـآن الصوآريخ ومقطوعـآت منفردة من صرخـآت من حـولي، كـآن منظرهم كـ اللوحة التي لُوِنتْ بالدمـآء، وأصوآتهم سنفونيـآتٍ صـآخبة تصم الآذآن.
لم أشعر بـ الأمـآن يوماً، ولا أعتقد بـأني سوف أشعر به، لطـآلمـآ رآيت وآلدتي تعزل نفسهـآ في زآوية غرفتنـآ الصغيرة عندمـآ يبدأ الظلام بالهجوم علينـآ، أتذكر منظرهـآ جيداً يدآهـآ الهزيلتـآن مرفوعتـآن للأعلى، وشفتـآهـآ المتشققتـآن تتحرك ببطئٍ شديد تدعو الله بأن يحفظ آولادهـآ وزوجهـآ، أتذكر جيداً دمعـآتهـآ السـآخنة التي بللت ملابسهـآ السودآء والتي لُوِنَت بغبـآر الحرب.
يـآ إلهي رحمتك، أي حـآلٍ نعيشه وسوف يعيشه أطفـآلنـآ.
سنوآت كثيرة مضت علينـآ، كنـآ قد اعتدنـآ على تلك اللوحـآت المسمومة، والسنفونيـآت المدوية، كـآنت أعيننـآ المرهقة قد اعتـآدت على رؤيتهم يتجولون في شوآرعنـآ الضيقة بملابسهم الخضراء وأسلحتهم القوية. لم أشعر بالخوف منهم ولطـآلمـآ حلمتُ بأنني أمزقهم بيدي الصغيرة، ولكني دآئمـآً أتذكر صوت وآلدتي وهي تطلب مني الإبتعـآد عنهم.
– أبي .. إلى متى سنظل هكذا ..!!
– إلى أن يشـآء الله يـآ عزيزتي .. إلى أن يشـآء الله
كنت هذا السؤال اسطوآنتي المعتـآدة، التي أكررهـآ لوآلدي يوميـآً، وكـآن هو دآئمـآ مـآ يجيبني بـ [ إلى أن يشـآء الله ]، كنت بين نفسي أسـآل متى يشـآء الله بأن تتوقف هذه الحرب ..!!
عقلي مـآزل رطبـآً لذلك كنت دآئمـآ مـآ أفكر هكذا، لكن الآن أصبحت فتـآةً كبيرة، أعي مـآذا يحدث هنـآ، ومنذ أن كبرت لم يخطر ببـآلي يوماً سؤال وآلدي مرةً أخرى.
عندمـآ كنت بالخـآمسة عشر، توفى أخي الكبير، أتذكر تلك الحادثة جيداً، كـآنت دبـآبـآتهم الضخمة تتجول في شوآرعنـآ، والجنود منتشرين مثل الكلاب المسعورة تبحث عن جثة تنهش جسدهـآ الضئيل، كـآنت عينـآي تلاحقهم أينمـآ ذهبوا، كنت دائمـآ مـآ أخـآف من أن يهجموا عليّ فجأة ولا أجد من ينقذني من أنيـآبهم.
أتذكر بأن أخي قد مسك يدآي بقوة، وكـآنة يقرآ أفكـآري التـآئهة في تلك الشوآرع، فجآة، سمعنـآ صوت إنفجـآرٍ حـآد، وكـآن تلك القنبلة قد انفجرت في أذني، وجدت نفسي مرمية بالأرض، وجسد أخي يحضتنني بقوة وكـآنه يحميني من الأعدآء.
آهٍ عليك يـآخي، رحمة الله عليك، رحمة الله عليك يـآ أخي.
بكـآء أمي ونحيبهـآ المستمر مـآزال يطرق مسـآمع أذني، صورتهـآ المنكسرة آمـآم نـآظري، جسدهـآ الهزيل يلف نفسه بقوة، وعظـآمهـآ البـآرزة تهتز من قوة الألم المغروس في صدرهـآ.
أي ألمٍ مغروسٌ بين حنـآيـآك يـآ أمي، أي قوةٍ تلفين بهـآ جسدك الهزيل يـآ أمي، أي جدارٍ تتكئين عليه كي لا تقعي يـآ أمي ..!!
حتى وآلدي، كـآن بحـآجة مـآسة لأن يخفف عليه أحد من وطء مصيبته، احتضن وآلدتي بقوة وكـآنه يستمد القوة منهـآ، أو بالآحرى كـآن كلامهمـآ يستمد القوة من الأخر، لا أعلم هل اكتسبـآ قوةٌ جديدة، آم فقدآ جزءاً كبيرهـآ منهـآ بعد وفـآة أخي ..!!
كـل ثـآنيةٍ تمر عليّ أشعر بـ جرحي يكبر أكثر فـ أكثر، ونزفٌ خفيٌ تكـون في دآخلي، يقتلني ببطءٍ شديد، كـآنت مشـآهدتي لأحبـآئي يموتون آمـآمي جرحٌ كبير، سمـآع صرخـآتهم المخنوقة في وسط دخـآن لهيب النـآر كـ السم الذي ينتشر بسرعةٍ في نفسي، دمـآئهم الشريفة التي غطت أرضنـآ الغـآلية، كـ خلايـآ السرطـآن الخبيث التي تنهش أروآحنـآ ببطءٍ.
اللحظات بطيئةٌ جداً، وانتظـآر قدوم ملك الموت لقبض أروآحنـآ التـآئه مؤلم، أتوقع بأن جميع من في الحي ينتظره كي يـآخذه من هنـآ، ويريحه من عذآب الحرب القـآسية.
– سحر .. لا أريد أن أموت في هذه الحرب
– آنـآ أفضل الموت يـآ صديقتي على العيش بعيداً عن آمي فلسطين
– أريد أن أتزوج وأنجب عدداً من الأطفـآل
– ليعيشوا هنـآ، وتتكرر مآسـاة أمهم ..!!
– لا بالطبع لا أريد ذلك
– إذن ..!!
– إنني أريد أن أنجب أطفالآ كي يحـآربوا هؤلاء الوحوش
أتذكر تلك الابتسـآمة الجـآنبية التي رسمتهـآ على وجهي، برآءتهـآ الجذآبة، وجههـآ الدآئري، عينـآهـآ الزرقـآء الوآسعتـآن، وشعرهـآ الأشقر الحريري، كل هذا يجعلني أتعلق بهـآ وبشدة.
كـآنت تعيش بالمنزل المجـآور لنـآ مع عمهـآ، وآلدآهـآ كـآنـآ قد توفيـآ وهي في الخـآمسة من عمرهـآ، قـآلت لي وآلدتي بأن أمهـآ عندمـآ توفيت كـآنت تحتضنهـآ بقوة لدرجة آنهم استطـآعوا فكهـآ من يدي وآلدتهـآ بصعوبة. بالطبع فهي تريد أن تحمي ابنتهـآ الصغيرة من تلك الذئـآب البشرية التي تحوم حول فريستهـآ وتنتظر الفرصة المنـآسبة لتنقض عليهـآ دون رحمة.
أغمضت عينـآي بصعوبة، لا أستطيع النوم أشعر بالخوف، أخـآف بأن أغفل لأجد نفسي مرميةً في الشـآرع، وأشلاء عـآئلتي متنـآثرةٌ بإهمـآلٍ على الأرض، أصوآت الإنفجـآرآت ترهبني، مأ أن أغمض عينـآي حتى أجد الدمـآء متنـآثرة في كل مكـآن تغسل الأرض التي نطؤهـآ، أرى جثث النـآس مرمية حولي وآرى الكلام تنهش لحمهـآ بشرآسة.
تلك الكوآبيس دآئمـآ مـآ تتردد في مخيلتي، رحمـآك يـآ الله، أرحنـآ من هذا العذاب.
لا أدري كم يومٌ أغمضت عينـآي، لكني وجدت بآن غزةَ فلسطين محـآصرة، صوآريخهم تهطل علينـآ مثل الأمطـآر، بيوتٌ تنفجر بأهلهـآ، وأشلائهم تسقط علينـآ كـ الثلج، ودمـآؤهم تبللنـآ ولوهله اعتقدت بأن المطر أصبح أحمراً.
أطفـآلٌ كثيرة تيتمت، نسـآءٌ ترملت، وعجـآئز تبكي بحسرة على أحد الشوآرع، أي قلبٍ يملكه هؤلاء ..!! لا أعتقد بأن في قلوبهم قطرة صغيرة من ندى الرحمة. أيـآم عديدة ونحن على هذا الحـآل، نستيقظ من نومنـآ مفزوعين، لنجد أنفسنـآ تـآئهين في الشـآرع، دون مـآوى يضمنـآ لنشعر بالأمـآن، أصبحنـآ حديث العرب، وكلام كثيرٌ قد زرع الأمـل في عروبتنـآ، لكن خـآب ظني، فـ الكلام سهلٌ جداً لا يحتـآج سوا لـ تحريك تلك الشفـآة المكتنزة بـ الكلام الفـآرغ.
أيـآ عـرب
هل سيطول انتظـآرنـآ ..!!
آيـآ عرب
هل ستنسون آمرنـآ ..!!
هل سنصبح في طيـآت المـآضي ..!!
ولا يبقى من غزةُ سوآ أنهـآ كـآنت في يومٍ مـآ
بين أحضـآن أمي فلسطين ..
وقد قتلهـآ اليهود وهي في المهد
آيـآ عرب
أي قلب تملكون ..
وآي ألسنة تختبئ في أوفـآهكم
تجيد لعبة الثرثرة الفـآرغة بإتقـآن ..!!
آمي فلسطين ..
لا تحزني ..
فأبنـآؤك قد تركوك عجوزاً غـآبرة
تحـآول خـلايـآ جسدهـآ الدفـآع عن السرطـآن الخبيث
وتنتظر من الله
رحمةٌ بقتل تلك الخلايـآ السرطـآنية
واستئصـآلهـآ من جذورهـآ
آمي فلسطين
قد كنتِ يومـآ ..
زهرة نثرت شذآهـآ بحبٍ
على العـآلم ..
لكنهم نسوكِ
أخذوا ذلك الشذى
ورموكِ زهرة يـآبسة ..
جُرِدت من معـآني الحيـآة ..
آمي فلسطين ..
أطفـآلك يحتضرون
عجـآئزك ونسـآؤك يبكون ..
رجـآلكِ جرحى مكـآفحين ..
آمي فلسطين ..
أرضكِ حضنتهم ..
هوآؤك نَقى رئتهم ..
وتربتك لامست أقدآمهم ..
شعروا بحنـآنك ..
شعروا بالإنتمـآء لحضنك
جـآهدوا .. واستشهدوا
وسيظلوا هكذا ولن يتعبوا ..
آمي فلسطين ..
عروبتك محفوظة
ستعود لك بعزةٍ لا تفنى ..
وحمـآمة السلام
ستظل أرضك ..
وصوآريخ الغزآة ..
ستفجر أرضهم الكـآذبة يومـآ ..
آمي فلسطين ..
ستعود لكِ عزتك الضـآئعة
وستنـآلين حريتك المبتورة ..
ستعود حمـآمة السلام
تحلق فوق أرضك من جديد
وسيرقص آبنـآؤك
على ألحـآن الحرية ..
آه يـآ فلسطيني، أي جرح قد تكـون في جسدك منذ الأزل، حربك لنيل حريتك مـآزآلت مستمرة، أعدآئك قد اعتدوا على غزتكِ، دبـآبـآتهم تغوص في شوآرعهـآ، تقتل آطفـآلهـآ، ترمل نسـآئهـآ وترمي عجـآئزهـآ في شوآرع قـآسية.
– آبي إلى متى ..!!
– مـآذا يـآ ابنتي ؟
– هل سنظل نحـآرب للأبد .. هل سنطرد من بلادنـآ، هل ستنزعل منـآ هويتنـآ، هل سيكتب لنـآ في النهـآية دون وطن، لا أريد أن أكون بلا هويةٍ يـآ وآلدي، آمي هي فلسطين، لا أريد أن أصبح يتيمةً
– اصبري يـآ ابنتي .. إن الله لا يضيع حق أحد، لن تحرمي من حريتك، ولن تكوني يتيمه، سيكتب لكِ بأنكِ من أبنـآء فلسطين، سترقصين طربـآ بين أحضـآنهـآ، وستشيخي على أرضهـآ، وستنـآمي بسلام، لكن عليك بالصبر يـآ طفلتي
ربمـآ سيطول هذا الأمر، ربمـآ أموت ومأزآلت أمي فلسطين تعـآني، لكني وآثقةٌ بالله ومتـآكدة بأنه سوف يـآتي يومٌ مـآ، وستنـآل أمي حريتهـآ، وسيرقص شعبهـآ طربهـآ على آلحـآن نشوة الحرية، وستحلق حمـآمة السلام فوق سمـآئهـآ.
متـآكدة بأنه سوف يـآتي يومٌ مـآ، وستسقى أرض أمي بمـآء المطر المتنـآثر من السمـآء، ليغسل دمـآء الشهدآء، ويطهر أرضهـآ من قذآرة الأعداء.
ربي إنـآ عبيدك فإرحمنـآ بوآسع رحمتك، وأرحنـآ من طغيـآن اليهود، ربي إن أمي فلسطين قد شربت من مرآرة الألم الكثير، فإسقهـآ من عسـل الرآحة الآبـدي، ربي انصر شعبنـآ على الأعدآء، وآرحم بوآسع رحمتك الشهدآء.
[ اللهـ يعينهم ويصبرهم على مـآ ابتلاهم
واللهـ يرحمهم بوآسع رحمتهـ ]
دمتم بخير ..~