رسائل المجموعة

وهم العصامية !!

كثيراً هم المسكونين بفكرة العصامية وإفرازات هذه الفكرة حيث يفهم هؤلاء النجاح على أنه تمتع الإنسان بقدرات عقلية وسلوكية وجسدية خارقة تمكنه من خوض غمار الحياة لوحده وتحقيق النجاح لوحدة والظفر بالتفوق لوحده . بلا مساعدة احد او التعاون مع أحد أو التحالف مع أحد أو الاستفادة من تجارب أحد  أو استشارة أحد !!

يساور العصامي اعتقاد أنه قادر على عمل كل شيء لوحده وهو في قرارة نفسه مستغني عن كل من حوله ويردد أنا إنسان عصامي !!
هذا الفكر رغم انتشاره وتأثر البعض بكل أسف به إلا أنه فكر عقيم لا يستوي مع وحي الحياة الطبيعية أو سنة المعيشة الكونية ولا فطرة الإنسان السوية .
فلا يوجد إنسان بني نفسه ونجح وتألق وحلق بلا تعاونه مع محيطة الاجتماعي والعملي وتفاعله معه وتأثره به وتأثيره عليه ..

وهنا نشير إلى أن العصامية التي يعيشها البعض مفهوم مشوه وغير حقيقي حيث أن العصامية الحقة هي أن يتمتع الإنسان بقوة فولاذية في التحمل والصبر والتحدي في سبيل الوصول إلى أهدافه السامية والمشروعة واعتلاء أعلى المراتب في مختلق فضاءات الحياة بكل حزم وعزم وتوكل وطول نفس نجحاً لا يعرف طعم الاستسلام أو التراجع وارتقاء لا يعرف طعم الضعف والهوان والاستكانة , ولكنه نجاح مع الآخرين وبالآخرين ومن خلال الآخرين وليس في غنناً عنهم.

فصلاة الجماعة تعلمنا نحن كمسلمين فضل الجماعة وجمالية روحها وروعة تعاونه وألق تكاتفها وأهمية وجودها كسور يُأمّن بها الفرد نفسه ويحس معها وبه بالأمان والارتياح والانتماء وهو من حاجاته الطبيعية التي يبحث عنها ويجتهد في الحصول عليها .

فلم تخلق أيها الإنسان لك تكون نسيج نفسك ومدار وحدك بل خلقت لتكون جزء من كل و فرد من مجموعة وغصن في شجرة كبيرة أسمها المجتمع .

إن عانيت النقص وجدت من يكملك وإن أعياك الضعف وجد من يقويك وإن احترت بالرأي والمشورة وهبت من يهديك ويدلك وإن ضاقت عليك الأرض لاح في الأفق من يوسعها عليك تأخذ من هذا خبرته ومن ذاك رأيه من ثالث دعمه ومن رابع نقد وتصويب ومن خامس شراكة حياة ووحدة مصير ومن سادس تجارب لا توجد في أمهات الكتب بل هي وحي الكفاح الإنساني المجرد .

وكل هذا وأكثر من فضل الجماعة على الفرد فلنعد النظر في كذبة العصامية أيها الأحبة ولنفهمها بمعناها الايجابي الرائع وليس بالمعنى السلبي المستنكر والشاذ .

هي باختصار إيمان بقدرات الفرد وعبقريته العظيمة وقدراته الهائلة ولكنها ليست إسقاطاً لفكرة العمل الجماعي والتكامل الإنساني الذي يصنع المعجزات , فالإنسان مهما بلغة قوته فهو أقوى بغيره وأكثر تأثيراً .

شريك النجاح

من اهم من نشير به هنا ونحن نتحدث عن ثقافة النجاح والتألق الحياتي هو وجود شريك للنجاح وهو الشريك الداعم والمحفز والمستشار الآمين وربما المشارك في المغنم والمغرم والمصير , وهو احد الرابحين من هذه الفرص والخيارات , لا يلزم أن يكون شريك النجاح شريك واحد بكل اجعل لنفسك أكثر من شريك للنجاح , في المنزل وليكن الزوج أو الزوجة مع الأبناء وشريك في العمل وشريك في الأعمال الخيرية والتطوعية وشريك في طلب العلم وتطوير الذات ونحو ذلك , فوجود هذا الشريك مهم فمن خلاله يتم التحفيز المتبادل والتشجيع الدائم ويكون تبادل الخبرات والأفكار والتعاون في المهام وتفويض السلطات وتقسم العمل وهو أمر هام جداً لمن أراد ان يعمل في أكثر من مشروع ويلعب أكثر من دور , وعليه فكر جدياً في إيجاد شريك نجاحك الداعم لك في أرض الميدان وفي مضمار الحياة .

بيئة النجاح

من أهم أفكار النجاح ونحن نغير قناعاتنا عن وهم العصامية هو القرب أكثر من البيئة الايجابية التي تكون إطارا حاضناً للإبداع وداعماً له وهي أحد أهم روافد نجاح أي مشروع أو فكرة أو علاقة وعلى العكس من ذلك فالبيئة السلبية فهي قاتله للإبداع والعمل والانجاز . ومحطمة للجهد البشري ومغتالة لجميع المبادرات , فهرب منها هروب الشاة من الذئب ولا تتوارى في صناعة بيئة ايجابية تحلق من خلالها أو البحث عن بيئة ايجابية جاهزة تنطلق منها وتتحالف مع أعضائها للصالح العام الذي يرجوه الجميع على مستوى الفرد والمؤسسة والمجتمع والوطن والأمة.

العمل الجماعي وروح الفريق

تعاني البيئة العربية من تحديات إدارية كبيرة وهو ضعف ثقافة العمل الجماعي والنزعة إلى الفردية والأنانية في العمل والتنفيذ وهو أمر بحاجة إلى مراجعة دقيقة وعميقة , تغير هذه المفاهيم , لما له من آثار سلبية على بيئة العمل ومستوى المخرجات والحالة النفسية لأعضاء المنظمة وأثر ذلك كله على هذا الكيان الذي يجب ان يكون بيئة صالحة جاذبة وليس بيئة طارده .

وهنا نستبدلها بقناعات ايجابية هامة وعملية وحيوية تزيد من جودة العمل وتميز مخرجاته وتقسم الأدوار بين الأعضاء بالتساوي وحسب كلأ وما يتقن وما يجيد وهنا تتكون لدينا لوحة الفسيفساء الجميلة والمعبرة والتي تشكله من خلال فريق عمل ذو نفس تكاملي يتمتع بروح الجد والاجتهاد والإتقان يشتركون في الأهداف والرؤى ويحصدون النجاح بشكل جماعي حيث تجمعهم روح الفريق وطاقة الجماعة والحلم المشترك والإنجازات الكبيرة .

همسة فكرية

لا تكن الشمعة التي تحرق نفسها وتضيء للآخرين , بل كن الإنسان الذي يحمل شمعة ويضعها مع شموع الآخرين لتضيء الطريق لنا جميع !!

محبرة الحكيم

* العصامية الحقة هي أن لا تعتمد على الآخرين وتتكل عليهم بل تتعاون مع الآخرين وتتكامل معهم *

تأصيل

قال الله تعالى
وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰ‌ۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٲنِ‌ۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ‌ۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ

قال صلى الله عليه وسلم
[مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضوا منه تداعى له سائر الأعضاء بالسهر و الحمى )

أخوكم المحب / سلطان بن عبدالرحمن العثيم
مستشار ومدرب معتمد في التنمية البشرية والتطوير cct
باحث في الفكر الإسلامي والسيرة النبوية الشريفة
ايميلي
مدونة نحو القمة

أسعد بقربي من عالمكم الجميل عبر
توتير


تابعوا جديد شبكة أبونواف على فيس بوك وتويتر

   

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى