السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعضاء شبكة أبونواف الكرام
تحية طيبة وبعد
استكمالا لما قد طرحته في السابق ضمن سلسلة هكذا دحرجتني الحياة .. أطرح هذه الرسالة لتكون الحلقة الثالثة من ضمن السلسلة
يحس الإنسان بخيبة أمل عندما تلتقي مرارة وضوح خطئه مع فرحة الانتصار في من يعارض وجهة نظره، وا خيبتاه .. فبعد كل تلك النقاشات والمجادلات والمحاولة اليائسة لبلورة وجهة نظره، تأتيه الصاعقة بأن ما كان يتحدث فيه ويتناقش ويجادل دفاعا عنه، مجرد كلام فاضي وخطأ في خطأ! ترى كم من المواقف المشابهة مرت بك؟ سواء بنفس المشاعر أو بخلافها؟
ذكر أحدهم في إحدى رسائل البريد الإلكتروني ذات يوم، أن مجموعة من علماء الاجتماع قرروا إجراء تجربة تدور حول علومهم وبحوثهم، فاختاروا أربعة عميان ووضعوهم في غرفة وأدخلوا عليهم فيل! وأخبروهم بأن هذا فيل وعليهم معرفته، فأمسك أحدهم بأذن الفيل وأمسك الآخر برجله وأمسك الثالث بخرطومه وأمسك الأخير بذيله، وبعدها أخرجوا الفيل وتركوا العميان لوحدهم، فقال الأول: الفيل كقطعة القماش، وقال الثاني: كلا .. بل الفيل كالعمود الضخم، وقال الثالث: كلكم على خطأ لأن الفيل كالأفعى ولا دخل له بالقماش أو العمود، فهو يلتوي بحركة مرنة، وقال الأخير: أحترم وجهة نظركم، ولكن الواقع هو أن الفيل كالمكنسة الناعمة، نعم فإن من قال أنه كالقماش لم يلحظ قساوة متن الفيل، ومن قال فيكم أنه كالعمود لم يلحظ أنه دقيق ولكن اسم الفيل يشعرك بالضخامة، ومن قال أن الفيل كالأفعى لم يدرك الشعر الذي في طرفه فكيف بالأفعى أن يكون لها شعر؟
هذه قصة يعتبرها البعض واضحة المعالم .. فكل منهم يتكلم من وجهة نظره واحترام وجهة النظر واجب قبل المناقشة في خلافها، ولكن هناك نقطة يجب أن تكون واضحة المعالم! فالمغزى الحقيقي من هذه القصة حتى ولو لم تكن حقيقية أبعد بكثير، فنحن تجاه أي شيء نجهله في الحياة عموما كالعميان عنه، ولكن بمجرد أن نعرف طرف الأمر نعتقد في أنفسنا أننا عرفناه كاملا، فنحارب دفاعا عن رأينا، وهذا لا يمت للصواب بأي صلة، نعم فالدنيا تؤخذ من كل النواحي وكون أننا عرفناها من ناحية واحدة أو رأينا الأمور من زاوية واحدة، فهذا لا يعني أن الآخرين مخطئين في وجهات نظرهم .. ولكن ربما لو جمعنا كل تلك الزوايا واستفدنا من الرأي الآخر، سوف نتنور للحقيقة التي طالما اعتقدنا أننا نعرفها وخبراء فيها، فلو جمعنا أن الفيل من ناحية أولى كالقماش ومن ناحية ثانية كالعمود ومن ناحية ثالثة كالأفعى ومن ناحية رابعة كالمكنسة لأعدنا الفحص واستنتجنا أن للفيل أربعة عواميد وقطعتين قماش ملتصقة برأسه وأفعى في مقدمة رأسه ومكنسة تأتي بعد الأعمدة الأربع! وبالتالي سنرى الفيل كاملا وأنه ليس شيئا من الأربع أشياء المذكورة سابقا .. إنما عبارة عن اجتماع أمثلة لكل ما سبق .. ولرأيناه في تفكيرنا حتى ولو لم نشاهده واقعيا، آه لقد أطلت في التحدث عن الفيل والعميان ونسيت صلب الموضوع! ولكن يكفي أن نخلص إلى حكمة رائعة جدا من القصة، وهي أنه من الخطأ أن نعتقد في خبرتنا الكمال والتمام ونقول في دواخلنا أنا مررنا بما فيه الكفاية لأن نكون ملمين بجميع نواحي الأمور .. ونكون على ثقة عمياء في أنفسنا بان ما يخالف ما نعرف خطأ، لا داعي للجدال والتعصب لوجهة نظر نعتقد في أنفسنا أننا نعلمها تمام العلم، بل الأفضل أن نترك المجال للطرف الآخر لأن يشرح وجهة نظره، نستمع له بإنصات، ومن ثم نجعل النقاش عن كيفية ربط وجهات النظر ببعضها لنصل إلى الحقيقة التي ربما تكون خبراتنا وآراؤنا ووجهات نظرنا جزءا بسيطا منها، فبذلك نستفيد من الآخرين ونفيدهم بخبرتنا
أحيانا تكون وجهات النظر خاطئة ولكن تجد الطرف الآخر يتمسك في رأيه ويرفض النقاش لتفاهته ولكنه يجهل أنه على خطأ، لا تهتم، من حق الشخص عندما يناقشك أن يعرض عليه رأيه ومن حقك عليه أن يستمع لرأيك، ولكن ليس من حقه أن يطالبك بتغيير رأيك لأنه يخالفه، ولا من حقك أن تطالب الآخر بأن يغير رأيه، ولكن المفتاح الرئيسي للإقناع هو أن تكون على صواب وأن تعرض رأيك بمهارة تجبره على أن يقتنع دون أن تطلب منه ذلك، والأهم من ذلك كله .. أن تحترم حقه في الحديث وأن لا تكون المتحدث الوحيد وأن تطيل الحديث وتكثر من ضرب الأمثلة، فهي مهمة لك ولكنها تصيب الطرف الآخر بالملل من النقاش معك!
مخرج
جميل أن نكسب ود الآخرين بمخالفة وجهة نظرنا لوجهة نظرهم! وذلك بحسن الخلق في اتباع أفضل وسائل الحوار التي تكسب الآخرين حبك دونما أي مجهود منك
كنت معكم
دحروج الفاهي
مدونتي
دحرجاتي من أعماق عقلي .. وليست من مصادر أخرى