من الواقع المرير بأروقة المستشفى العتيق

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
تحية عطرة لك عضو في هذا القروب و الصرح الشامخ المعطاء
أخيراً قررت البوح و قررت أن أدلو بدلوي معكم
بعد طول صمتاً و متابعة بتمعن
حروفي التالية حروفاً بسيطة تجسد موقف
صادفته خلال فترة الأمتياز بإحدى المستشفيات
و هدفي للعظة و العبرة
أترككم مع حروفي المتواضعه بين أعينكم


كانت تشير الساعه إلى الثانية بعد منتصف الليل
و بدون سابق إنذارات أو مقدمات
هبوطاً في العلامات الحيويه
معدل نبضات القلب يتناقص
نسبة الأكسجين بالجسم في إنحدار
ضغط الدم غير مستقر و في حالة إنهيار
فزعنا و تجهنا نحوه
أحدنا قام بسحب عربة الأنعاش
و الأخر هاتف قسم السنترال
لكي يعلن عن حالة طارئه يرمز له بالرمز code blue
و تعني الرمز الأزرق و الذي يدل على أن هناك شخصاً يحتضر
دقائق معدودة و إمتلئت الغرفة بالأطباء و الممرضين
بدأت بإعطائه محفزات من الادوية لكي تزيد نبضات القلب
و هي عدة انواع ما يحضرني منها الأن إلا :
الأول الأدرنالين Adrenaline
الثاني أتروبين Atrobin
و كان الحقن في الوريد لكي تصل إلى القلب مباشرة
و بأسرع وقت و يكون مفعولها سريع جد
بداْ أحدهم بعمل مساج للقلب لكي يساعد عضلاته على الحركة
و بقيت عيناي شاخصتان في جهاز المراقبة
بدأت في التعرق رغم برودة الغرفة العاليه
كما أنني أسمع نبضات قلبي تزداد
و تم حقن المزيد من الادوية المساعدة لكي نحافظ على حياته
لم نلتمس أي أمل في العشر الدقائق الأول
قرر أحد الأطباء و أمر بإعطائه صوديوم بيكربونات
بدأنا نلاحظ عودة طفيفة في النبض مما زادنا أمل و قمنا بجهدٍ مضاعف
حتى أنني أسمع تكسر عظمة القص التي توجد في منتصف الصدر
و كنا لا نبالي حيث كنا نزيد من قوة المساج للقلب
و بعد عد ثلاثين حركة ضغط نغير مع شخصاً أخر
و ما أن أشارت الساعه إلى الثانية و الثلث
حتى إستقرت حالة المريض
و عاد النبض و ارتفع معدل الضغط
بعدها أطلقت تنهيده من جوفي
لم يطب لي الجلوس و بقيت واقف
أتأمل مدى ضعف بني آدم و عجزه
امام قوة الله و جبروته
بقي المريض في حالة شبه مستقرة
و ما أن أشارت عقارب الساعة إلى الثالثه و عشر دقائق صباح
حتى بدأت حالته في سوء و عدم إستقرار
و أعدنا الكرة لعلنا نحافظ على حياته
حينها لم نستخدم جهاز الصعق الكهربائي
لأن المريض طاعن بالسن
و لكن الله فعالاً لما يريد
حينها أعلن الطبيب ساعة الوفاة
و بدانا بفصل الأجهزة عن جسده
و إزالة كل شئ
و تجريد ملابسه و لف جسده بقماشاً أبيض
و بعد توثيق كل هذه الاحداث في سجلات طبية خاصة
إتصل موظف السنترال بذويه
فقدموا إلى المستشفى و هم في حالة ترثى له
لما أصابهم من فقد كبيرهم
حينها إجتاحني شعور الحزن
و تأثرت من حالهم أشرت إلى زميلي بأنني خارجاً من هذه الغرفة الكئيبه
و غادرتها بالحال و جلست في حديقة المستشفى
لبعض الوقت لعلي أخفف عني نفسي
لم يمضي بعض الوقت حتى هاتفني زميلي يخبرني بأن جثة المريض قد أرسلت إلى ثلاجة الموتى
و أن ذويه غادروا الغرفه فقدمت إليه
و امضينا الوقت سوية حتى نهاية ساعات الدوام
توجهت إلى المنزل و أطلقت العنان لتفكيري
و حينها أدركت حق الإدراك بأن لكل شخص
يومه و لن يأخذ أكثر من ذلك او أقل و لو بدقائق معدودة
هذا كل ما في الأمر
فقط أحببت أن تشاطروني فصول هذه الحادثه
و لعل أن يكون فيها عظة و عبره
أعتذر عن ركاكة الأسلوب و عدم التنسيق فقد كنت أكتب بعجلة من أمري
حتى لا تخمد عزائمي و أقرر بعدم البوح


بإنتظار تعليقاتكم و أرائكم
حول حروفي المتواضعه
أخوكم \ هاني العيلي

Exit mobile version