مرحبا .. احبتي
** __ **
لاشك أن ما يحدث في سوق الأسهم قد ابتلع القاصي والداني
ولم يعد هناك اياً منا بعيداً عن هذه الهوّه ..
ولكن هناك شاطئاً آخر .. نلجأ إليــهـ .. كلما ضاقت الأرض علينا بما رحبت ..
وهو فضاء الرحمن الرحيم ..
فإليكم هذه المختارات :
القضاء و القدر
ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها, جف القلم, رفعت الصحف ,قضي الأمر ,كتبت المقادير ,لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا,ما أصابك لم يكن ليخطأك, وما أخطاك لم يكن ليصيبك .
إن هذه العقيدة إذا رسخت في نفسك وقرت في ضميرك صارت البلية عطية, والمحنه محنه, وكل الوقائع جوائز واو سمه ((من يرد الله به خير يصب منه)) فلا يصيبك قلق من مرض أو موت ابن ,اوخساره مالية, أو احتراق بيت ,فإن الباري قد قدر والقضاء قد حل , والاختيار هكذا, والخيرة لله, والأجر حصل, والذنب كفر.
هنيئا لأهل المصائب صبرهم ورضاهم عن الآخذ, المعطي , القابض , الباسط, لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
ولن تهدأ أعصابك وتسكن بلابل نفسك , وتذهب وساوس صدرك حتى تؤمن بالقضاء والقدر , جف القلم بما أنت لاق , فلا تذهب نفسك حسرات , لا تظن انه كان بوسعك إيقاف الجدار أن ينهار , وحبس الماء أن ينسكب , ومنع الريح أن تهب , وحفظ الزجاج أن ينكسر , هذا ليس بصحيح على رغمي ورغمك, سوف يقع المقدور و وينفذ القضاء , ويحل المكتوب {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}.
استسلم للقدر قبل أن تطوق بجيش السخط والتذمر والعويل , اعترف بالقضاء قبل أن يدهمك سيل الندم , إذا فليهدأ بالك إذا فعلت الأسباب , وبذلت الحيل ,ثم وقع ما كنت تحذر , فهذا هو الذي كان ينبغي أن يقع ولا تقل ((لو أني فعلت كذا وكذا لكان كذا وكذا , ولكن قل : قدر الله وما شاء فعل )).
إن مع العسر يسر
يا إنسان بعد الجوع شبع , وبعد الظمأ ري , وبعد السهر نوم , وبعد المرض العافية , سوف يصل الغائب ويهتدي الضال , ويفك العاني , وينقشع الظلام {فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده }.
بشر الليل بصبح صادق يطارده على رؤوس الجبال ومسارب الاوديه, بشر المهموم بفرج مفاجىء يصل في سرعة الضوء ولمح البصر, بشر المنكوب بلط خفي وكف حانية وادعه.
إذا رأيت الصحراء تمتد تمتد, فاعلم أن ورائها رياضا خضراء وارفة الضلال .
إذا رأيت الحبل يشتد يشتد, فاعلم انه سوف ينقطع .
أحسن كلمه قالها العرب في الجاهلية :
الغمرات ثم ينلجنة
ثمت يذهبن ولا يجنه
مع الدمعة بسمه , ومع الخوف أمنا, ومع الفزع سكينه , النار لا تحرق إبراهيم التوحيد, لان اللرعايه الربانية فتحت نافذة بردا وسلام .
البحر لا يغرق كليم الرحمن , لان الصوت القوي الصادق نطق بكلا أن معي ربي سيهدين .
المعصوم في الغار بشر صاحبه بأنه وحده معنا فنزل الأمن والفتح والسكينه .
إن عبيد ساعاتهم الراهنة وأرقاء ظروفهم القاتمة لا يرون إلا النكد والضيق والتعاسه , لأنهم لاينظرون إلا إلى جدار الغرفة وباب الدار فحسب , إلا فليمدوا إبصارهم وراء الحجب وليطلقوا أعنة أفكارهم إلى ما وراء الأسوار .
إذا فلا تضق ذرعا فمن المحال دوام الحال , وأفضل العبادة انتظار الفرج , والأيام دول , والدهر قلب , والليالي حبالى , والغيب مستور , والحكيم كل يوم هو في شأن , ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا , وان مع العسر يسرا..
اصنع من الليمون شرابا حلو
الذكي الأريب يحول الخسائر إلى أرباح ,والجاهل الرعديد يجعل المصيبة مصيبتين.
طرد الرسول عليه الصلاة والسلام من مكة فأقام في المدينة ,دولة ملت سمع التاريخ وبصره .
سجن احمد بن حنبل وجلد ,فصار إمام السنة ,وحبس ابن تيميه , فأخرج من حبسه علما جما ,ووضع السرخسي في قعر بئر معطله , فأخرج عشرين مجلدا في الفقه , واقعد ابن الأثير فصنف جامع الأصول والنهاية من اشهر وانفع كتب الحديث , ونفي ابن الجوزي من بغداد , فجود القراءات السبع , وأصابت حمى الموت مالك بن الريب , فأرسل للعالمين قصيدته الرائعة الذائعة التي تعدل دواوين شعراء الدولة العباسية , ومات أبناء أبي ذوئيب الهذلي فرثاهم بإلياذة أنصت لها الدهر , وذهل منها الجمهور , وصفق لها التاريخ .
إذا داهمتك داهية فانظر في الجانب المشرق منها , إذا ناولك احدهم كوب ليمون فأضف له حفنة من سكر , وإذا أهدى لك ثعبانا فخذ جلده الثمين واترك باقية , وإذا لدغتك عقرب فاعلم انه مصل واقي ومناعة حصينة ضد سم الحيات .
تكيف في ظرفك القاسي , لتخرج لنا منه زهرا ووردا وياسمينا , وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا .
سجنت فرنسا قبل ثورتها العارمة شاعرين مجيدين متفاءلا ومتشاءما فأخرجا رؤوسهما من نافذة السجن .
فأما المتفاءل فنظر نظرة في النجوم فضحك . وأما المتشاءم فنظر إلى الطين في الشارع المجاور فبكى . انظر إلى الوجه الآخر للمأساة , لان الشر المحض ليس موجودا بل هناك خير ومكسب وفتح وأجر .
منقول للعلامه الشيخ / عائض القرني
من كتاب ثلاثون سبابا للسعاده
اسأل الله لي ولكم دوام السعادة في الدارين
محبـــكم دائماً
الــfـيصل