يردد البعض وخاصة عند غضب الآخرين منه لماذا غاضبٌ منّي لم أفعل شيء ؟ !
ربما لم تفعل شيء يغضبني ولكن ربما تصرفاتك أوتوجهاتك أو أقوالك هي التي تغضبني وتجعلني في موقف مصادم لك ، لأني ربما لم أستوعب ما تقصده وأنت لم توضح وتشرح فكرتك ، وربما لأن الأمر واضح بأنك مخطيء وأنت تكابر أو كنت تجهل ذلك الأمر .
لهذا علينا متابعة أمورنا من هذه الناحية ، وبلا شك لكل شخص الحرية في تصرفاته وأقواله وأفعاله ، ولكن إن كانت تلك التصرفات أو الأقوال أوالأفعال تخالف الطبيعة الإنسانية التي يعيش عليها مجتمع ما مهما كانت درجة تطوره ورقيّه ، فبلا شك ستكون وقتها في مكان التهمة وفي محل المنبوذ .
وربما البعض يردد أنني أريد الإصلاح ! وهل الإصلاح يكون جملةً واحدة ! بدون مقدمات وبدون تهيئة لعقل المراد إصلاحهم ونشر أفكارك بينهم !
طبعا لا فالإصلاح درجات ربما صعودها بطيء جداً ، وربما سريع جداً . على حسب عقليّة المراد إصلاحهم وما مدى تمسكهم بآرائهم ورسوخها فيهم .
فالرسل والأنبياء أكبر دليل لك على ذلك ، فهم تدرجوا في إصلاح أقوامهم ، منهم من نجح ومنهم من لم يكتب له ذلك ، والرسول محمد صلى الله عليه وسلم وهو خيرهم كانت دعوته لإصلاح أمته 23 سنة !
وإن كان ما تريده مخالفاً لما عليه الطبيعة الإنسانية فهذا بلا شك سيكون نهايتك ، وخسارتك المبكرة ستكتبها بيدك . كالذي يريد الشذوذ ، أو الزنا ، أو اللواط أو تغيير الأحكام التي أُجمع عليها في مجتمع ما .. وغيرها من المنكرات والمحرمات التي حرمها من خلق الإنسانية وقانونها ، الله سبحانه وتعالى .
فالميزان هو قانون الله عز وجل في الأرض والذي كان مبلغه لنا الأنبياء والرسل وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم ، والذي ختم به سبحانه قانون الإنسانية إلى قيام الساعة ، فمن اتبعه اهتدى لكمال الإنسانية وحريته التي يطالب بها ، ومن خالفه فهو بلا شك مخالف لفطرته وحريته .
نعم لك الحق أن تقتنع وأن تجاب كل أسئلتك ، ولكن إن لم تجد من يُقنِعك ! فلماذا لا تبحث أنت عن الحق بدون حكم مسبق منك ؟ فالكتب تزخر بها المكتبات فلماذا لا تنطلق لتعرف الحق وتسير عليه ، قبل أن تقول وتفعل ما يغضب من حولك . وتسير حسب أهوائك وحريتك المزعومة ثم بعدها تشتكي الوحدة والعزلة ونبذ المجتمع لك لتبحث بعدها عن مجتمع آخر يناسب أفكارك ، لتجده بعد معيشتك معهم أنهم لا يناسبونك وتبدأ مرحلة الشتات . وربما يناسبونك ولكن مع تقدم العمر ستكتشف الحقيقة أن المنهج الذي لا يكون من الله سبحانه وتعالى فاشل .
ومن ثم بعد بحثك عن الحق لا تقف عند أول رأي وتقول هو هذا بل عليك الإطلاع على كل الأقوال وبعدها الحكم وإعطاء وجهة نظرك التي بلا شك يجب أن لا تكون من ما تشتهيه نفسك إنما ما رآه عقلك من الحق ، فأنت تريد الإصلاح ، كان على مستوى العائلة أو المستوى الأكبر فالأكبر ، وبالتأكيد لكل مستوى قراءاته الخاصة فيه ، وبعد إصلاح نفسك وتهذيبها على الحق وقتها إنطلق لتكون شمعة تضيء ظلام الآخرين .
لهذا إن وجدت نفسك في يوم من الأيام وغالب من حولك ينتقدون تصرفاتك وأفعالك وقتها قف مع نفسك وتسائل لماذل وهل وكيف … وإن وجدت نفسك على الحق وتريد إيصال فكرتك فالتدريج وليس بالصدام المباشر هيئهم لقبول الحق تدريجياً وإن طالت المدة فالعبرة في النهاية ، وإن كان هذا الأمر ليس من إهتماماتك عاشر الناس بالمعروف وحاول جهدك إخفاء ذلك دام أنك لا ترغب بإيصال الحقيقة لهم ، وبلا شك الحق دوماً منتصراً على يدك أو يد غيرك من المخلصين .
وفقك الله لكل خير وبارك فيك وفي جهودك .
الكاتب : خالد علي حنشل
تابعوا جديد شبكة أبونواف على فيس بوك وتويتر