اسلاميات

في رحاب آية : يمحق الله الربا ويُربي الصدقات “آية 276-277 سورة البقرة”

الإسلام دين يُسر وليس دين عُسر، حتى حين بدأت الدعوة إلى الإسلام، ودخل الكفار إلى الإسلام، لم يفرض الإسلام عليهم ما هو مفروض الآن علينا جملة واحدة، لأن الله يعلم بأن ذلك سيكون صعب عليهم ولن يقوى عليه الإنسان بأن يتغير حاله وسلوكه تماماً في يوم وليلتها، ولكن كانت الأوامر والعبادات والفروض تنزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليخبرها لأصحابه ومن بعده، وكانت تنزل تدريجياً، وعلى سبيل المثال، عندما فُرضت الصلاة لم تكن هيئتها على ما هي عليه الآن، وكانوا أيضاً يشربون المُسكرات التي اعتادوا عليها، فنزلت بعد ذلك الآية التي تقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ) وبعد ذلك نزلت آية بتحريم كل مُسكِر كما جاء في سورة المائدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ).

 يمحق الله الربا

أراد الله عز وجل أن يكون العطاء من العباد ليس فقط في تأدية الفروض التي تطلب منهم، كالصلاة، وإنما نال ذلك أكثر ما يحبه الإنسان وهو المال وجمع المال، وأمر بإخراج الصدقات وزكاة المال، وبالتأكيد جاء ذلك لحكمة بالغة سنقوم بتبيينها، قال تعالى في كتابه العزيز في سورة البقرة (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ( 276 ) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ( 277 )).
يُخبر الله تعالى عباده بأنه يمحق الربا ، أي يُذهبه من يد صاحبه، أو يحرمه بركة ماله فلا ينتفع به، وربما يعذبه به في الدنيا ويعاقبه عليه يوم القيامة. وجائت الأحاديث الكثيرة التي تنهى عن الربا وتبين العذاب العظيم الذي يلقاه من يتعامل بالربا، وجاء بالمقابل لتلك الربا بالصدقات التي تطهر النفس وتزكي المال، وجعل الزكاة فرض على كل مسلم، وركن من أركان الإسلام.

الصدقة

وللصدقة تأثير عجيب على القلب والروح والبدن، فهي تخلص القلب من خصلة الشح وحب المال والإمساك به، وتقرب الروح من ربها عز وجل فهو المحبوب الأول الذي يتقرب إليه الإنسان بكل ما يملك، وتأثيرها على البدن ظاهرٌ فتجد البخيل الشحيح يخرج من عند طبيب إلى آخر، وتجد المتصدق بدنه – بقدرة الله – خالصاً من الأسقام والأمراض.
والصدقة تكفّر الخطيئة، وتزيد رصيد حسناتك، وتعود عليك بالمثل وأكثر سواء في الدنيا أو الآخرة، وتنمو عند الله كيف يشاء، وربما تكون سبباً لدخولك الجنة، وكل ذلك لا يكون إلا بنية صادقة خالصة لوجه الله تعالى لا تريد رياءً ولا سمعة، ولا تجاهر بها ليعلو منصبك في الدنيا. وينبغي أن تكون الصدقة من مالٍ طيب وكسبٍ حلال، ولا يشترط أن تكون مبلغاً كبيراً فالصدقة تكون ولو بالقليل، ويستحب أن تكون سراً.

وذكر القرآن الكريم الأصناف التي وجبت لها الصدقة، في سورة التوبة ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )، وتكثر في شهر الخيرات الأجور، وتكثُر أعمال الخير، والإجتهاد فيها، وتكثر إخراج الصدقات، ولكن الصدقة لا يوجد لها موعد محدد ولا ينبغي أن تقتصر على شهر واحد فقط، وإنما تكون أكثر من غيرها في هذا الشهر المبارك الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في هذا الشهر.

وأما بالنسبة لزكاة المال فلا تجب إلا بتحقق ثلاثة شروط، الأول أن يبلغ المال نصاباً ، والثاني أن تملك المال ملكاً تاماً، وأما الثالث أن يحول عليها الحَول (أي تمر عليه السنة). وإذا توفّرت هذه الشروط في المال وجب فيه رُبع العُشر أي 2.5%، ولك أن تزيد على ذلك.

وأما زكاة الفِطر، فتكون في نهاية رمضان، والأفضل أن تكون قبل صلاة العيد، وهي صاع من الطعام من قوت البلد، عن الصغير والكبير والذكر والأنثى والحُر والعبد من المسلمين. ويُقدَّر الصاع النبوي بحوالي (كيلوين وأربعين غراماً) ومن أخرج كيلوين ورُبع فقط احتاط لنفسه، وما زاد فهو صدقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى