علاقة الملل بالفراغ, والعلاج بالعمل

/

“ايماءة الملل”

عندما يمر بك كتاب مشابه للكتاب الذي كان بين يدي اليوم, لا شك أنك تحتاج إلى قلم, ولون القلم يحتاج إلى أن يكون أحمراً, كل ذلك لكي تستجلب كل حواسك باتجاه التركيز في النقاط التي تنطلق منها تطبيقات عملية وممارسات يومية تنسحب على جزئيات يومك. الكتاب سبق أن تحدث عنه وهو “الضغوط النفسية, المصادر والتحدي” لـ د.ناصر ابراهيم المحارب. وهو الطبعة الاولى المؤرخة بـ 1411هـ – 1990م .

سبب عودتي هو أنني وجدت فعلا ما يستحق أن أورده هنا, حيث أن الموضوع الذي سأتحدث عنه تحول من كثر استخدامه هذه الايام, إلى نوعية الكلام الذي يورد لمجرد الكلام, اي اننا تطبعنا على قوله كالببغاء. كثيراً ما تتجاذب الحديث ان واحد الاشخاص كأفراد اسرتك او صديقك او زميلك, مثلا وانت تتابعون التلفاز, بان الوضع ممل . او المتحدث ممل او اليوم ممل او هذه الحالة مملة !!!.

نعم , الموضوع هو الملل. من المؤكد ان الحياة لا يمكن ان تكون مملة وانما الناس هم الذين يختارون اساليبهم في الحياة فتغدوا الحياة بالنسبة لهم مملة فتصبح هذه الاساليب طريقهم الحتمي الى الضجر والسأم. بشكل دقيق: فكرة الملل تقود اليها تلك الحالة التي قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم: الفراغ, نعم, نعمة الفراغ. التي مغبون فيها كثير من الناس, مظلومون فيها فلا يستغلونها حق استغلالها.

المثير للاهتمام هو ان الفراغ يؤدي الى الملل, حسناً شيء بديهي, لكن المثير اكثر واكثر هو ان الناس يختارون الفراغ دوماً !!! وفي الغالب تجدهم يبررون الملل بالقاء اللوم على جهة خارجية: “هذه البلد مملة”, “هذا المتحدث ملل”. الحقيقة هي ان لا البلد ولا المتحدث ممل, انما خبراتك مع الملل هي التي تعاني.فلا تتوقع ان تاتي لك السعادة على اناء ذهبي, بل يجب ان تقضي على الملل باستغلال طاقتك الجسمية و النفسية في عمل ماهو متيسر لك.

استعمل عقلك وما تريد فعله الآن, واكتشف طرقاً جديدة دوما لتقضي على الفراغ وبالتالي تتنهي الملل من حياتك.
هنا قد يبرز احتجاج يقول: لكن اذا لم توفر لي البيئة الكثير من الاشياء لكي اقوم بها , فكيف اقضي على الفراغ؟

منطقياً وللرد على ذلك هناك سبباً لتوضيح وهن هذه الحجة:
الاول: ان الانسان لابد ان يجد شيئاً او طريقا يلغي فيه الفراغ, خصوصا اذا اجتهد في البحث.
الثاني: ان هذا الملل يعاني منه يعيشه من هو ارقى من واكثر ترفا منه في حضارات اخرى ومجتمعات وبيئات اخرى, ذلك لان الملل انت تختاره بالتقليل من ملائمة الظروف التي حولك فالملل صفة ذاتتية تعزوها لاشياء حولك.
ماذا تنتظر قم بعمل ما , اشغل فراغك حتى لا تمل

واعلم أن الجمود والألم والتضجر والملل هو شعور يبثّه فيك الشيطان بأساليبه القذرة, وهدفه من ذلك هو أن يمنعك من خير من الممكن أن تعمله عندما تكسر حالة الجمود والألم والتضجر والملل, بالتالي التفكير بالمسألة من هذا الجانب والأهم الاستعاذة من شر الشيطان الرجيم كما أمرنا الله سبحانه كفيلة بإخراجك من الدوامة المرهقة وإيقاف الشيطان الرجيم عند حده
!!!

قال تعالى في الآيتين 199 و 200 من سورة الأعراف المباركة
خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ * وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ

وقال سبحانه في الآيات 34,35,36 من سورة فصّلت
وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ



لنتبادل العطاء , من أجل أن نصبح أفضل

Exit mobile version