رسائل المجموعة

سأنتقم ….

كمثل كل اهل مدينته ….
أخذ يجرى ….
 يفر كما يفرون …
 غير مبال بما على الارض من اجساد قد فارقتها الحياة …
وأجساد لازالت تتحرك حركات واهنة ….
الكل يقاوم …. ومن لا يقاوم ملقى على الارض …. اما ميت او جريح .
وهو ….
كان يجرى ….

توقف بعد أن أنهكه التعب وجلس على جزء من حائط ساقط على الارض ….
هذا الحائط بالذات يتذكره ….
انه جزء من دار صديق عمره القصير (عبد الباسط ) ….
عمره الذى لم يتجاوز الـــ 15 عاما ً ….
وصديقه الذى استشهد هو واهله منذ ايام ….
جلس الفتى متعبا ً يتذكر كل ما مر به خلال الايام الماضية … التى احسها دهرا ً ….
تذكر كل تلك الاهوال التى إن رآها رجل بالغ لأصابته الشيخوخة فورا ً .
اقتحمت الذكريات القريبة عقله وبللت الدموع الأرض بين قدميه عندما تذكر ما حدث اليوم فقط …
لقد اقتحموا منازل الحى كله بحثا ً عن شىء ما …. واقتحموا من ضمن منزله وقتلوا ابيه وامه واخيه ….
قتلوا اسرته كلها امام عينيه ….
ونجح هو فى الفرار بصعوبة .

لازال يسمع صرخة اخيه عندما اخترقت رصاصات الغل صدره ….
وأبيه الذى لم يبد ذرة خوف فى مواجهة مدافع الاعداء ….
وأمه …. أمه التى أخذت تصرخ عندما قتل ولدها حتى اخرستها الرصاصات ….
و…..

وتوقف عن البكاء فجأة … عندما سمع صوت أقدام ثقيلة تقترب من المكان ….
اسرع يختبىء بسرعة وراء أحدالجدران وهو يختلس النظر من وراءه ؟…
حتى شاهده ….

كان جندى اسرائيلى قذر يقدم مدفعه على جسمه حتى يشعر بالأمان اثناء سيره الحذر ….
أخذ الصبى يبحث بعينيه بين أنقاض المنزل حتى وجد قائما ً خشبيا ً مكسورا ً …..
أمسكه فى تحفز …. وكأنه يستحثه على عدم الإفلات من يده ….
والعجيب انه شعر ان القائم الخشبى تفهم الأمر ….
اطفال فلسطين جميعا ً يشعرون بصداقة مع الحجارة والاخشاب وكل ما يمسكون به لضرب الاسرائيليين ….
وهكذا ….

امسك القائم …. وشعر بالجندى يقترب ….
ومع اقتراب الجندى كان يزداد تمسكا ً بالقائم الخشبى ….
وفجأة …. برز الصبى أمام الجندى رافعا ً القائم لأعلى وهوى بع فوق الرأس النجس ….
مما أجبر الجندى على ترك مدفعه …. وإمساك وجهه الذى أخذ ينزف …. وسقط على الارض ….
لم يهتم الصبى به اساسا ً …. وانما برقت عيناه وهو ينظر الى المدفع الملقى على بعد سنتيمترات من يده ….
اقترب منه …. مد يده اليه …. حمله بصعوبة بالغة ….

شاهد الجندى ينهض مرة اخرى وينظر له بشراسة وبوجه تغطيه الدماء ….
صوب اليه المدفع بتلقائية …. فضحك الجندى فى هيستريا وقال فى سخرية …. وبعربية ركيكة :
– لقد قتلت حتى الآن 30 رجلا ً من اقربائك الفلسطينيين …. وانت تريد قتلى …. يا من لم تبلغ حتى نصف عمرى …
ثم انك حتى لن تستطيع الضغط على الزناد و ……………………
ولم يستطع اكمال عبارته …. فقد ضغط الصبى على الزناد بكل قوته وهو يعرف ان للمدفع رد فعل ارتدادى جعله يسند جسمه من الخلف بقدمه اليسرى ….
هكذا تعلم ممن سبقوه فى الجهاد …. ولكنها اول مرة يطبقها عمليا ً …..
والحقيقة انه طبقها بإحتراف ….

احتراف جعل الجندى يحملق به ببلاهة …. ولكنه لم يهتم لأنها كانت آخر نظرة للجندى يرمق بها احد …..
اخر نظرة سقط بعدها كاللوح الخشبى لاحقا ً بكل الالواح الاسرائيليين ممن سبقوه للجحيم ….
أما الصبى فقد سقط المدفع من يده وانتابته نوبة من البكاء …..
ومضت فترة قبل أن يتوقف عن بكاؤه ….

ثم أخذ يصرخ :
– أبى …. أمى …. سأنتقم لكما ….
سأنتقم لك يا أخى …..
سأنتقم لكى يا غزة ….
سأنتقم لفلسطين كلها …..

ثم توقف عن الصراخ … وحمل المدفع مرة أخرى ….
وعاود السير …. هذه المرة كان قد اعتاد المدفع …. وشعر انه كالحجر او القائم الخشبى الذى امسكه منذ قليل ….
ونظر للأمام فى عزم ثم توقف مرة اخرى عندما رأى جندى اسرئيلى آخر يفتش الجثث فى الطريق بحثا ً عن شىء يسرقه ….
فصوب اليه المدفع وهمس لنفسه :
– سأنتقم ….
وضغط على الزناد .

وائل الخولى
WAELK

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى