بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه … وبعد :-
رحلتي إلى الجنوب (2)(وادي نيرا ، وادي قنونا ، وادي يبه ، عين ثربان الحارة ، شجرة قنا)
الجزء الأول : رحلتي إلى الجنوب (1) ( قرية ذي عين ، جبل شدا الأعلى )
بعد التمتع بمناظر شدا والتنعم بأجوائه العليلة .. عدنا مع عقبته نحو محافظة قلوة … وتجولنا فيما حولها من معالم وآثار .. مثل آثار : الخلف والخليف … ولم نجد فيها شيئاً مميزاً … بل جل ما فيها بقايا البيوت الحجرية والمنازل المتهدمة ونحو ذلك … مع أنه ذكر لنا بقايا نفق في الخلف وحصون .. ولكن يبدو أنها اندثرت بسبب الإهمال للقريتين … قفلنا عائدين منها نحو قلوة ومنها توجهنا نحو :
وادي نيرا
إحداثي الوادي
19.44.845
041.20.063
الارتفاع
452 متر عن سطح البحر
وادي نيرا التابع لمحافظة المخواة .. وادي يحف به جبل شدا المشهور والمحمية حاليا .. يحتوي الوادي على 65 قرية … في هذا الوادي يتواجد العديد من أنواع الأشجار والنخيل … وعلى جنباته تقام المزارع والديار …
يتميز الوادي باتساعه … و بوجود الحصباء الكثيفة في بعض مناطقه … والأشجار المتشابكة في أجزاء أخرى …
الأشجار الكبيرة … ذات الظل المتسع كثيراً ما تراها في هذه المنطقة …
في هذا الوادي يوجد عين تجري طوال العام …
ترعي البهائم حول هذه العين … لوجود الأعشاب والشجيرات … وماء النبع يتسم بكثرة الطحالب و الحشرات الصغيرة والضفادع ! …
يمتد الماء بين جنبات الحجارة في نزول لا يمكن للسيارة الوصول إليه بل يستوجب المشي على الأقدام لمشاهدة المصاب الصغيرة …
وادي نيرا من الأماكن السياحية التي يحسن زيارتها للموجود في تلك المنطقة … وأما شد الرحال إليه فلا أنصح به … لقلة الاهتمام به من قبل أهله وذوو الاختصاص من ناحية … و تميز الوادي ليس بدرجة كبيرة …
من نيرا عدنا نحو المخواة ومنها توجهنا نحو طريق محايل … وهذا الطريق يمتد لمسافة تقارب 170 كم … بين جنباته العديد من أماكن الجمال والأماكن الرائعة … بعد مسيرة حوالي 60 كم من المخواة … كانت محطتنا الأولى في :
وادي قنونا ( قنونه )
إحداثي الوادي
19.26.491
041.36.954
الارتفاع
367 متر
وادي قنونا أو قنونة بسبت الجارة ( شرق القنفذة ) أحد أكبر الأودية وأجملها في المنطقة … يتميز بأشجار النخيل الوافرة الظلال … ومياهه المتدفقة … والتي تجري طوال العام … أقرب الطرق إلى هذا الوادي … الاتجاه على الطريق الرابط بين المخواة – نمره – شمران وقبل المعقص الاتجاه يميناً إلى قرية الفايجة حيث يربطها بالخط العام طريق زراعي … الطريق الزراعي لا يتجاوز 7كم … بعده تسلك طريقاً ممهداً حوالي 3 كم … لتصل إلى الوادي في المنطقة المميزة منه …
إحداثي الفايجة
19.28.173
041.36.880
صورة للوادي عند وصولنا إليه …
مياه متدفقة طوال العام … و نخيل باسقة منتشرة على الجنبات … والحشائش الخضراء … والشجيرات المتنوعة … هي عنوان هذا الوادي الجميل …
يتميز الوادي بطوله واتساعه … ويرى من بعيد وكأنه مزارع متشابكة تتعجب وجودها في هذه المنطقة … وهي لوحة جميلة من إبداع الخالق – جل وعلا – … في فصل الشتاء يكون الوادي من أجمل مناطق الجنوب و أولاها زيارة … لاعتدال جو المنطقة … وزيارتنا كانت في الصيف لذا يعيب الوادي هذا الوقت ارتفاع الحرارة حيث تقارب 38˚ أو تزيد ..
على جنباته وحتى في وسطه تتشابك الأشجار … وتتقارب النخيل … ويصبح للجلوس بينها متعة خاصة … حيث الظلال الوارفة … والمياه الجارية من حولك … والخضرة اليانعة … والشجيرات المتشابكة …
منظر معتاد في هذا الوادي …
يسوئك رؤية قلة الوعي في هذا الوادي … والاحتطاب الجائر عنوان هذه الصورة …
المزارع تنتشر في المنطقة .. واستوقفني هذا المنظر … وسماع نغمته المميزة … والتي تثري لدي الشجون … وتثير في خاطري الذكريات الجميلة … التي أسبح معها في دهاليز الماضي … و أسترجع معها ذكريات الطفولة وحياة المزارع البسيطة …
وادي قنونا ليس الوادي المميز الوحيد في المنطقة … فبعد مسافة 70 كم تقريباً من قنونا … يوجد وادٍ آخر … عثرنا عليه بالمصادفة المحضة … حيث لاحظنا أشجاراً كثيفة ونخيلاً باسقة تمتد لمسافات كبيرة … أيقنا أن لقنونا أخ سيامي …. وإذ به :
وادي يبه
( أو يبا )
إحداثي الوادي
19.16.652
041.48.644
الارتفاع
430 متر
مفرق يبه من الطريق الرئيسي
19.16.626
041.49.172
وادي يبه من أكبر الأودية بتهامة عسير بالعرضية الجنوبية والمتميز بنخيله الباسقة وجداوله الجميلة ومناظره الخلابة … وهو سمي لقنونا كما قال أحد الشعراء:
ما ترى لمح بارق سقيت ماءهُ يبه ** فشرورى فقنونى فحبونى فالأحسبه
وقال آخر:
أمسى فؤادي منهم بمحسبةٍ ** بين قنونى فعليبٍ فيبه
الوادي يقع في العرضيتين … المناخ في العرضيتين بوجه عام … شديد الحرارة صيفاً مع سقوط الأمطار (المتوسطة) بسبب الرياح الموسمية (الجنوبية الغربية) التي تؤدي – بإذن الله – إلى سقوط الأمطار على الأجزاء الجنوبية الغربية من المملكة … ودافئ شتاء مع سقوط الأمطار (القليلة) بسبب الرياح العكسية الشمالية الغربية التي تؤدي – بإذن الله – إلى سقوط الأمطار على معظم أجزاء المملكة … وبشكل عام الأمطار قليلة ومتذبذبة … وتعد العرضيتان مشتى جميلاً يرتاده سكان المرتفعات (السراة) شتاء … بسبب دفء الجو … في هذا الوادي نصحبكم في جولة …
وادي (يَبَه) … يقع إلى جنوب غرب العرضية الجنوبية … وهو من أشهر الأودية في العرضيتين … وقد ورد ذكره في عدد من مراجع التاريخ والجغرافية … قمنا بجولة على هذا الوادي الذي تصب فيه أودية كبيرة عند العرضية الجنوبية منها: وادي جفن و وادي النظر و وادي نخال و وادي المسقوي … وكذا وادي الغرين وغيرها من الأودية … وقد وجدنا وادي يبه من أجمل الأودية حيث اصطفاف أشجار النخيل على جنباته، وجريان مائه الذي يفضي إلى البحر الأحمر … ماءه الذي يظهر تارة ويختفي تارة بين بطحاءه النظيفة … وأرضه الطيبة …
النخل تتوافر بكثرة على ضفاف وادي يبه بالعرضية الجنوبية وعلى ضفاف وادي قنونا كما أسلفنا … وكان خلال القرن الثالث عشر والرابع عشر الهجري يغطي إنتاج النخيل حاجة العرضيتين من التمر … غير أنه ترك الآن وأهمل وهو عرضة للانتهاك بالإحراق … وقد لاحظنا ذلك أثناء جولتنا بهما ..
مناظر هذا الوادي مناظر متميزة … حيث تشاهد الخضرة اليانعة والمياه الجارية تنسال بينها …
بطحائها النظيفة … وحصبائها الناعمة .. يجعل له ميزة خاصة على قنونا … أعطته منظراً رائعاً … يطيب الجلوس فيه …
استوقفنا منظر النخيل العديدة والتي تكسوها الأشجار المتسلقة … وقد غطت غالبها أو جميعها … فلا ترى غير الورق الأخضر يرتفع إلى عدة أمتار … وأحسسنا بالهيبة ونحن نشاهدها … وكأنها تعطينا درساً في الحياء والحشمة …
من يبه … أكملنا مسيرتنا نحو الجنوب … و مما يشد نظرك في طريق محايل – أبها … منظر معاصر السمسم … والتي تنتشر على جنبات الطريق … الإبل هي ما يستخدم فيها … وتجد الكثير من المصطافين و المسافرين وقد استوقفهم المنظر الفريد … ليشاهدوا كيفية عملها … وربما يبتاعون من زيتها المميز …
بعد زيارتنا للواديين … توجهنا جنوباً حيث مقصدنا التالي :
عين ثربان الحارة
إحداثي العين
19.02.323
041.40.803
الارتفاع
223 متر
ثربان جبل مأهول به بعض القرى يقع بين بلدتي المجاردة والقنفذة … ويبعد عن المجاردة حوالي 20كلم غرباً … ويصل إلى سفحه طريق معبد متفرع من طريق محايل المخواة … ويوجد في سفحه الجنوبي على ضفة شعيب الأحسر عين كبريتية حارة يتوافد إليها المواطنون للاستشفاء بها – بإذن الله – من بعض الأمراض … و هي مهملة كثيراً … ولا يتواجد بها سوى بعض الحجيرات القديمة التي يستخدمها الناس للاستحمام … تبعد العين عن ثريبان حوالي 25 كم على طرق ترابية ممهدة … وهو الطريق المبين في الخارطة باللون الأزرق …
صورة لمنبع العين من قريب ( موجودة بأسفل الصورة السابقة ) … ويلاحظ وجود الدلاء التي يجلب بها الماء الحار لمريد الاستحمام …
لم نمكث طويلا ًفي العين … لوجودها في منطقة نائية موحشة … ولعدم وجود مناطق جيدة حولها للجلوس أو الراحة … قفلنا عائدين نحو الطريق الرئيسي والذي يبعد حوالي 25 كم … حيث توقفنا لنرتاح ونبيت بين المجاردة و بارق … وفي الصباح أكملنا مسيرتنا نحو الجنوب نحو محايل … ومنها توجهنا نحو الطريق الغربي قاصدين – بعون الله – قرية قنا حيث يوجد :
شجرة قنا ( قشيعة … وادي حوية )
إحداثي الشجرة
18.19.675
042.00.580
تقع محافظة قنا جنوب غرب محافظة محايل عسير وتبعد عن محافظة محايل عسير ما يقارب 33 كم … تحيط بها الجبال من جميع الجهات … مناخها معتدل طوال العام تكثر بها الأشجار الكثيفة والمياه الجوفية … جبالها شاهقة الارتفاع … وفيها وادي حوية … ويوجد في هذا الوادي شجرة ضخمة مميزة بجانب بئر قديمة مطوية …
وادي حوية وادي كبير وسيوله من جبل مدي … وبهذا الوادي شجرة قيل عنها أنها أكبر شجرة في الجزيرة العربية حسب إصدار جريد البلاد عام 1405هـ ! … ولكن هذا مبالغ فيه لوجود العديد من الأشجار التي تكبرها في الجزيرة العربية كما سيأتي بيانه – بإذن لله – في الجزء الثالث … الشجرة كبيرة ومميزة بلا شك … طبيعتها غريبة … حيث ضخامة الجذع … وقلة الأوراق … ولونها الفريد …
تسمى شجرة الرقعة فهي مغروسة في بئر مبني بالحجر خضراء طوال العام … ومن العجيب عروقها الضخمة التي تخترق البئر وتمتد نحو الماء في الأسفل … مصطفة بشكل بديع … وكأنها أنابيب موضوعة في البئر … تبارك الله أحسن الخالقين …
أرجو أن تكونوا استمتعتم بهذا الجزء واستفدتم … وإلى لقاء قريب – بإذن الله – مع الجزء الثالث من هذه الرحلة الجنوبية …
لكم أطيب التحايا وأزكاها من أخيكم …
… رسلان …
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،