:من مذكرتي
{ مدخل
تخيلوا لو أن عاقلاً قام بسكب القهوة الساخنة على نفسه . سيُوبَّخ بشدة كونه يعقل ما يفعل حتى لو كان على علم بعواقب ما يفعل.
أما إذا قام المجنون بنفس الفعل فإننا لا نلومه أبداً لأنه من الطبيعي أن يقوم بشيء كهذا، بل من غير الطبيعي أن يتصرف المجنون بعقلانية !
حتى أننا نعتقد أنه أشد جنوناً من غيره إذا تصرف تصرفاً عاقلاً! لأننا نتوقع أنه سيفسد الأمر أو ينكر حدوثه في أي وقت.
مثلاً: إذا تحدثنا مع مجنون نعرفه مسبقاً و تحدثنا معه مرات عدة، ثم في هذه المرة كان يتكلم بطريقة مثيرة للاهتمام أكثر. يبدو واعياً لما يحدث و هو يسرد أحداث حصلت فعلاً.
على عكس المرات السابقة التي كان يأخذنا فيها إلى عالمه ، و نعتقد وقتها بثبوت جنونيته. إلا أنه هذه المرة يبدو أقرب للعقلانية، قد نفرح لأننا نعتقد أنه قواه العقلية بدأت تتحسن و تعي و تستوعب ،
كونه يحكي و يتحدث كالعقلاء إلا أنه في الواقع كان يتقمص شخصية رآها أو تحدث إليها، و في المرة القادمة تظهر عليه علامات التعجب عندما نسأله فيها عما قاله في المرة السابقة، و نضحك على أنفسنا: كيف نصدق مجنوناً و نعتقد أنه بدأ يعود إليه عقله؟!
ثم لاحظوا أن العاقل أصبح يُنعت بالجنون إذا قام بفعل شيء يصادم ما اعتاد العقل على استيعابه، حتى لو كان عاقلاً و نحن نعلم أنه عاقل !
ربما من باب التقليل من شأنه لأننا نعتقد أنه لا يجب أن يقوم بتلك الأفعال أو ربما لأننا نجد كلمة " مجنون " مترجماً مناسباً لمشاعر التعجب التي تنتابنا عند رؤيتنا لأشياء مختلفة عن تلك التي اعتدنا رؤيتها أو سماعها.
إننا حكمنا على عاقل فعل شيئاً مغايراً بالجنون لمجرد أننا عجزنا عن احتواء ما يقصده من وراء ذلك التصرف …
نعرف – علمياً – أن الجنون هو غياب العقل، لكن ماذا لو اختار العاقل أن يذهب إلى ما لا يستوعبه العقل أحياناً، هل يصبح مجنوناً؟
** من الممتع أن أستلقي على العشب بحديقة منزلنا و أبدأ بتأمل السماء. ثم تلفت انتباهي فراشة جميلة جداً, و أفكر:
أي العالمين هو الواقع؟
أهو واقع أننا نحن الكائنات الطبيعية و الفراشات هي تلك المخلوقات الصغيرة جداً و التي نعتبرها و بقية الحشرات مخلوقات دخيلة و مزعجة،
أم أنه واقع أن الفراشات هي الكائنات الطبيعية و نحن المخلوقات العملاقة المخيفة التي تقتل الحشرات بلا رحمة و أننا نحن الدخلاء على عالمهم ؟
" ادخلوا منازلكم لا يحطمنكم سليمان و جنوده" – سورة النمل.
تبدو الآية أقرب عقلاً للاحتمال الثاني !
ثم؟
قصة النمرود يوم دخلت أذنه البعوضة .
بعوضة !! جعلت النمرود يضرب رأسه بالجدران ليتخلص من طنينها المزعج حتى مات.
أصبحت البعوضة الآن هي المخلوق الصغير الدخيل و المزعج.
يبدو أن كلانا متطفل على عالم الآخر !!
** في إحدى الحدائق، لفتت انتباهي شجرة كبيرة جداً، جميلة ذات أوراق خضراء داكنة، التفت إلى أختي و علقت: " الحمد لله أنني من البشر ! "
ضحكت على ردة فعلها عندما سمعتني ثم وضحت : أقصد، تخيلي لو أنني شجرة، أبدو جميلة و الجميع ينظر إلي في تأمل لكنني أعتقد أنه من الممل جداً أن أقضي عمري كله واقفة في نفس المكان !
و المصيبة أن عمري سيكون أطول بكثير من أعمار البشر، قد يصل إلى مئات أو ربما آلاف السنين !!!
** من الطبيعي جداً أن تجدونني على الأرض ثم أضحك فجأة بصوت عالٍ لمجرد أنني تذكرت موقف ما !
قد تعتبرون أن ما قلته سابقاً طبيعي لأنني عاقلة، لكن ماذا لو أن مجنون يتقلب على الأرض و بدأ يقهقه فجأة، أو أنه يحكي لكم قصة الفراشة أو الشجرة، كيف تنظرون إليه وقتها؟
فلاش:
– لما بدأ الرسول صلى الله عليه و سلم بالدعوة، رفضت قريش الاستماع إليه، حتى أنهم كانوا يضعون أصابعهم في آذانهم و يغطون وجوههم بثيابهم إذا رأوه قادماً،
بغض النظر عن مضمون الفكرة التي يدعو إليها، اعتقد قومه بسببها أنه مجنون لمجرد أنها تخالف ما اعتادت عليه عقولهم.
-أيضاً، عندما أعلن اينشتاين نظرية الجاذبية و النسبية نعتوه بالجنون و اتهموه بالهرطقة، و طالبوا بمحاكمته. رفضوا قبول فكرة جديدة و دراسة ابعادها،
ثم اعترفوا بصحتها أخيراً بعد وفاته.و اليوم نرى نظرياته و قد أصبحت مرجعاً ثابتاً لا يمكن أن يُشَكك فيه.
{ مخرج
عجزنا عن استيعاب الأفكار الجديدة لا يعني أن أصحابها مجانين ..
أسماء البشري
تابعوا جديد شبكة أبونواف على فيس بوك وتويتر
مدخل ومخرج وفكرة رائعة عجبني ما كتبت اختي والكثير من الامثلة على الافكار الجديدة (( الغريبة )) كما يقولوا والاتهام لاصحابها بالجنون غاليلو قال بإن الأرض كروية ولم يصدقه أحد بل قتلوه وذلك لمخالفته المتعارف عليه فهل كل هو ما متعارف عليه حجة بالحقيقة ؟؟؟ ——— ويبقى بالفعل كل غريب صاحبه مجنون من دون ان نرى ونفكر ونتفكر في كلامه او افكاره —— اختلافي الوحيد في مقالتك هي في كونك شجرة وكونك قد تشعرين في الملل اعلم اني قد اتهم بالجنون ولكن لا ابه لذلك فانا احب ان اعبر عن راي مهما كان مجنونا للبعض اعتقد عندما تكونين شجرة لن تشعري بالملل ابدا لانه وبكل بساطة لن تكوني بشرا يشعر بما نشعر نحن به بل وتكوني متعتك في مد اغصانك والقاء ثمارك ان كنتي تثمرين كشجرة اقصد بالطبع —– اعتذر على الاطالة واشكرك مرة اخرى على المقالة وفقك الله لكل خير اختي
(وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) كلنا عوالم مكمله لبعضها البعض وما نختلف نحن عن تلك العوالم الا بأمر واحد فقط ليس الكلام فكل امه لها لغتها الخاصة ولكن جهلنا لها تجعلنا نلغي وجودها وليس العقل ايضا فكل امة لها ايضا طريقة تفكيرها الخاصة بها الشيئ الوحيد الذي نختلف فيه هو اننا مكلفون ولو اني خيرت لاخترت ان اكون شجرة او نملة فيرفع عني الحساب قلم وتفكير جميلان
كلام روعه يا أسماء ربي يعطيك العوافي طلعت عيوني من كثر ماقريت B
بسم الله
/
/
اتفق معك في بعض ما طرحتي ولكني اقيد التفكير والتفكر بحد ادنى للوعي والثقافة بشكل عام لانها الارضية الصلبة التي تحمي صاحبها من الخوض في امور فكرية قد تكون قاصمة وخطيرة
احب ان يكون التفكر في حدود حتى نضل في الحدود
قلم جميل وفكر نير
دمتِ