خرجت من إحدى الدورات التدريبية ، بيدي هاتفي المحمول أتحدث به مع زميل لي .. وبالأخرى حقيبة صغيرة تحوي أوراق وملفات تلك الدورة ..
أسير باتجاه سيارتي ، حين استوقفني منظر جعلني أتعجب وأضحك في نفس الوقت ..!
ثم أنهي مكالمتي مع زميلي لأتأكد مما أراه .. كان طفلا لم تتجاوز سنوات عمره الخمس سنوات .. يقف بجوار مركبة ضخمة مقارنة بحجمه الضئيل .. يمسك بين أصابعه خرقة سوداء .. ويمسح إطارات تلك السيارة بكل حرفية وعزم ..!
أعجبني المنظر .. أخذت أتأمل مايجري .. نهض هو من عند الإطار الأمامي فانتبه لي .. قال لي بصوت حاول أن يخشنه قدر الإمكان ويظهره بلهجة الشخص الكبير : شلونك ( كيف حالك ) ؟
ابتسمت وقلت : الحمد لله ..
أعطاني ظهره وبدأ يمسح أسفل الباب الأمامي لسيارة ( الجمس ) ، ركبت سيارتي وقبل أن أغلق الباب التفت علي وقال بنفس اللهجة : شرايك تشري ( مارأيك هل تريد شراءه) ..؟!
ضحكت وهززت يدي أن لا .. و شكراً على كرم العرض ..!
عاد هو ليكمل مابدأه .. وانطلقت أنا وفي أعماقي تدور أفكار كثيرة ..
اهتماماتنا تنبني معنا منذ الصغر .. نجد كل شخص في طفولته يميل إلى اتجاهه معين .. تفرضه عليه البيئة التي يعيشها .. تبني لديه اتجاهات وطموحات حتى نجد أنفسنا ننافح عنها وندافع .. غير عارفين بطريقة اكتسابنا لها ..
تمر السنين ونجد أن جدران حياتنا كلها .. انبنت على تلك الهموم التي وضعناها أمامنا ..
نحسد غيرنا على الطرق الرائعة التي هم فيها .. نتأمل الممر السيئ الذي نسلكه في دنيانا .. نقول بحسرة : لم هم على ذاك الطريق .. ونحن بعيدون عنه ..؟!
منذ طفولتنا تبدأ حياتنا بالتراكب على بعضها ، طوبة طوبة .. يساهم في ذلك الأهل في البداية .. ثم الأصدقاء والمجتمع .. مروراً بعوامل أخرى أثرها بسيط مقارنة بالثلاثة الماضية ..
وحين نكبر يكون الاسمنت قد جف بين الطوب ، مما يجعل كسره صعباً .. بل لربما كان مستحيلاً في بعض الأحايين ..
هذه نقطة يجب أن ترتسم في أذهاننا حين نحدد لأطفالنا مسارهم في الحياة .. أن نراعي الاتجاه الذي سيساهم في رفعتهم وبالتالي رفعتنا .. ولانكون كما يقال ( مجرد فقاسة بيض ) ..!
عوداً إلى موضوعنا .. نحن هنا بين خيارين ، أن نكتفي بنظرات الحسرة .. وهزات الرأس الآسفة على حالنا .. أو أن ننطلق لنحدد طريقاً جديداً .. طريقاً نراه ونتمنى أن نكون ممن يسلكه ..
ماذا لو جلس كل منا وسحب ورقة وقلماً .. ثم استرخى وتخيل نفسه بعد عشر سنوات من الآن .. شاهد يوماً عادياً من أيام حياته .. بداية من أول لحظة فتحت فيها عينيك وحتى آخر يومك ..
شاهده بنظارتين ، نظارة عدساتها تحمل استمراراً على واقعك الحالي ، وأخرى من خلالها تشاهد نفسك فيما لو استطعت أن تتحول إلى ماترغب أن تكونه ..
وبعدها اختر حياتك ..!
ثم كثيرون سيتحدثون لك عن الإرادة والعزيمة .. لكن كل كلامهم لن يجدي .. لم ..؟
لأنك حين تستمع إليه تأتيك قوة مفاجئة .. تبث العزيمة في أوصالك .. لكن تأثيرها مؤقت .. لايتجاوز – على الأكثر – عدد ساعات اليوم الواحد ..!
أنت من يصنع قوتك بنفسك .. وليس أي حديث تستمع إليه ..
تخيلت وعزمت .. ارسم كل هذا على الورقة التي ذكرناها .. اكتب تفاصيل يومك المستقبلي كما تخيلته .. اكتب لم تريد أن تكون ذاك الشخص .. خط المدة الزمنية التي تلزمك لتصل إلى ما تصبو إليه ..
ثم خط أهم العناصر التي تتوقع أنك من خلال القيام بها .. ستصل إلى مرادك ..
ربما يعينك في هذا قراءة بعض قصص النجاح ..
لكن ليكن في علمك أن بعض الناجحين .. قد وشموا قصصهم ببعض المبالغات .. فإياك أن تعتقد أن وصولك إلى قمة الجبل .. ستحتاج من أجله أن تمر بكل ما مروا به بالحرف الواحد ..
أخيراً .. أخط تلك الخطوة .. واكسر حاجز التأجيل ..
همسة :
النجاح ليس أن تؤلف كتاباً خط عليه ( بيع منه أكثر من مليون نسخة ) ، أو حتى نشر صورتك على واجهة الصحف ..
النجاح أكبر من هذا .. بسمة طفلك في وجهك أكبر نجاح .. اعتياد لسانك على نطق الكلمات الجميلة وحسب نجاح لايعدله نجاح ..
ثم إن أكبر نجاح بلا منازع .. قدرتك على النجاح في علاقتك بربك ..
بقلم : جابر بن عبدالعزيز المقبل
تابعوا جديد شبكة أبونواف على فيس بوك وتويتر
(أخط تلك الخطوة .. واكسر حاجز التأجيل ..) حقا فماذا ننتظر ! فمن منا لا يستطيع ان يكون من ضمن الاسماء التي خلدها التاريخ تحت اسم العظماء وليس فقط ناجحين بل متفوقين و مبدعين ( أنت من يصنع قوتك بنفسك .. وليس أي حديث تستمع إليه ) معك حق فانا من يحدد اين هو موقعي خلف الجدار ام امامه ! وانا فقط من يعلم قوة و حجم الجدار الذي يوقفني , و ما هو النجاح الذي اريده كثيرا فيحثني لازالته ؟! (ثم ان أكبر نجاح بلا منازع .. قدرتك على النجاح في علاقتك بربك ..) كلام جدا راائع , مفيد و جميل يلامس جراح الكثير و يصف حالهم نفع الله به وبارك الله فيك و زادك علما و نجاحا دمت بخير
شكراً لكم على هذا الموضوع الهادف