رسائل المجموعة

بطاقات دعوة للمفاخرة

قبل يومين فقط كنت قد انتهيت من كتابة مقالتي…وقبل تسليمها بساعتين فقط جاء ما يمنع إرسالها بل ويقف مانعاً وحاجزاً لعدم وصولها…فقد بعثت لي إحدى زميلاتي بطاقة دعوة فرح لإحدى قريباتها والذي سيعقد بعد شهر، ومع أني كنت حزينة لقراءة الكلمات والعبارات وأبيات القصيدة التي كتبتها( العروس) في نفسها لأن الجميع أصبح شاعراً… إلا أنني لا أزال حتى لحظة كتابتي لمقالي هذا لا أصدق ما كتب في نهاية البطاقة….البعض قد يتوقع ( اصطحاب الأطفال ممنوع..الرجاء إبراز الدعوة قبل الدخول..الدعوة خاصة. جنة الأطفال منازلهم ومن المتوقع أن يكتب لاحقاً..أرجو أن يكون أحمر الشفاة مناسباً مع لون ديكور القاعة وفستان العروس…وللاستفسار عن اللون الرجاء الاتصال بـ(حسنين فرحة) مهندس الديكور….وهكذا ملاحظات لكن هذه الدعوة اختلفت فقد تذيل في آخرها وبخط واضح ( الرجاء عدم رمي الدعوة..فقيمة كل بطاقة خمسون ريالا) يالله.. ألهذه الدرجة ترمى الأموال وتهدر في أوراق ثم ينتهي الأمر بها في سلة مهملات؟ أيعقل أن تفكر نساؤنا بهذه السطحية؟…فقط من أجل عيون الآخرين..وليس تحقيقاً لذواتهن وأفكارهن وتوجههن بل ونظرتهن في الحياة…لماذا كل هذا الإسراف والتبذير والكرم الحاتمي النسائي؟. لقد علمت من زميلتي أن قريبتها قامت بطباعة 700 بطاقة دعوة أي بتكلفة قدرها35.000ريال..أي تكلفة زواج ميسر يحلم بها شاب سعودي , كما علمت أن هناك منافسات شديدة في اختيار أغلى دعوة فرح بين عدد من السيدات والفتيات وذلك للمباهاة والتفاخر…ومن المتوقع قريباً أن تعلن جائزة أغلى بطاقة فرح.. ولنر ما سيحدث؟..وكم هي المبالغ التي ستنفق من أجل اسم عروس وتاريخ وقاعة فرح ؟
وقبل أن أحضر الفرح وتبدأ الأفراح يبقى أن أوجه ندائي وبعمق لكل مجتمعاتنا النسائية (النسائية فقط التي تعشق المنافسات والمظاهر) بالكف عن هذه المظاهر المتخلفة، فهذا بطر وتكبر وعبث بالأموال في غير وجه حق، فاتقين الله, وأحسني الإنفاق، فالأيام تتقلب والظروف تتغير وما يعبث به من مال اليوم…قد تتمني منه ريالا فقط لتشتري به خبزً…أو تكسو طفلاً..ولتكن مشاهد الفقر والمجاعات التي نشاهدها عبر القنوات عظة وعبرة وحمدا للنعم…وتذكري أن هناك أسرا في الصومال وبعض الدول تعيش في بيوت من ورق…ومن ملابس بالية مرقعة..ومن صفائح معدنية…تقيهم بردا قارسا..أو حرا ملهبا….حلم من يسكن فيها…لحمة مشوية…أو بطاطا مقلية..أو حلوى يتسلى بها طفل صغير، حرم من جمال ومتعة طفولته بل وإن طموح كل طفل فيها أن يتعلم أن يمسك ورقة وقلما…تخيلوا ورقة…ونحن نرمي ألف ورقة بخمسين ريالا لأنها دعوة لفرح.
أعلم أني أحلم بتغيير عقول بعض نسائنا التي أصبحت مهووسة في التقليد والمظاهر الاجتماعية الزائفة…ولكن تظل دعوة وأمنية…ويبقى الأمل.
ابتسام منصور القحطاني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى