"أم أربعة وأربعين" هي دودة صغيرة، لها أربع وأربعون رجلاً، لم أقم بإحصائها، هكذا قرأت وتيقنت مثل كل واحد منكم، وهي في علم الكائنات تصنف من المعضليات، "اللافقاريات"، ربما هذا يعني أن لديها عضلات لا نعرف مدى قوتها، وننتظر معركة سوق الأسهم لنرى ونتعلم. في أفلام الكارتون تُقدم هذه الدودة كأكبر مستهلك للأحذية، وتأخذ وقتها في خلع أو لبس الحذاء، والتأكد من مقاسه المناسب، النكتة الشائعة عنها أنها تأخرت عن المدرسة بسبب ضيق أحذيتها، لا ينافسها – على حد علمي القاصر – في عدد الأطراف من الكائنات المشهورة سوى الأخطبوط بأذرعه الثماني وبمجساته "الشافطة"، رأسه وجسمه قطعة واحدة، وكأنها محفظة أسهم متخمة له أذرع ثمان، تشفط من هنا وهناك، وقدرته على المناورة والكر والفر معلومة، حركته سريعة عند الانقضاض على الفريسة أو الهروب من الخطر، بعد أن يطلق قنبلة دخانية مائية تعمي الأبصار.
أدخلتنا هيئة سوق المال بقرارها عن إيقاع العقوبة على أربعة وأربعين مستثمراً في سوق الأسهم، إلى مرحلة جديدة، نأمل ألا تكون انتقائية، أو موسمية، ونرجو ألا يكون لها علاقة بالعطلات والسفر المتوقع للكثير من البشر، أربعة وأربعون مطلوباً لدى الهيئة، بسبب مخالفات للأنظمة واستغلال لمعلومات سرية، يطلعون عليها بحكم مواقعهم الوظيفية، قرار جميل وجيد لكنه متأخر وناقص، وفيه تناقض، وقد طالبت كثيراً – ومنذ زمن طويل – بالوقوف أمام سوء استغلال المعلومات التي يفترض سريتها، والإثراء غير المشروع الذي حققه ويحققه البعض، نتيجة لعدم وجود الرادع القانوني وتطبيقه في وقته بكل حزم وصدقية، القرار مهم وطيب، هذا أمر حقيقي، لكنه متأخر، هذه الممارسات كانت قائمة من قبل وجود الهيئة، ولم تحرك مؤسسة النقد ساكناً، فلماذا الانتظار إلى حين تزايد الرقم، ليتم إيقاع العقوبة، ثم ما العقوبة التي تم إيقاعها بالفعل؟ وهل يمكن الإعلان عن عقوبة أشخاص مجهولين؟!… لماذا الإعلان من أصله؟! الشفافية كل لا يتجزأ، والتقسيط فيها لا مبرر له، أما التناقض في قرار الهيئة فهو ناتج من سماحها منذ أن تم إنشاء موقع تداول للشركات المساهمة بوضع الإعلان الذي تريده وبالصيغة التي تراها، الموقع هو موقع رسمي، يفترض أنه محل ثقة، والإعلانات أو الأخبار تدار من الشركات وموظفيها بالطريقة التي تناسبهم، فكان أفضل مصدر لألعاب السيرك في سوق الأسهم، بقي علينا طرح أسئلة لن تجيب عليها الهيئة، ولكن قد تستفيد منها! الأول يقول: من الجهة التي ستراقب موظفي الهيئة وكل المعلومات تحت أبصارهم قبل الآخرين؟ الثاني ما موقف الهيئة من المحللين الذين يصدرون تقارير عن أوضاع سوق الأسهم، ويستهدفون شركات بعينها، وهم يديرون محافظ كبيرة، وتروج الإشاعات أنهم أول من يشترى تلك الأسهم التي ساهموا بالضغط عليها؟ فهل يوجد أحد منهم في القائمة… المجهولة؟!.
م/أبوسامـــــــر