السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.. مقدمة خاصة ..
أكثر المواقف ألماً .. وقسوة
صباح تلك الليلة .. عندما نزلت درج منزلنا يوم عزاء والدي الغالي
ونظرت إلى منزلنا الكبير .. الذي يبث حزناً وفراقاً
بـ كراسيه المصفوفة .. بـ فراغه .. بـ صوت السديس
عندها أيقنت .. أن والدي
قـد مـات
لحظتها كان بصدري صرخة، لو صرختها .. لسمعها كل عبيد الرحمن
صرخة .. مازلت أتجرع ألم كتمها حتى هذه اللحظة .. لاأعلم كيف كتمتها
ولا أعرف كيف تحملت أن لا أصرخ
ولكنني خفت على والدتي .. فـ كتمتها ومازلت أتألم
وتذكرت الحديث
أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : يقول الله تعالى : ما لعبدي المؤمن عندي جزاءٌ إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة
وددت ياوالدي .. بـ لحظتها .. أن أكون ابنة بارّة
فـ صبرت .. ولم أصرخ، بل كتمتها.. هذه تربيتك لي ياوالدي
الــصــبــر
بمعناه العام هو حبس النفس على ما يقتضيه العقل و الشرع أو عما يقتضيان حبسها عنه.
فإن كان حبس النفس لمصيبة سمي صبراً
و إن كان في محاربة سمي شجاعة و يضاده الجبن
وإن كان في إمساك الكلام سمي كتماناً و يضاده المذل
والصبر عادة الأنبياء والمتقين، وحلية أولياء الله المخلصين، وهومن أهم ما نحتاج إليه نحن في هذا العصر الذي كثرت فيه المصائب وتعددت، وقلّ معها صبر الناس على ما أصابهم به الله تعالى من المصائب
الصبر في آيات القرآن الكريم
وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الاُمُورِ
فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ
سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ
وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً
وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ
إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ
وأمر الله نبيه بخلق الصبر فقال: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ
وأمر الله به المؤمنين، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا
وأثنى على أهله، فقال تعالى: وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُون
وأخبر بمحبته للصابرين، فقال تعالى: وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ
ومعيته لهم، فقال تعالى : وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ
الصبر في الأحاديث الشريفة
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم
عجباً لأمر المؤمن كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له
رواه مسلم
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن يتصبر يصبره الله، فما أعطي أحد عطاءً خيراً من الصبر
متفق عليه
وعن أبي هريرة و أبي سعيد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
ما يصيب المؤمن من نصبٍ، ولا وصبٍ ولاهمٍ، ولا حزنٍ ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه
متفق عليه.
فمن ذلك نعلم أن الخير كل الخير للعبد: أن يصبر في جميع أموره؛ لأن المسلم يعلم أن البلاء مهما عظم أمره، أو صغر قدره فإن الله قد جعله سبباً لتكفير ذنوبه.
والصبر ثلاثة أقسام:
الصبر على الطاعات: فالعبد محتاج إلى الصبر على الطاعات، لأن النفس بطبعها تنفر من التكليف
الصبر على المعاصي: وما أحوج العبد إلى ذلك، إذ النفس أمارة بالسوء
الصبر على المصائب: وهي كثيرة مثل موت الأحبة وهلاك الأموال وزوال الصحة وغيرها
ومن أعلى مراتب هذا الباب الصبر على أذى الناس:
قال تعالى: وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ
وقال : وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ
ملاحظة أخيرة
أتمنى لو أنني إنسانة صبورة
لم أقم بجمع معلومات هذا الموضوع لإثبات أنني أعلم ماهو الصبر
لا .. فـ أنا أكثر الناس حاجة للصبر ولمعرفته
هو موضوع يهمني منذ أيام مرض والدي رحمه الله وغفر له
ولم تسمح لي ظروفي بالبحث فيه
دمتم بحفظ الرحمن
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان
والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اللهم ارحم والدي وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله..
ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس..
اللهم أبدله داراً خيراً من داره .. وأهلاً خيراً من أهله ..وارزقه الفردوس الأعلى ..
وأعذه من عذاب القبر ..وعذاب النار..اللهم اجمعني به في جنات النعيم
!! "يا موطني ترى .. ترابكـ " مو… تراب
!!"حفنة ترابكـ ياوطن " تسوى وطن