الإرادة هي الخطوة الأولى نحو تحقيق الهدف وصناعة النجاح وتحويل الحلم إلى واقع ملموس.
كثيرة هي الأحلام، والطموحات، والأهداف، إلا أننا نقتلها ونقضي عليها؛ لفقد الإرادة الحقيقية التي تجعلنا نحول هذه الأحلام وتلك الطموحات والأهداف إلى سراب نعض على أصابع الندم بعد فوات الأوان، لعدم تحقيقها.
فالإرادة لا تكون إلا بوجود الهمة العالية، من أصحاب نفوس تواقة لورود أعالي القمم، وبعزيمة صادقة، ونية صالحة متوكلة على الله –سبحانه وتعالى– ثم بقوة متوهجة وقادة غير متخاذلة، وتكون بالأفق الواسع المتجدد، وبإدراك المحيط من الأحوال والأحداث، وبالإتقان وعدم التفريط، وكذا تكون في نزع جلباب الاستسلام للعادات السلبية، وتكون في تحديد الهدف السامي والتوقيت المناسب والوقت الكافي وفق جدول زمني وبرنامج منظم وفق الأولويات التي تكفل إنجاز ذلك دون تردد أو تعجل أو الاستسلام للفشل، والمحاولة تلو المحاولة بكل تفاؤل وآمل ببزوغ شمس النجاح بكل ثقة واقتدار.
نعم فمن خلال تلك الخطوات – بإذن الله – نستطيع أن نبني في دواخلنا قوة الإرادة لتحقيق الهدف والوصول للغاية والظفر بالنجاح المنشود، فالإرادة كنز كل إنسان ناجح يستطيع من خلاله نيل السعادة وقلب الحلم إلى حقيقة.
والأهم هو مشروعية الأهداف وسلامة مطلبها، وصحة الطريق الذي نسير فيه لتحقيق تلك الأهداف، فقوة الإرادة والعزيمة لا يمكن أن تأتي بثمارها إذا كانت المطالب مخالفة وغير مشروعة، والطريق الذي تم سلوكه غير صحيح؛ فإذا كانت المطالب كذلك كانت سهام مسمومة تقتل صاحبها بصمت بدون محالة.
وهناك عوامل تؤثر في الإرادة من حيث القوة وعدمها، ومنها الأسرة والبيئة التي ينشأ ويتربى فيها، وكذلك الأصدقاء والجلساء الذين يجالسهم ويخالطهم، والعامل الأهم هو النفس "أنت" فحديث النفس والمشاعر والأحاسيس والعقل الباطن؛ فكلها لها دور فاعل ومهم في التأثير على الإرادة.
فلتكن إرادتنا قوية وهدفنا سامي وغايتنا شامخة، ولنتوكل على ربنا – عز وجل – ولنسلك الطريق الصحيح المستقيم الذي لا اعوجاج فيه وإن كان فيه أي اعوجاج بادرنا بتعديله بالتوبة والنوبة والاستغفار والاعتراف بالخطأ والرجوع إلى المولى الحق – سبحانه وتعالى – ولنعمل بكل جد ونشاط دون أي كلل أو ملل لتحقيق الهدف وهو رضوان الله –سبحانه وتعالى – عنا، وغايتنا هي الفوز بالجنة، وطريقنا هو الإتباع لا الابتداع، أو المخالفة، والبعد عن كل مواطن الزلل والمنزلقات، التي تهوي بنا في مراتع العفن والهلاك.
فمتى كنا كذلك، كانت حياتنا حياة أنس وسعادة، وقلوبنا بيضاء نقية، وصدرونا صافية لا غل ولا حسد فيها، وعلاقاتنا متينة قوية، وتلذذنا بالحياة الدنيا لأنها هي الطريق الموصل للحياة الأخروية.
فحلمنا هو الجنة وبالإرادة القوية والسير على الطريق الحق والصواب بإذن الله سوف يتحقق لنا الوعد من ربنا الحق بالفوز برضاه – عز وجل – والجنة، وهكذا هي أحلام الدنيا متى كانت صادقة نقية فإنها تكون بالإرادة القوية حقيقة واقعية، فمن كان يحلم أن يكون طبيبًا أو مهندسًا أو معلمًا أو رسامًا أو صانعًا أو عالمًا أو تقنيًا أو صاحب أي مهنة؛ فإنه بالإرادة والتوكل والعمل الجاد والمثابرة الصادقة سوف يكون كذلك بإذن الله ويكون حلمه حقيقة يعيشه واقعًا ملموسًا.
فلا شي مستحيل ولا صعب ولا غير ممكن مع العزيمة وقوة الإرادة والجد والعمل والمثابرة وعدم اليأس والركون لعوامل الفشل.
ولعلي خير مثال لذلك؛ وهو واقع ومحسوس ومشاهد – حيث أحداثة جارية خلال كتابة تلك الشذرات – ما تعيشه مصر هذه الأيام، فبقوة إرادة وعزيمة شباب الكنانة، وهمتهم العالية، وتمسكهم بمطلبهم، وإصرارهم على تحقيق الهدف، ورغبتهم في تحقيق حلمهم، على طوال (18) يومًا بين تضحية وجراح والآم وتحمل مشقة برد قارص في أجواء متقلبة، وتحت ضغوط أمنية ووطنية واقتصادية واجتماعية وإعلامية وغيرها، جعل الرئيس المصري/ محمد حسني مبارك، يتنحى عن مصبه، بعد أن قدم أكثر من حل، ووضع خارطة طريق للإصلاح؛ إلا أن قوة إرادة هؤلاء الشباب بتحقيق مطلبهم وهو تنحيه من منصبه جعلته يفعل.
فلو لم تكن لديهم تلك الإرادة القوية والعزيمة على المواصلة وتحديد الهدف والرغبة في تحقق الحلم الذي حلموا به وساروا بأجسادهم مطالبين تحققه لما تحقق لهم ذلك ولما كان ما كان لو أنهم تخاذلوا وترددوا وتهاونوا وتكاسلوا؛ لأن هذه الخطوات تكتب الفشل والتقهقر للوراء والبعد عن النجاح.
ولكنهم لما ثبتوا واستمروا على نهجهم بعزيمة وإرادة قوية نشطة نالوا ما أرادوا.
وهذا لا يعني أن كل من أراد تنحي رئيس الدولة أو رئيسه في العمل أن يخرج ويبات في العراء لتحقيق مطلبه، ولكني ضربت هذا المثل لبيان قوة الإرادة والدقة في تحقيق الهدف، والعمل على تحقيقه بكل عزيمة؛ تأتي بثمارها.
لذا نحن مطالبين دائمًا أن تكون لدينا قوة إرادة وعزيمة صادقة مع أنفسنا لحثها على عدم التكاسل والركون والاستسلام لفيروسات الفشل في الحياة، وعدم الجدية في وضع الأهداف والسير نحو تحقيقها في كل شؤون حياتنا اليومية والوظيفية والاجتماعية والأسرية التي بمجموعها يكون الطريق الصحيح للوصول للغاية الشامخة ألا وهي الفوز بالجنة والعتق من النار.
فلندير ظهورنا للفشل ونتجه للنجاح بثقة وخطوات ثابتة وعزيمة صادقة لبلوغ الهدف، وأن لا نلتفت للمثبطات من حولنا؛ بل علينا أن ننظر من حولنا لنستفيد من خطوات النجاح ونجيرها لصالحنا مستغلين كل ما وهبنا الله من قدرات وإمكانيات، لنبدع في السير في الطريق الموصل للنهاية الربانية والفوز برضاه وجنة عرضها السماوات والأرض.
شذرات بقلم
أبوعبدالعزيز
سليمان بن صالح المطرودي
sssm1389@gmail.com
الرياض
تابعوا جديد شبكة أبونواف على فيس بوك وتويتر
مرحبا بك أخي سليمان استطعت من خلال هذا المقال الرائع استعرض الارادة وكيفية تحقيق الحلم وان النجاح يعتمد بعد الله على قوة الارادة وعدم الركون للمثبطات وما يوهن العزيمة الف شكر وانا متابع وان لم ادون رد فقد اكتفي كثيرًا بالقراءة ولا اجد ما اضيفه الى مقال كاتب مثلك فانت تغطي الموضوع من كل جوانبه ولست بحاجة ان آتي لتأكيد رايك حيث ان رأيك يخرج بناء على المعطيات التي تستغرضها بالمقال
اشكرك على هذا التواصل وهذا التواجد وتلك المتابعة والإطراء الذي أن أكون عند حسن الظن وأن لا أخذل أي متابع