رسائل المجموعة

الإجهار بالخافي !!

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في كثير من المجتمعات تخبو قضايا ومشاكل كثيرة لا يعلم بها إلا الله سبحانه وأصحابها، الكثير منها يمكن حلها بين الطرفين ولكن منها ما يصعب حلها إلا بتدخل أطراف أخرى كالشرطة والمحكمة.
تبدأ القضية وتنتهي ولم يعلم بها إلا القليل من الناس.
ولكن في مجتمعنا السعودي ولا أعلم عن المجتمعات الأخرى يوجد أناس يبحثون عن التشهير بالمشكلة وإثارتها إعلامياً، فتجد منهم من خصص لإثارة المشاكل الخفيّة برامج حوارية تتحدث عن المشاكل التي لم تنتشر بعد بين الناس ولا يعلم عنها إلا القليل من المجتمع. والآخر خصص له زاوية إسبوعية في إحدى الصحف يبحث فيها عن التشهير بالمشاكل والقضايا الخفيّة. وهذا خصص برنامجه لاستقبال المكالمات وترك للناس التحدث عن مشاكلهم بكل حرية.
هذه الظاهرة بدأت بالانتشار بشكل واسع في الصحف والقنوات والراديو والمنتديات لأن كثيرون لا يجدون ما يفعلون فتخصصوا لهذه القضية، صحيح أن منهم كثيرون يبحثون عن حل لهذه القضايا والمشكلات.
ولكن من الواجب أن يعلم هؤلاء أن بقاء هذه القضايا والمشاكل مخفية عمن لا يعلم عنها من أفراد المجتمع سيزيد من سرعة حلها وأيضاً سيزيد من فرصة انحسارها واختفاءها من المجتمع.
كثيرون من أفراد المجتمع لديهم مشاكل داخلية ولكن لا يعرفون بأن الناس لديهم هذه المشاكل لذلك هم يريدون أن تبقى مشاكلهم محصورة بينهم ولا يعرف عنها الباقين، وعندما يقوم أحد بإظهار هذه المشكلة إعلامياً والتحدث بها أمام الجماهير والتشهير بها وكأنها من أبسط مشاكل المجتمع وأشهرها، سيعلم كثيرون بأن هذه المشاكل ليست لديهم هم فقط وإنما توجد لدى الكثيرين، لهذا سيستهينون بهذه المشكلة وسيتحدثون بها أمام الناس بكل بساطة ولن يبحثوا عن حل لها لأنهم وجدوا من تفترغوا لاستقبال مكالماتهم والتحدث عن قضاياهم.
تلاحظون أنه بعد ظهور الوسائل الإعلامية وانتشارها بين أفراد المجتمع بدأت مشاكل المجتمع بالإزدياد وبدأت الصعوبات تواجه الحلول والاستهانة بالمشاكل بدأت تظهر بكثرة بين أفراد مجتمعنا العزيز، ومن أسباب هذه الظاهرة ما تحدثنا عنه قبل قليل وهم أولئك الأشخاص الذين يشهّرون بالمشاكل الخفيّة.
صحيح أن بعضهم يريد الخير بهذا العمل ويعتقد أنه على صواب، ولكن يجب أن يعرف أيضاً أن الفساد المتسبب به عمله هذا سيكون أكبر من الخير الناشئ عن هذا العمل. لهذا إن كان يريد الخير وحل مشاكل الآخرين يجب أن لا يتحدث بالمشاكل أمام الناس عامة ولكن يجب أن يبحث عن الحل مع الأشخاص المعنيين بهذه المشكلة حتى لا يتسبب في إظهار المشكلة بشكل علني.
ومن أكثر المشاكل والقضايا انتشاراً الآن بين أفراد المجتمع ومن أكثرها خطراً هي القضايا والمشاكل الأسرية والعائلية، لهذا تجد بعض من يريدون الخير قد أنشئوا برامج تتحدث أمام الناس عن هذه المشاكل ويبدءون بالبحث عن حلول لها، ولكن ومن دون قصد سيتسببون بظهور المزيد من المشاكل الأسرية أمام الآخرين والتي كانت مخفية عنهم.
وأيضاً وبعيداً عن المشاكل الاسرية تجد أنه يوجد برامج تتخصص في التشهير عن أي مشكلة خفية في المجتمع، ونتيجة ذلك أنك تجد الآن بعض الأشخاص يتحدثون وبكل فخر عن مصائبهم على الدين والمجتمع فيفتخر بالتدخين والخمر والمخدرات والزنا والسرقة والقتل والتفحيط إلا ما ندر من الجرائم والمصائب. عافاهم الله من كل ذلك، وحمانا وإياكم من ذلك.
يقول أبو هريرة رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه ) رواه البخاري. فهذا الحديث ينطبق تماماً على المجاهرين بالمشاكل والقضايا الاجتماعية الخافية على الكثيرين.

نسأل الله العلي القدير أن يهديهم ويهدينا إلى سواء السبيل إنه ولي ذلك والقادر عليه،
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان
[ سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد ألا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك ]

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. كلام صحيح واوافقك عليه … المشكلة حين يتحدث أحدهم في المنتديات مثلا ويضع حادثة حقيقة حصلت له يبدأ الآخرون بسرد أحداث حقيقة مشابهة أو أكثر حدة وجرأة ,,ربما يبحث عن حل وربما هي فضفضة لكن الخطر الكبير هي فيمن يتداول مثل هذه القصص والخطر أيضاً فيمن يقرأ ’كلنا نقرأ لكن بتنا نخشى أن تصيب قلوبنا القسوة فيصبح الأمر عاااادي جدا جدا وكل ماقرأنا شئ قلنا الأمر عادي ويحصل مرارا’ والكثير يقول بأن اصلاح المجتمع هو بتناول مشاكله وعرضها أمام الجميع حتى يتجنبونها لكن ماسيحصل هو اضرار مضاعفة ومشاكل أعظم حمانا الله جميعا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى