كثيرة هي الأعمال والمشاريع والتصورات والتوجهات التي تمر علينا كل يوم , في فضاء العلم أو العمل أو في فضاء الأسرة أو فضاء العلاقات والتواصل الإنساني ..
ومع تسارع وتيرة الحياة واشتعال فتيل التنافس بين المكونات الإنسانية فيها هنا وهناك وهذا بلا شك خير نرجوه ونطمح إليه ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ) لاسيما إذا كان تنافساً شريفاً وفي أبواب الخير والمصلحة والنفع الخاص أو العام وعمارة الأرض وبناء الإنسان وإسعاده ..
وهذا كله يجعل الفكرة عندما تولد تنتقل بشكل سريع من العقل المفكر والشخص المدبر إلى واقع الحياة العملية وميدان التطبيق بدون أن تمر بمرحلة هامة وأساسية لا تقل اهمية عن مراحل التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة والتي تعد مربع الإدارة الذهبي ..
هذه تمثل حجر الزاوية لكل طريق نريد أن نسلكه وهي مرحلة صناعة النية وهي مرحلة مهمة وحيوية تمثل حالة شعورية كامنة هامة للفرد في مبتغاه ووجهته في الحياة
وأحيانا تتحول إلى حالة جمعية لأسرة أو مجتمع أو دولة له نية مشتركة وبطبيعة الحال له مصير واحد .
ومن هنا يكون أمام الفرد أو الجماعة الكثير من الطرق والاوعية ليختار منها فالبعض تكون له نيه شخصية بحته والبعض تكون نيته شخصية ومتعدية لنفع الغير والاخر يكون متجرداً في نيه حتى أنه ينوي هذا العمل للآخرين لا يريد من ذلك جزاء ولا شكورا , فلا يبغي الا مرضات الله ومنفعة خلقه او خدمة المجتمع
وهنا يأتي تطرقنا لفكرة صناعة النية لأنها مهمة جداً لأي عمل سواء كان تعبدي بحت أو عمل دنيوي من أعمالنا الحياتية اليومية المتواترة .
وهنا نحب أن نصحح خلط كبير عند بعض العامة حيث يعتقدون أن النية ضرورة في القضايا التعبدية فقط وهذا خطأ شائع لا أساس ولا أرضية بل هي فكرة مركزية بأخذ بها في جوانب العبادة وميادين الحياة العامة
فالنية يجب أن تكون فكرة ملاصقة لكل مشروع أو توجهه مهما قل أو صغر
وسوف نتطرق لأسرار النية التي تجعلها تتبؤا هذه المكانة العالية في فضاء حياتنا اليومي
يجدر بنا أن نشير إلى أن النية أساس كل الأعمال والأفعال والأقوال وهي قوة هامة لتحقيق النجاح وترجمة الخطط والاهداف والرغبات والمعتقدات إلى أعمال ملموسة وانجازات محققة على الأرض .
ماهي النية
هي فكرة تُعقد في داخلنا الانسان وتكون اساس لعمل يجهز له وأرضية صلبة يتم الانطلاق منها .
لماذا يجب أن نصنع النية
من التعريف السابق تبين لنا أن النية هي أساس كل بناء مهما صغر أو كبر
وهي وعاء جامع لعالم الافكار الذي هو اساس عالم المشاريع والأعمال التي ننطلق له كل يوم
بعد أن تتوفر لنا الخميرة الفكرية , فلا عمل يقوم إلا على فكرة ولا فكرة تقوم إلا على نية ومن هنا نستطيع أن ننضم عقولنا أولاً وأعمالنا ثانيا ونحصد الجودة في الاعمال والمخرجات والمنتجات ونبني إنجازاتنا على أساس تابت وقوي يعتمد عليه بعد توفيق الله
ماهي أسرار النية ؟
للنية أسرار كثيرة كتب فيها المتقدمين والمتأخرين فبعضهم عرج على أهمتها للبركة في المال والوقت والولد وهذا مشاهد وملموس وبعضهم بحث أثرها على الراحة النفسية والاستقرار الروحي والطمأنينة الحياتية وأثرها الفاعل في وفاق الاسرة ونجاح التجارة وتوفيق الجهود وتسخير الناس بعضهم لبعض وتجاوز التحديات والصعوبات بل وأكثر من ذلك في تهيئة الفرص وتمكين الانسان مما يطمح إليه ويتمنى وعرج آخرين على الموضوع من جوانب إدارية وكيف أن النية تتحول الى منظومة قيم حاكمة للمنظمات والمؤسسات وربما الدول وتسهم في دفع عجلة العمل والانجاز إلى أفضل المواقع واعلى المنازل حيث تكون فكرة مركزية حاكمة تجتمع عليها عقول الناس وصناع القرار بلا استثناء
كما أن الكثير من الخبراء والباحثين رصدوا كما ً هائلاً من قصص النجاح والفلاح والتميز الانساني في مجالات كثيرة كان من أهم مقوماتها وأسرارها هو وجود نية واضحة اولاً وصالحة ثانياً لا تغيب أبداً مهما كانت الظروف والمتغيرات والإغراءات .
كما كتب الكثير من الباحثين والعلماء حول أهمية النية الطيبة في تسهيل الكثير من الاشياء وتجاوز الكثير من العقبات فتجد الكثير ممن رزقوا بسطة في العلم أو المال أو السلطان أو حب الناس أو السعادة والبهجة
كانوا أصحاب نويا ايجابية وصالحة وكل ذلك ولا شك ساهم في نجاحهم على المستوى الشخصي والتنظيمي ومن هنا أريد أن أقول أن للنية طاقة مؤثرة في محيطنا العام واليومي
وقد تكون هذه الطاقة سلبية أو ايجابية وهذا ما يجعلنا نطرح وبقوة موضوع أهمية صناعة النية وعقدها ونحن على أبواب كل عمل أو مشروع والتأكد من أننا لا نحمل نوايا سيئة حيث أننا سوف نكون أول المكتوين بتك النار إن طال الزمن أو قصر فعالم النواميس الكونية الذي وضعه الخالق عز في علاه محكم فمن حرص على صيانة الداخل وتفقد عالم النوايا وحمايتها من أي خلل أو زلل او اختراق رزق من الخير فوق ما يتمنى والعكس صحيح
قال القدماء
نيتك مطيتك : أي هي وسيلة انتقالك فإن كانت خير فإلى خير وإن كانت شر فإلى شر ..
محبرة الحكيم
عندما تنهض من فراشك باغياً ميدان الحياة اصنع نيتك بأن يكون اليوم أجمل أيامك وأروعها بلا استثناء , وانطلق في ملكوت الله متوكلاً عليه
تأصيل
قال صلى الله عليه وسلم ” إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمرئ ما نوى ” حديث قال عنه الإمام الشافعي أنه ثلث العلم ومن عمق معناه وأهمية مبناه ومغزاه ..
بقلم / سلطان بن عبدالرحمن العثيم
مستشار ومدرب معتمد في التنمية البشرية والتطوير CCT
باحث في الفكر الاسلامي و السيرة النبوية الشريفة
ايميلي
مدونة نحو القمة
أسعد بتواصلي معكم وقربي من عالمكم
عبر توتير