أنا آسف ..
الشاعر الجاهلي النابغة الذبياني ، عرف بمنادمته للنعمان بن المنذر ،وبصحبته المنخل اليشكري ، وعاش بينهم فترة من الزمن ، وأشتهر بالمدح والاعتذار ، وقصته مع زوجة النعمان ( المتجردة ) مشهورة ، حيث أنها دخلت مجلسه فسقط عن رأسها الغطاء ، وكانت جميلة للغاية ، فطلب النعمان من النابغة أن يصفها ، فقال قصيدته المشهورة :
أمِنَ آلِ مَيّة َ رائحٌ، أو مُغْتَدِ، |
عجلانَ ، ذا زادٍ ، وغيرَ مزودِ |
وفيها تعرض لوصف خيال وشاعر للموقف ، وعندها قال اليشكري : والله ماقالها إلا مجرب ، فغضب النعمان وأهدر دمه ، لينتقل للغساسنة ، ويبدأ في قصائد الاعتذار التي لم يكن لها مكانا في جيله بحكم أنفة القوم ، ولذلك يشار له بمنشئ فن الاعتذار …
من منا لن يمر يوما ما بموقف أخطأ بحق أحد أصدقائه أو أحبته أو أبنائه ، وأبت نفسه عن تقديم الاعتذار ، رغم معرفته أنه مخطئ ، ولكنه يرى أن هذه الكلمة صعبة للغاية ، وكأنها مقترنة بالكرامة لحد كبير …
فقد يحدث في العلاقات الزوجية بعض المنعطفات المزعجة والمؤلمة فيؤجل الزوجين الاعتذار من بعضها وكأن أحدهما ينتظر الآخر ليقول له ( آسف ) وقد تمضي الأيام وتزداد المسافات بعدا بينهما مما يسارع بخطوات التوتر في حياتهم وقد تنتهي للطلاق …
ولو في يوم غضبت من أحد أبنائك ، وعلمت أنك قد أخطأت بحقه ، فهل ستبادر بالاعتذار ؟ أم أن التأسف في هذه اللحظة سيحطم تمثال السلطوية و نقل الفكرة لابنك أن الكبار وإن أخطئوا لا يعتذرون ..
تماما كوزارة الصحة التي أخطأت بنقل دم ملوث بالإيدز إلى ( ريهام ) وكأن الأمر لا يعنيها ، وكالمسؤولين عن مشاريع جدة وتبوك وما حدث للمجتمع من آلام ومآس من سوء تنفيذها ، لم نشعر الاعتذار الذي يجعل مجتمعنا يعي هذه الصفة النبيلة التي كلما ازددت قربا منها ، كلما شعرت ألفة ومحبة وراحة بال في علاقتك بالآخرين .
دعني أكون قربا منك : هل مررت بموقف شعرت أنك في نزاع بين الكرامة والاعتذار ؟
نــافذة :
قد أخطئ أنا أو تخطئ أنت
وقد نتقاسم الأخطاء
ولكن خيرنا من يبدأ بالسلام ، أنا آسف لكل من شعر بخطأي ولم أعلمه ..
خالد بن محمد الأسمري
مدرب ومستشار أسري/ مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني
تويتر