مقالات

أفكاري تكاد أن تقتلني (1)‎

لكل إنسان على وجه هذه البسيطة ما يسعده وما يجلب له الهم والألم
وتتعدد أسباب السعادة ، وتتعدد أسباب الألم
وبين هذه وتلك يعيش هذا الإنسان في منطقة محصورة تكاد أن تقتله
فيتمنى أحيانا أنه طائر ليحلق بعيدا عن همومه وأحزانه
ويتمنى في أحيان أخرى أن يستمر سنين في ضحكته عندما يواجه ما يفرحه
وهكذا يعيش ما بين تيارين مختلفين ، وما بين مد وجزر الحياة المريعة في قسوتها ، والحكيمة في تجاربها.
وهنا يطل برأسه سؤال لا يمكن مقاومته هل أفكارنا هي من تقودنا إلى السعادة ، وتقودنا إلى الألم؟
أو بمعنى آخر هل لأفكارنا دور في ما يحدث لنا؟
من خلال عمري الذي قارب على الدخول إلى أبواب الأربعينات
ومن خلال ما مر بي من تجارب ، سارة وضارة، جميلة ومؤلمة ، وجدت أن الأفكار قد تقتل صاحبها
أو على الأقل قد تتسبب له في خسائر جسيمة لا يمكن تعويضها أو احتوائها ، بل قد تستمر معه إلى آخر يوم في حياته.
يا الهي كم مرت بي من أفكار وبحسبة بسيطة
وجدت أن أفكاري طوال عمري قد شارفت على أكثر من نصف مليار فكرة !
وذلك بدءا من عمر العاشرة حيث يصل الإدراك إلى مرحلة يمكن الوثوق بها.
فخلال ثلاثين عاما وبمعدل 60 ألف فكرة يوميا كان الناتج هو ما ذكرت سابقا
وهذا المعدل اليومي هو حسب الدراسات الحديثة التي وضعت هذا الرقم لحساب متوسط أفكار الإنسان اليومية.
وقد يظن البعض أن هذا الرقم مبالغ فيه ، فكيف يتحمل إنسان 60 ألف فكرة في اليوم
انه رقم قد يوصل الإنسان إلى أعماق الجنون ؟!
إن من رحمة الله عز وجل بهذا الإنسان انه لن يستطيع عد وتتبع أفكاره
بمعنى انه لن يستطيع قبل خلوده للنوم أن يضع قائمة بتلك الأفكار
التي مر بها طوال يومه، وإلا فعلا سيصاب بالجنون ، وقد ينتحر لأنه لن يستطيع تحمل ذلك.
ومع هذا يستطيع الإنسان أن يعرف ما نوعية أفكاره طوال اليوم هل هي أفكار ايجابية أم أفكار سلبية
من خلال انعكاسها على شعوره النفسي
فإذا شعر بالرضاء والسعادة والارتياح فمعنى ذلك أن اغلب أفكاره في هذا اليوم أفكار جيدة وسعيدة
والعكس صحيح ، حيث انه إذا وجد نفسه مكتئب وحزين فمعنى ذلك أن أفكاره العامة قد كانت سلبية ومحبطة
لذلك تنعكس على نفسيته بعدة أشكال منها القلق والاكتئاب والسأم … الــخ.
هنا أريد أن أتوقف لبرهة ، ماذا يحدث للإنسان إذا بدأ بتتبع كل فكرة والتفكير بها بعمق
واقصد هنا التفكير بكل فكرة تخطر بباله طوال اليوم
بحيث أن كل فكرة تخطر في باله يبدأ في التعامل معها بعمق وعند الانتهاء منها ينتقل إلى الأخرى وهكذا …
باختصار سيصل إلى مرحلة من الهوس والجنون المؤقت
بحيث لن يستطيع جسده أن يتحمل نتاج عقله
وهذا يعني انه قد يتكلم ويثرثر إلى مدة طويلة تقارب 5 أيام دون نوم
إلى إن يصل إلى مرحلة الهوس والجنون المؤقت فيضرب من حوله ، ويؤذي نفسه دون أن يشعر
بل انه سوف ينتقل إلى أفكار مجنونة ، ويصبح إدراك الواقع أمامه مفقود
فلا يبالي إذا ما قفز من مبنى عالي ، أو قاد السيارة بأعلى سرعة ممكنة ، أو قتل احد ، وبالمعنى العام ، توقع منه أي شيء !
،،،
،،
،
والى الملتقى في الجزء الثاني من هذا الموضوع
شريطة أن يكون هذا الجزء قد نال على إعجابكم
فهل أواصل أم أتوقف ؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى