علوم و فضاء

كيف تمكن العلماء من تحديد حجم الكون ؟

هل هناك أجمل من التمتع بالسماء ليلًا بينما تُرصعها النجوم كاللآلئ المُضيئة؟ بالتأكيد لا! ورُبما يدفعك هذا التأمل إلى التفكير في حجم هذا الكون الذي تبدو لنا أنه يمتد إلى مالانهاية!

حجم الفضاء

فالكثير من الأسئلة تخطر ببالك عند تأمل السماء، أهمها ما الذي يقع خلف ما يُمكن لبصرنا أن يراه؟ ولماذا يبدو لون السماء أسود في الليل؟ ولعل أهم الأسئلة على الإطلاق، كيف تمكن العلماء من تحديد حجم هذا الكون الفسيح؟

حجم الكون

وعلى الرغم من صعوبة تفسير السؤال الثالث بالتحديد، لكننا سنُجيب عن هذا الاستفسار بأبسط إجابة ممكنة نقلًا عن ما جاء في موقع scienceabc.

 

كيف حدّد العلماء حجم الكون ؟

حجم الفضاء

باختصار، يُمكن القول أن العلماء استندوا إلى أدوات قياس مختلفة في مساحات مختلفة مثل: (علم المثلثات، المنظار، نظرية سطوع المستعر الأعظم، نظرية الشموع المعيارية، الانزياح المجري الأحمر، وأشعة الميكرو الكونية). جميعها نظريات تم أخذها بيعن الاعتبار عند وضع مسافة أو حجم تقريبي للكون.

 

كيف تُقاس المسافات في الفضاء ؟

قبل أن تصل إلى المسافات الكبيرة في الفضاء مثل السنوات الضوئية، من المهم أن تبدأ في الجزء السفلي من ما يُعرف بسلم المسافة الكونية.

فعندما نقيس أجسام قريبة من النظام الشمسي في الفضاء أو داخل مجرة درب التبانة (ضمن أقل من 100 سنة ضوئية)، فمن الممكن استعمال علم المثلثات التي تعلمتها في حصة الرياضيات في المدرسة!

المسافة بين النجوم

فإن قمت بقياس موقع نجمة في السماء خلال فترة من العام، ثم قمت بقياس موقعها مجددًا بعد ستة أشهر، ستكون حصلت على موقع نسبي للنجم القريب بالنسبة لمجرة دربة التبانة.

وإن كان حجم مدار الأرض معروفًا، ثم على أساس زاوية الضوء في هذين القياسين يُمكن حساب المسافة بناءً على نظريات فيثاغورس.

وهناك درجات أخرى في سلم المسافة الكونية يستعين بها العلماء لتحديد المسافة بين الأجرام السماوية المختلفة بالنسبة لمجرة درب التبانة أو بالنسبة لبعضها البعض. وبناءً عليها يُمكن حساب حجم الكون!

 

درجة الشموع المعيارية (القياسية)

نظرية الشموع المعيارية

طريقة شائعة للغاية بين علماء الفلك لتحديد المسافات في الكون، عبر نظرية تُطبق على نجوم تُسمى “سيفيدس”. فالنجوم التي يُطلق عليها اسم سيفيدس هي نجوم تتغير دورة سطوعها مع الوقت.

ويُمكن اعتماد بريق هذه النجوم في تحديد وحساب المسافة بين الأجرام السماوية التي تبعد مسافة أكثر من 80 مليون سنة ضوئية عن مجرة درب التبانة اعتمادًا على حسابات المنظور.

وتُعرف هذه الطريقة بالشموع القياسية التي تُستعمل كوسيلة أخرى لتحديد معالم المسافة في الفضاء، وهي إحدى درجات سلم المسافة الكونية.

 

درجة سوبرنوفا (المستعر الأعظم)

المستعر الأعظم

على الرغم من أن 80 مليون سنة ضوئية تبدو كأنها مسافة كبيرة للغاية، لكن صدق أو لا تصدق، فإن الكون أكبر من ذلك بحوالي 1000 مرة! هذا يعني أننا بحاجة إلى درجة أخرى ضمن سلم المسافات الكونية لتحديد المسافات أبعد من 80 مليون سنة ضوئية!

هنا جاءت درجة المستعر الأعظم أو سوبرنوفا أو المًستعر الأعظم. والمستعر الأعظم مُصطلح يُشير إلى حدث كوني يحدث في نهاية حياة نجم ضخم. حيث ينفجر النجم مُحدثًا انفجارًا هائلًا مسببًا سحابة كروية حول النجم وبراقة للغاية سرعان ما تنتشر في الفضاء.

على إثر هذا الانفجار، ينهار النجم على نفسه نحو المركز مكونًا قزمًا صغيرًا أو نجم نيوتروني اعتمادًا على كتلة النجم.

ويُفرج هذا الانفجار عن طاقة كبيرة  تملأالمجرة بأكملها، ويُعرف هذا الانفجار باسم المستعر الأعظم من نوع 1A. وحيث أن كتلة النجم المُنفجر معروفة، فيُمكن للفلكيين حساب السطوع المُطلق من الانفجار وبالتالي حساب المسافة الكونية التقريبية للمجرات البعيدة.

 

درجة الانزياح الأحمر

الانزياح الأحمر

في مسافات أكبر تصل إلى عشرات المليارات من السنوات الضوئية، استعمل الفلكيون سلم الانزياح الأحمر لتحديد حجم ومسافة الكون.

وعلى الرغم من أن هذه المقالة بأكملها لن تكفي لشرح هذه النظرية المعقدة، لكن يكفي القول أنها تعتمد على ابتعاد كل كائن في الفضاء عن كائن آخر، أو بمعنى آخر، مقدار التوسع بين الكائنات في الفضاء. ويُمكن تعريفها باختصار بأنها ظاهرة زيادة طول الموجة الكهرومغناطيسية القادمة إلينا من أحد الأجرام السماوية نتيجة سرعة ابتعاده عنا.

ويبلغ معدل التوسع الحالي ما بين 72-74 كلم في الثانية لكل ميغابارسك (3.26 مليون سنة ضوئية). ويتم احتساب المسافة بين المجرات البعيدة عنا عبر طريقة الانزياح الأحمر التي تعتمد على سرعة المجرة في الابتعاد عن أخرى.

 

نظرية أشعة الميكرو الكونية

أشعة الميكرو الكونية

آخر درجة في سلم المسافة الكونية وأداة القياس النهائية، وهي تعمل كخط أساس للمسافات داخل الكون. تُعرف هذه النظرية اختصارًا بـ (CMB)، وتُشير إلى الإشعاع المتبقى من اللحظات المُبكرة للانفجار الكبير، وهو ما يقرب من 400 ألف سنة ضوئية بعد الانفجار الكبير.

ويُعتبر هذا الإشعاع أقدم وأبعد إشعاع مُكتشف حتى الآن من أي وقتٍ مضى. ويضع خط أساس للكون الذي يمتد على نحو طول 13.7 بليون سنة ضوئية من الأرض!

لذلك، فإن الكون المُلاحظ بالنسبة لعلماء الفلك يمتد بنصف قطر يبلغ 13.7 بليون سنة ضوية وقطر حوالي 27.5 بليون سنة ضوئية!

وعلى الرغم من تقدير العلماء لحجم الكون المعروف بهذا الرقم، لكن هذا لا يعني دقته تمامًا، فالكون في توسعٍ مستمر، ما يجعل حافة الكون أبعد من ذلك بكثير!

ووفق ما تُشير إليه نظرية هابل الكونية، فإن حجم الكون المعروف قد يصل حتى 92 بليون سنة ضوئية في القطر! ويبقى الله عز وجل أعلم في الحجم الحقيقي للكون الذي لن يُقدره على وجه التمام مخلوقٌ إلى نهاية العالم!

 

اقرأ أيضًا:

لماذا يعاني رواد الفضاء من خطر العمى عند السفر للمريخ؟

لماذا لا يمكن أن تسمع شيئًا في الفضاء ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى