مقالات

السطحية و التسطيح و الشوارعية

السطحية و التسطيح و الشوارعية

تراث أشيقر في السعودية
الكاتب : سعود بن غانم العريدي

لكل أمة من الأمم تراثها الذي تحتفي به ، والذي توليه من العناية والاهتمام، وتتعامل معه وفق القواعد الصحيحة التي سطرها أسلافهم .
لكن في ضفة ما أمة تزخر بتراث لا مثيل له ، شهد بعظمته ومكانته القاصي والداني ، والبر والفاجر ، والمنصف والمعادي ، تتعامل مع هذا التراث بطريقة سطحية ساذجة ، تنم عن جرأة وضعف في التكوين العلمي والثقافي .

ألقِ نظرة خاطفة على أي صحيفة وشاهد كُتَّاب المقالات ، كاتب صحفي مشتغل في تصحيح أحاديث وتضعيفها، وآخر يؤسس من (رأسه) قواعد استنباطية ، وثالث يرجح رأي المذهب الفلاني لأن رأي فلان لم يرق له ، ويتعامل مع النصوص الشرعية ونصوص العلماء بطريقة بدائية، ورابع يسخر من كلام ابن تيمية في تحريمه للكيمياء ظانًا أن ابن تيمية يقصد الكيمياء التي تدرس في زماننا ، وللأسف هذه الشبهة متكررة سنويًا ، وآخر يفسر القرآن بالآرامية ، وآخر يتناول آية يزعم أنه يفسرها ويربطها بالواقع وهو بتفسيره لها يقصيها عن الواقع، ويبهم أكثر من أن يوضح ،والكلام جارٍ على وسائل التواصل بكل صورها وأشكالها.

وأظن لدى البعض تصورًا وهو : أن المذاهب الفقهية والقواعد الاستنباطية وطرق تصحيح وتضعيف الرجال ، هي خاضعة لمزاج العلماء آنذاك ، وجاءت اعتباطًا من (كيسهم)، وكأن المسألة أشبه بجلسة (شاي وفصفص) يجلسها الفقهاء ليناقشوا فيها مسائل الدين وقواعد الملة ..
للأسف أصبح الفضاء الثقافي عاجًّا بالسذج المتعاملين مع تراثنا تعاملًا شوارعيًا بدائيًا ساذجًا ، سقطت على إثره مكانة هذه الإبداعات ، واحترامها حين طالتها أيادي من لا يحسنون التعامل معها ، ولا يقدرونها حق قدرها، وصار من لا يستطيع قراءة جملة على وجه صحيح يتعامل مع كنوزنا التراثية تعاملًا تمجه نفوس من لهم أدنى غيرة على تراث الأمة وثقافتها .
وليت لدى بعض كتابنا جَلَدَ المستشرقين -مع سوء قصدهم- ، الذين يعكفون في محاريب البحث العلمي الجاد لدراسة علومنا وتراثنا وطريقة التعامل معها بالطريقة الصحيحة التي رسمها أهل كل فن ..

لم أعد أستغرب من أن أرى سخيفًا أرعنًا في تويتر يتعامل مع التراث بهذه الصورة، لكن لا ينقطع عجبي من جموع غفيرة تركض وراءه مصفقة متمنية له دوام النصر والتأييد ، ومشيدة له بالقوة العلمية ، (وينصر دينك يا شيخ) ..
ولو أن رجلًا منتسبًا للعلم الشرعي تعامل مع الرياضيات -مثلًا- بهذه الصورة ، لرأيت توافد الردود عليه ، ونداءات (ليحترم كل منا تخصصه)، وهتافات بإلزامه الاعتذار عما بدا منه ، وربما دعوات بالقتل تعزيرًا للسيئة التي اقترفها !!
إن بين أيدينا كنوزا من العلم والحكمة التي قضى أسلافنا في تدوينها عصارة جهدهم وزهرة أيامهم فليتنا إن لم نحسن التعامل معها أو مجاراتها أن ندعها ، لعل الله أن يهيئ لها من يستخرج جواهرها ولآلئها ..

أخيرًا هذا نداء حار ، ونذارة النذير العريان لعلها تجد آذانًا صاغية ، وقلوبًا غيورة لتتغير طريقتنا في تعاملنا مع كنوزنا التراثية ..
وليكن شعارنا ذلك الشعار الرباني الذي سار عليه أسلافنا ، والذي صار شعارًا لمثقفي الغرب ومفكريهم -ويكاد يغيب عن ساحاتنا- هو قوله تعالى :(ولا تقف ما ليس لك به علم) ..

سعود بن غانم العريدي .
١٤٣٧/٨/٣ هـ الرياض .

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. مقال ضعيف مع احترامي للكاتب اشبه ما يكون بخطبة جمعة تحرض على تعطيل العقل والاكتفاء بأراء من سبقونا
    اتفق معه بان تسفيه اراء من سبقونا ليس امرا حكيما، لكن محاكمة النصوص التراثية من حق الجميع فكل يؤخذ من قوله ويرد الا رسول الله عليه الصلاة والسلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى