منذ عام 1990م، تم تحديد شهر نوفمبر للاحتفال بالتراث الأمريكي، حيث يقوم الأمريكيون خلال هذا الشهر بالتعرف على مساهمة الأمريكيين الأوائل الذين كانوا سببا في نهضة البلاد ونموها. فكثيرا من التاريخ الأمريكي وصل إلينا من الأحداث التي سجلها المستعمرون الأوروبيون الذين استعمروا أمريكا خلال أوائل القرن السابع عشر. مع ذلك، فإن سكان أمريكا الأصليين المشار إليهم بالهنود الحمر هم أول من عاش على الأرض الأمريكية منذ آلاف السنين، وهم الأحق في ذكرهم عند التطرق للتاريخ الأمريكي.
سكان أمريكا الأصليين.. الهنود الحمر
يعتقد الخبراء أن الهنود الحمر جاؤوا أولا من آسيا. فمنذ آلاف السنين، كانت سيبيريا في روسيا متصلة بألاسكا في الولايات المتحدة عن طريق الأرض، وكانت تُسمى هذه المنطقة عبر بحر بيرنغ “بيرنجيا”. إذ كان الناس قادرين على عبور بيرنجيا من سيبيريا إلى ألاسكا التي نعرفها حاليا، وعلى مدار آلاف السنين، عبرت العديد من القبائل المختلفة والمجموعات العرقية المميزة إلى هذه الأرض الجديدة وبدأوا بالانتشار في كل أنحاء ما يُعرف اليوم بأمريكا الشمالية، ولا تزال العديد من القبائل تتواجد فروعها حتى اليوم بأمريكا.
فقد عاش سكان أمريكا الأصليين وهم الهنود الحمر في وقت مبكر على أرض أمريكا الشمالية، واعتمدوا على الصيد وجمع الثمار والنباتات للحياة، وسكنوا الأرض بمفهوم يختلف تماما عن المفهوم الاستعماري الأوروبي. وبعد وصول المستعمرين الأوروبيين، عانى الهنود من ويلات الاستعمار عدى عن الوفيات التي حصلت بصفوفهم بفعل الأمراض التي أتتهم من الخارج، واستمر الصراع بينهم وبين المستعمرين طويلا لمحاولة المستعمر الأوروبي “تمدين” الهنود الحمر وتعليمهم الأساليب الحضارية الغير مألوفة في الزراعة والحياة.
بعد الحرب الأهلية، تسبب التوسع الغربي بالعديد من الصراعات مع القبائل الأمريكية الأصلية ما أسفر عن وقوع سلسلة من الحروب الهندية، وبمرور الوقت، اضطرت العديد من قبائل الهنود الحمر إلى التخلي عن أراضيهم قصرا نتيجة لوقوعهم بفخ معاهدات السلام لإنهاء الحروب التي استنزفتهم طويلا، وأُعطي هؤلاء السكان أراضٍ جديدة ومختلفة للعيش فيها.
اليوم، هناك ما يقرب من مليوني نسمة من الهنود الحمر يعيشون في الولايات المتحدة الأمريكية ونحو مليون في كندا، ويُطلق عليهم اسم “الأمم الأولى” بدلا من الهنود الحمر. ويتحدث هؤلاء قرابة 150 لغة مختلفة من لغات الأمريكيين الأصليين.
وعلى الرغم من كثرة المصطلحات التي استُخدمت للإشارة إليهم، إلا أنهم يفضلون تسمية أنفسهم الهنود الحمر أو ببساطة الهنود. ويُمكن تقسيم قبائل الهنود الحمر في الولايات المتحدة إلى أكثر من 560 قبيلة منفصلة. فعلى الرغم من أنهم جميعا من الهنود، لكنهم يختلفون في لغاتهم، ملابسهم، العادات والثقافات بين كل قبيلة وأخرى. هذه الاختلافات في اللغة والثقافة أعطت كل قبيلة هويتها المختلفة عن الأخرى وجعلتها تساهم في المجتمع بطريقة تختلف عن الأخرى.
