مقالات

نصيحة أم فضيحة ؟!!

نصيحة أم فضيحة ؟!!

نصيحة

ونقد بنَّاء أم هدم لبناء ؟!!

وفقه أم تفقه ؟!!

وقول أم تقوُّل ؟!!

(( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً .. أو ليصمت )) ..

ومن ابتغى شُمَّ الجبال لم تثنه سود الحفر، ومن ابتغى كسب الذباب يعش أبد الدهر بين القذر !

بين دعاة حرية التعبير، وبين أصحاب فقه الأثر، نشأت ناشئة على لون الرماد، فلا هم للحرية التزموا، ولا بفقه الأثر ارتسموا، قالُهم نريد النقد البنَّاء وبأيديهم معول هدم البناء، يريدون النصيحة وحقيقة أمرهم الفضيحة .

يعمدون إلى ما اتضح صلاحه، وسمت غايته، وارتفع شأنه، وراجت هيبته، وذاع بين الناس صيته – كجهاز الهيئة، وحلقات تحفيظ القرآن-، فتتبعوا أخطائه، وأشاعوا أمره، ونادوا بأعلى صوت : إن نريد إلا الإصلاح ما استطعنا !!

نظروا بعين أعور اليمنى، فجنحوا نحو الطريق العسرى، فحادوا عن الطريق السوي المستقيم، ولم يصبحوا إلا على القبيح، فلا تسل لم لا تذكر غيره ! !

تركوا طريق النَّحل وارتضوا طريق الذباب !! فلا يقعون إلا على الخبث، وليتهم إلى مَن أسفل منهم نظروا ولكنهم رفعوا رؤوسهم حتى التوت منهم الرقاب، ولا يضر السحاب نباح الكلاب !

حالهم كقول القائل :
كناطح صخرة يوماً ليوهنها **** فلم يوهنها وأوهى قرنه الوعل

فحاصل علمهم أن الفضيحة : في شدة الأسلوب، وحِدة العبارة، ولم يعلموا أن بين النصيحة والفضيحة (شعرة) الجهر والجهار، وأنه قد يترتب على الجهار تبديل الحسن بالقبيح، فليس النصح مجرد التعبير، بل حقيقته النظر في العواقب والمآلات، فرُبَّ كلمة صارت سبباً لإبطال حق، وإحقاق باطل، فالإنكار درجات : أعلاها إزالة المنكر بالكلية، وثانيها إبدال المنكر بمنكر أخف منه، وثالثها : تغيير المنكر بمنكر مثله، فرُبَّ كلمة قالت لصاحبها دعني، ورُبَّ كلمة لم يلق المرء لها بالاً تهوي به في النار سبعين خريفاً .

ومن نظر إلى حال كثير منهم، وجدهم إنما يبحثون عن الجدال والخصومة، وصدق عمر بن عبدالعزيز -رحمه الله – من جعل دينه غرضاً للخصومات أكثر التنقل ، فتجدهم في تلك المقالة يدَّعون، وفي هذه يخالفون ما ادَّعوا ! فأكثروا التنقل، فظهر في قولهم الخلل .

فإن كانوا أرادوا بفعلهم النصيحة فقد أخطؤها، وما هكذا يا سعد تورد الإبل ..!

ولقد أحسن الإمام الشافعي رحمه الله حين قال :
تعمدني النصيحة في انفرادي*** وجنبني بنصحك في الجماعه
فإن النصح عند الناس نوع **** من التوبيخ لا أرضى استماعه
فإن خالفتني وعصيت أمري **** فلا تجزع إذا لم تعط طاعه


تابعوا جديد شبكة أبونواف على :

border=0  border=0  border=0  border=0  border=0  border=0

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى