مقالات

مقال: خلك رجال

مقال: خلك رجال

خلك رجال

لو سألت أحد الأشخاص بعد بكائه هل ارتحت ؟ سيجيبك : نعم .

حيث أشارت دراسة أقيمت حول تأثير البكاء في ارتياح الأشخاص ، أن ( 73% ) من الرجال مقابل (85 % ) من النساء شعروا ارتياحا كبيرا بعد أن كان البكاء وسيلة للتعبير عن الضغوطات التي يمرون بها أو مواقف مؤثرة في استثارة مشاعرهم ، هذه الدراسة أجريت في مجتمع غربي ، غالبا ما يكون التعبير واضحا عن مشاعرهم ، فما بالكم لو أجريت الدراسة في مجتمعنا ؟

تظنون كم النسبة ستصل بالنسبة للرجال ؟ أما النساء فلاشك هي بعيدة عن الضغط المجتمعي في البكاء .

وقد تلعب التربية والعادات والتقاليد دورها في التعامل مع البكاء والدموع ، فالفرنسيون شعب لايبكي كثيرا ، ولكن ( 8% ) منهم يبكون بسبب الحب .

ولكن في مجتمعنا ( خلك رجاال ) حتى لو تعرضت لصنوف الأذى والتعب والألم ، بما تحتويه هذه المواقف ، في النهاية الرجل لايبكي ، فقط الدموع للمرأة لارتباطه بالضعف .

أذكر موقفا لازال عالقا بذاكرتي حين أخبر العم ( محمد ) جارنا العزيز بوفاة نجله غرقا ، وأوكلت المهمة لوالدي ( رحمه الله ) لإخباره بالحادثة ، حيث أن ردة فعله ربما تصبح عنيفة ما شاهدته لن أنساه أبدا ، حيث قمنا جميعا بمساعدته والالتفاف حوله لمشاركته محنته ، وعندما تنظر لتجاعيد وجهه تلمح الصبر و قوة الجأش وكأن الأمر رغم ألمه لايعني شيئا كثيرا في سبيل محاربة الدمعة في عينيه ، وبعد أن دفن ابنه واستقبلنا المعزين لليوم الأول ، اختفى العم ( محمد ) فجأة ، وحيث أن بعض المعزين قد وصلوا فقد كلفني والدي بإخباره عنهم …

ذهبت للبحث عنه لأجده في غرفة منزو وقد علت على خده الدمعة ، وبحرقة شديدة لم ألمحها في وجهه سابقا وكأنه قد انهار ، يحاول أن يشعرني الصمود ، ولكنه استمر قليلا في بكائه وأخبرته حينها أن المعزين قد وصلوا ليعود إلى مكانه في استقبالهم وكأن شيئا لم يحصل أبدا …

تصادف في حياتك بعض الأطفال يبكون بحرقة ، فيقوم من يريد معالجة الموقف بإلقاء كلماته المعهودة ( أفااا خلك رجاال ) الرجل لايبكي أبدا وكأنه يختلف عن إنسانية غيره في مشاعره والتعبير عنها ..

لو حدث لك موقف مؤلم أمام حشد من الرجال ، ياترى هل ستهل الدمعة أم ستقاومها وتحتجب خلف كلمة ( خلك رجااال ) ؟

 

نافذة :

أجمل وأنقى دمعة تسقط على خد من خشية الله …..

 

 

خالد بن محمد الأسمري

مدرب ومستشار أسري/ مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني

تويتر

khalid_m_asmari@

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى