رسائل المجموعة

قصة قصيرة :شاطر + دعوة

السلام عليكم
انطلاقا من وفائي لقروب أبو نواف القروب الذي قدمني للجمهور من خلال نشر قصصي و اعطائي الفرصة للتواصل مع الجمهور وكذلك الفنانين والعديد من الصحفيين ودور النشر ، ولا يخفي على المتابعين لأعمالي التعاون الفني الذي أثمر بيني وبين الفنان البحريني الأستاذ أحمد الصايغ من خلال فيلم بلوتوث المأخوذ عن قصة كتبتها من خلال القروب وتحمل نفس القصة وقد أعطاني الأستاذ أحمد الفرصة لكتابة السيناريو والحوار للقصة بنفسي لخبرتي مسبقا في كتابة السيناريو، والفيلم سيصور في البحرين خلال الأيام القادمة ويعرض في دور السينما في الخليج بإذن الله
 من هذا المنطلق أود أن أوجه دعوة من خلال القروب لجميع الأعضاء والقراء لمشاركتي بقصص واقعية حدثت لهم و يجدون أنها تصلح لكي توظف دراميا من خلال مسلسل درامي أو قصة أو حتى نص مسرحي
وذلك من خلال الدخول لموقعي الشخصي و كتابة القصة في قسم المراسلات
مع خالص تحياتي للقائمين على القروب وللجميع
أخوكم الكاتب/ عبدالعزيز الحشاش
الكويت
الموقع الشخصي
www.Abdlaziz.com


( قصة قصيرة )
( شـــــاطــر )
بقلم : عبدالعزيز الحشاش

( أن تضئ شمعة صغيرة خير لك من أن تنفق عمرك تلعن الظلام ) حكمة عالمية
****
ولد رجل على باب الله .. أو لنقل رجل تسيره الحياة .. فهو شاب كويتي تقليدي .. نشأ في أسرة سعيدة ذات دخل محدود . أب و أم و أشقاء . دخل المدرسة، وكان واضحا لوالديه بأنه طفل متفوق و يحب الدراسة، أكمل تعلميه حتى تخرج من المرحلة الثانوية بمعدل مرتفع يؤهله لدخول الجامعة، وكأي شاب يكمل الثامنة عشر في مجتمعنا نجح في اجتياز اختبار القيادة وحصل على الرخصة . ولا نفع لرخصة القيادة دون سيارة، فكمكافأة له على نجاحاته المتتالية في المدرسة والتي تأهله لدخول الكلية التي اتفق مع والديه على حبها (الطب) . فقد حصل على سيارة غالية الثمن، استطاع والديه دفع تكاليفها بعد أن نجحا في تحويش مبلغ معقول له في حساب خاص به منذ أن أتى للحياة حتى تخرج من المدرسة. دخل وليد الجامعة، شاب وسيم، طويل، ناجح، مجتهد .. وسيارته جديدة .. وغالية.
ودون كلل أو ملل أو تلكع، استطاع وليد أن يتخرج من الجامعة، وتعين في وزارة الصحة كدكتور جراحة. تزوج وليد .. و زرق بطفلين جميلين .. وعاش حياة سعيدة هانئة.
قصة جميلة .. أليس كذلك ؟ ..
للأسف .. كانت هذه مجرد البداية .. فقصة وليد بدأت للتو ..
في ليلة ممطرة كادت أن تغرق البلد، كان وليد عائدا متأخرا من عمله بعد عملية طويلة استمرت ستة ساعات استنزفت طاقته، وأجهدت تركيزه، و في الطريق غطى المطر الزجاج الأمامي للسيارة، وأخذت المساحات جاهدة تدفع به يمينا ويسارا عبثا بلا فائدة. وفجأة ودون إنذار مسبق ظهرت في وجهه سيارة مسرعة .. كل ما كان يذكرك ه وليد حينها أنه رأى إضاءة السيارة الأمامية تظهر في وجهه فجأة .. والضوء الصغير أصبح هالة بيضاء كبيرة .. ثم لم يشعر بشيء.
فتح وليد عينيه وصوت منبه يرن .. و يرن .. و يرن ..
بيب .. بيب .. بيب !
حرك عينيه يمينا و يسارا .. وبعد جهد طويل لتحويل ضباب الرؤية إلى وضوح .. شاهد واليه .. أشقائه .. أقرباءه .. وبعض أصدقائه .. والجميع بلا استثناء يبكون.
لم يمض وقت طويل حتى فهم وليد بأن الأمر ببساطة كالتالي :
ليلة الحادثة تعرض وليد لإصابة في ظهره، أجبرته للخضوع لعملية، وبما أن الإصابة قريبة من الحبل الشوكي ، فقد باءت العملية بالفشل .. وأصبح قدر وليد أن يكون مقعدا طوال حياته .. فتعرض للشلل وعدم القدرة على السير.
بدا تعاطف الجميع معه واضحا جليا، وأخذ الأهل والأصدقاء يجاهدون على نفسهم حتى يمثلوا أمامه بأن الوضع عادي وأنهم يتقبلون إصابته وإعاقته بصدر رحب .. ولكن وليد كان يعرف تمام المعرفة بأن كل شيء تغير، وأنه شخصيا لا يحتمل إعاقته، فكيف بالآخرين؟ ..
دارت الأيام، وما كان وليد يتوقعه بصمت حدث سريعا .. فبعد أن جلس في البيت دون عمل، بدأ الأصدقاء يملون، وبدأت زياراتهم تقل، أما الزوجة التي لم يكن لها حضور منذ اليوم الأول للحادث والتي تحججت وقتها بأنها صاحبة قلب ضعيف وإحساس مرهف لا يخولها لدخول المستشفى .. فقد كانت أولى الهاربين، ولم تكتفي بالهروب .. فقد رفعت قضية تطلب الطلاق .. وحضانة الطفلين لعدم أهلية الأب لتربية الأبناء بحكم إعاقته.
لم يبق حول وليد سوى والديه، حتى الأشقاء بدءوا بالتهرب، وعلى رأي والدته :
– الدنيا مشاغل يا ولدي .. والناس معذورون
وبما أن لكل عذره .. فكان لوليد عذره الكافي يتخذ قراره الحاسم ..
أول قرار اتخذه وليد بأنه سيحتفظ بدموعه، ولن يسمح لأي حادث أو موقف أو كلمة أن تنال منه وأن يذرف دمعة لأجلها.، في الواقع اتخذ وليد قرار قوي وجرئ .. فقد وعد نفسه بأنه خلال رحلة كفاحه هذه، في مواجهة المجتمع كرجل معاق، بأنه لن يذرف سوى دمعة واحدة فقط .. نعم .. دمعة واحدة فقط .. وسيحتفظ بها للوقت المناسب.
دارت الأيام .. وأخذ وليد يفكر كيف يحول نفسه من شخص مقعد إلى شخص محرك وفعال في المجتمع، فكانت خطواته كالتالي ..
وليد الحاصل على شهادة في الطب عرف بأنه يحتاج لتثقيف نفسه وأنه يجب أن يتعلم من جديد ليطرق أبواب أخرى في الحياة يحقق فيها ذاته .. من على كرسيه المتحرك .
فدأب وليد على دخل معاهد متخصصة في تقديم دورات كمبيوتر، و فوتوشوب، و تصميم، ودرس في دورات مختصرة لا تتعدى الستة أشهر في إدارة الأعمال.
وبعد أن انتهى وليد من كل هذه الدورات عرف أين توجهه .. فافتتح وليد – لوحده – موقع إلكتروني على الانترنت هو عبارة عن مجلة متخصصة في تناول قضية المعاق حول العالم، فقدم مشاكل المعاق و همومه و طموحه وآماله، ومن هنا بدأ الخير يهل على وليد ..
فبدأ عدد المنتسبين للموقع من المعاقين حول العالم يزداد .. وبدأ الموقع ينتشر على مستوى الدولة .. ثم على مستوى الوطن العربي .. ثم على مستوى العالم .. و في غضون شهور بدأ يتردد اسم وليد في أكثر من مكان .. في الإعلام .. في المؤتمرات .. في المؤسسات المهتمة بشؤون المعاقين حول العالم .. وعرضت بعض المؤسسات والبنوك على ولد تمويل مشروعه، كما تدخلت الحكومة في دعمه و تشجيعه، وهكذا أصبح وليد رجل غير عادي .. وشاب بطموح غير طبيعي .. وتحول الموقع لمؤسسة يديرها بنفسه .. وأصبح لوليد أكثر من هدف .. لدرجة أنه من كثرة أعماله وأشغاله .. نسى أنه معاق.
وفي ليلة من الليالي .. وأثناء جلوسه لوحده في مكتبه منكبا على أعمال مؤسسته الكبيرة، وقفت على باب مكتبه امرأة .. ابتسمت وقالت:
– مبروك .. أثبت أنك قدها
نظر وليد لزوجته مبتسما طويل .. ثم قال :
– آسف .. مؤسستنا لا ترعى أصحاب الإعاقات الفكرية .. طريق الباب تعرفينه .. درب السلامة
 
خرجت الزوجة محرجة بصمت لا تعرف ماذا تقول ..
بينما ذرف وليد دمعته التي كان يحتفظ بها .. وكانت دمعة فرح
 
– النهاية –

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

  1. قصه جميله ورائعه ومعبره وان مشوار الالف ميل يبدأ بخطوه بالعزم والاراده والايمان القوي نحقق ما نصبوا إليه وشكراً الى كاتب القصه تحياتي

  2. انا اشهد انه رجال وكفو ومن جد ياريت كل انسان مو بس معاق يكون عنده عزيمة حتى الانسان الطبيعي لا تغرة قوتها لازم يبذل مجهود في تطوير نفسه من كل الجهات حتى انه لو بعد الشر صار له شيء يكون محتاط بخبرات وقدرات تساعده الدنيا هذي مالها أمان وبعد والله يا وليد واي شخص معاق او طبيعي يثبت وجوده صح

  3. قصة اكثر من رائعة لانها تحث على التفكير الايجابي بالرغم من كل الصعوبات وهنا تتم معرفة المعدن الحقيقي للبشر واكثر جلمه اعبتني في القصه عند قول وليد لزوجته لا يوجد مكان للاعاقات الفكريه وصف رائع لان اكثر الناس بالرغم من تكامل اجسامهم في الظاهر الا ان هنا اعاقات فكريه غير ظاهر شكرا لك اخيا لكريم وننتظر المزيد من القصص الرائعة

  4. قصه افادتني في مجال عملي كأخصائيه نفسيه للمعاقين جسديا فالله يجزاك خير!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى