رسائل المجموعة

صـَدقَ من قال بأن ‎( الحب عذاب )‎ !!!

الحمد لله
والصلاة والسلام على رسول الله
وعلى آله وصحبه ومن والاه ,,,, أما بعد

قال ابن القيم – رحمه الله – : ” ولا تنس العناية بالسحرة ( سحرة فرعون ) , جاءوا يحاربونه ويحاربون رسله , وخلع الصلح قد فصلت , وتيجان الرضى قد وضعت , وشراب الوصال مروق , فمدوا أيديهم إلى ما اعتصروا من خمر الهوى فإذا بها قد انقلبت خلا , فأقطروا عليه فسكروا بشراب المحبة فلما عربدت عليهم المحبة صلبوا في جذوع النخل !!! واعجبا لعزمات ما ثناها ” لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف “!! سجدوا له سجدة واحدة فما رفعوا رؤوسهم حتى رأوا منازلهم من الجنة فغلبهم الوجد وتمكن منهم الشوق فقالوا ” اقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا ” . بدائع الفوائد 4/333 .

راسلني أحد الأخوة قبل فترة وشكى لي حاله وما يجد وأنه مُنع من الزواج ممن يريدها وتريده بحجج لم ينزل الله بها من سلطان من عادات وأعراف , فذكّرته بالله وأحسنتُ نصحه فيما أحسب .

وبعدها بأيام التقيت بأحد الأخوة من طلبة العلم ودار نقاش في مضامين هذا الموضوع فأوردت له استشهادات علمية وأدبية في هذا الباب , فألحّ عليّ بأن أكتب موضوعا في هذا , فواعدته خيرا وفي قرارة ِ نفسي أن لا أجيبه !!

مضت الأيام فاتصل بي من لو قال أمر , وإذا أشار أختار حبا وكرامة له , فحدثته عن صاحبنا الأول , فتأسف لحاله ثم قال : لما لا تكتب في هذا الأمر ؟ فقلت : سأكتب بإذن الله لكن بعد رمضان إن كان في العمر بقية .

أيها الأخوة المباركون

إن الله تبارك وتقدس خلق الإنسان وركـّبه وجَبَـلـَه على أمور ٍ لا ينفـّك عنها بحال , مهما أدعى خلافها أو تبرأ منها , ومما جَبَـله عليه ( الحب ) , فلا ينفك جسدٌ من حبٍ سواء عظـُم أو صغر .

أيها الأحبة
أتعلمون ما الحب ؟

هذه الكلمة الصغيرة التي لا تتجاوز الحرفين , والتي تحمل في طيّ هذين الحرفين أسرارٌ وأحاديث ووقائع , وتاريخ طويل بطول الدنيا بأسرها , وتاريخ هذه الكلمة على شقين :
شقٌ ناصع البياض لا تدنسه معصية .
وشق قاتمٌ كالحٌ صار وصمة ذل على جبين الدهر .

فهل تعلمون كلمة بهذا الصِغَـر التركيبي تحمل هذا العظم الأسطوري !!!

إن لم تعلموا فأقول لكم إنها كلمة ( الحب ) !!!
فكم من أسير وقتيل وجريح وسليب لهذا الحب , وكم من مسرور وهانئ وسعيد بهذا الحب !!!

هذا الحب الذي كان سببا ً في سفكِ أول دم ٍ على هذه البسيطة بغير حق , حينما قتل قابيل أخاه هابيل !!

هذا الحب الذي جعل النمرود تتعلق نفسه بامرأة أحد رعيته وقد جمع الله له في بلاطه جميلات الدنيا , فكان هلاكه وزوال ملكه بهذا !!

هذا الحب الذي جعل امرأة العزيز يتعلق قلبها بمملوكها يوسف عليه السلام وهي في بيت الرياسة والحكم وزوجة عزيز مصر !!

هذا الحب الذي مَسَخَ الله به إساف ونائلة إلى صنمين بعد أن كانا رجلٌ وامرأة !!

هذا الحب الذي جعل عِمَارة بن الوليد يتجرأ على بلاط النجاشي بتعرضه لزوجته , فسحره النجاشي حتى هام في البريّة بلا عقل !!

هذا الحب الذي جعل يزيد بن عبد الملك ينصرف عن الخلافة وأمور المسلمين إلى الجارية ( حبّابة ) حتى يوم ماتت لم يدفنها وأبقاها عنده يبكي على رأسها حتى أنتنت جيفتها بعد ثلاث !!

هذا الحب الذي دخل على خلفاء الدولة العباسية وجعل كل خليفةٍ يستوزر من أقارب محبوبته ويدع بني عمومته حتى صارت دولتهم شذر مذر !!

هذا الحب الذي سطى وعصف بالخلافة العثمانية !!

هذا الحب الذي أبكى امرؤ القيس بن حِجْر حينما شاهد طلل محبوبته فقال :

قفا نبكِ من ذكرى حبيب ٍ ومنزل … بسقط اللوى بين الدخول فحوملِ
كـأني غـداة البيْن يـوم تحـمّـلوا … لدى سمـراتِ الحـي ناقـف حنظـلِ
وقـوفـاً بهـا صحـبي عليّ مُطيهم … يقـولون لا تهـلك أسـى وتجـمّـلِ
وإن شفـائـي عبـرة مهـراقـة … فهل عند رسـم ٍ دارس ٍ من مـعـولِ

!!!

هذا الحب الذي جعل عنترة العبسي يذكر معشوقته في أحلك الظروف وأصعب المواقف , ويتمنى أيضا في هذا الوقت حيث يقول :

ولقد ذكرتكِ والرماح نواهلٌ … مني وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيل السيوف لأنها … لمعت كبارق ثغرك المتبسمِ
لما رأيت القوم أقبل جمعهم … يتذامرون كررت غير مذممِ
يدعون عنتر والرماح كأنها … أشطان بئر في لبنان الأدهمِ

!!!

هذا الحب الذي جعل قيس بن الملوح ( مجنون ليلى ) يسيح في البريّة مع الوحوش ويقول أرق الشعر وأعذبه وأبدعه فكان من قوله :

نهاري نهار الناس حتى إذا دجا … لي اللّيل هزّتني إليكِ المضاجعُ
أقضّى نهاري بالحديث وبالمنى … ويجمعني بالليل والهمّ جامعُ
لقد ثبتت في القلب منكِ مودةٌ … كما ثبتت في الراحتين الأصابعُ

!!!

هذا الحب الذي جعل جميل بن مَعْمَر ( جميل بثينة ) يتمنى محبوبته في الدنيا وفي البرزخ حيث يقول :

ألا ليتنا نحيا جميعاً وإن تمت … يوافق في موتي ضريحي ضريحُها
فما أنا في طول الحياة براغبٍ … إذا قيل قد سُويّ عليها صفيحها
أظلُّ نهاري مُستهاما ويلتقي … مع الليل روحي في المنام وروحُها
!!!

هذا الحب الذي جعل ابن زيدون يهيم بولادة بنت المستكفي ويتمنى لقائها ولو كان في عرصات القيامة حيث يقول :

بنتم وبنّا ، فما ابتلت جوانحنا …. شوقاً إليكم ، ولا جفت مآقينا
تكاد حين تناجيكم ضمائرنا …. يقضى علينا الأسى ، لولا تأسينا
وقد نكون وما يُخشـى تفـرّقنا …. فالآن نحن وما يُرجـى تلاقينـا
إن كان قد عزّ في الدنيا اللقاء …. في موقف الحشر نلقاكم ويكفينا

!!!

هذا الحب الذي جعل كثير الخزاعي ( كثير عزّة ) يحسب أن الذنب يغفره صلاة في موضع صلتْ فيه محبوبته حيث يقول :

خليليَّ هذا ربعُ عزّة فاعقلا …. قَلُوصَيْكما ثم انزلا حيث حَلّتِ
ومُسّا تراباً كان قد مسَّ جلدها …. وظلاّ وبيتا حيث باتتْ وظلَّتِ
ولا تيأسا أن يغفر الله منكما …. ذنوباً إذا صلّيتُما حيث صلَّتِ
وما كنتُ أدري قبل عزّة ما البكا … ولا مُوجعاتِ القلب حتى تولّتِ

!!!

هذا الحب الذي جعل يزيد بن معاوية , الملك بن الملك يرى أنه مقتول وقاتله محبوبته حيث يقول :

خذوا بدمي ذات الوشاح فإنني . . . رأيت بعيني في أناملها دمي
ولا تقتلوها إن ظفرتم بقتلها . . . ولكن خبّروها بعد موتي بمأتمي

!!!

هذا الحب الذي جَعَل له في كل عصر ٍ من الأعصار صرعى , وله في كل مصر ٍ من الأمصار هلكى !!!

فهذا عاشق , وهذا متيّم , وهذا مُحب , وذاك مفؤد , وذاك سليب , وذاك مصاب , ولو سئل أحدهم عن الحب لقال كما قال الأسدي :

هل الحبُّ إلا زفرةٌ بعد عبرةٍ … وحرٌّ على الأحشاء ليس له برْدُ
وفيضُ دموع من جفوني كلما … بدا علمٌ من أرضكم لم يكن يبدو

!!!

ولقال كما قال الآخر واصفا ما يجده من الحب :

يا مُوقـد النار يُذكِيها ويخمدهـا … قـرّ الشتـاء بأريـاح وأمطـارِ
قم فاصطل النار من قلبي مُضرّمة … فالَّوقُ يُضرِمُهَا يا مُوقد النَّارِ

!!!

وهؤلاء مع ذلك كله في عذابٍ إن بَعُدْ المحبوب وإن قَرُبْ , فإن بعد عذابه في البعاد , وإن قرب بكى للفراق , فهو في عذاب مستمر , كما قال الشريف الرضي :

أشكو إلى الله قلبا لا قرار له … قامتْ قيامتُهُ ، والنّاسُ أحياءُ
إن نال منكم وصالاً زاده سقماً … كأنّ كُل دواءٍ عنده داءُ
كأنّ قلبي يوم البيْنِ طار به … من الرفاع نجيب الساق عداءُ

!!!

وكما قال ابن دريد :

وما في الأرض أشقى من محبٍ … وإن وجد الهوى حلو المذاقِ
تـراه بـاكيـاً فـي كـل حـيـن … مـخـافـة فـُرقــة أو لاشتـيـاقِ
فيبـكي إن نـأوا شـوقا إليهـم … ويبكي إن دنـوا حَـذر الفراقِ

فهذا الحب هو الداء الدويّ , والسم الخفيّ , الذي إن أصاب إنسان ٍ أهلكه , وإن وقع في القلب ملكه !!

لا قرار لصاحبه , فهو في هم ٍ وغم , وهذا غاية ما يريده الشيطان من بني آدم بأن يصرفه عن طاعة الله عز وجل إلى تتبع مراضي محبوبه والله المستعان .

وهذا النوع من الحب فيه دخلٌ وزغل , وإن قال صاحبه ما قال ما لم يوافق شرع الله تعالى , فإن الله عندما رَكـّب في خلـْقه هذه السجيّة والطبيعة جعل لها مجرى تجري فيه مُوافق لشِرْعته , فإن خالفتْ المجرى شـَقـِـي صاحبها , وإن وافقته تمّ لصاحبها العيشة الهنيّة والسعادة الأبديّة .

ألا ترى بأن العاشق الذي يخالف ما جُبل عليه من الحب بحبٍ لا يوافق الشرع , سرعان ما ينتهي حُبّه حينما يأخذ ما يريده من محبوبه !!!

ألا ترى بأن حبه ينقلب بغضا ً وكرها وربما ابتزازا ً لمن يزعم حبه !!!

ألا ترى بأن قلب من يزعم هذا الحب فيه كثير غيره حتى إذا أنهى مراده منه تركه , كما قال أبو نواس :

أتيتُ فؤادَها أشكو إليه … فلم أخلصْ إليه من الزِّحامِ
فيا منْ ليـس يقنـعهُ خليلٌ … ولا ألفا خليـلٍ كـلّ عـامِ
أراكِ بقيّةً من قوم موسى … فهمْ لا يصبرون على طعامِ

ألا ترى بأن من هذا حُبّه يصل به إلى القتل عندما يعرف أن محبوبه يخونه !!!

أرأيت محبا يقتل محبوبه ؟
نعم عندما يُجري حبه على غير الفطرة .

قال ابن القيم – رحمه الله – : ” فكل هذه المحاب باطلة مضمحلة سوى محبة الله وما والاها من محبة رسوله وكتابه ودينه وأوليائه فهذه المحبة تدوم , وتدوم ثمرتها ونعيمها بدوام من تعلقت به , وفضلها على سائر المحاب كفضل من تعلقت به على ما سواه وإذا انقطعت علائق المحبين وأسباب توادعهم وتحابهم لم تنقطع أسبابها … ” إغاثة اللهفان 2/132 .

يقول علماء النفس إن أعلى معدل يمكن أن تصل له نسبة الحب هي التي تكون بين الرجل والمرأة عندما يكونان في حال الوقاع !!!

قلتُ : فإن كان الوقاع بالحلال زادت هذه النسبة لأن الله عز وجل يقول ” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ” .

وإن كان الوقاع بالحرام تلاشت المحبة حتى يكون كل واحدٍ يرى أنّ صاحبه من أبغضِ الناس له , لأنه يعلم أنه أحبه لشيءٍ وسيبغضه لذات الشيء , ( والجزاء من جنس العمل ) .

قال ابن القيم – رحمه الله – : ” وربما كانت المحبة لسبب من الأسباب وتلك تفنى بفناء سببها ” . روضة المحبين 86 .

يقول العشاق بأن دواء الحب الوصال والأنس بالمعشوق !!!

وأنا أقول : “ كل حبٍ لا يتمُ بزواج فهو حبٌ كاذب فليحذر طرفيه ” .

وبعد هذه الصفحات القاتمة من حال معذبي الحب , سأنتقل بكم إلى أنصع وأجمل صفحة في تاريخ البشرية , الصفحة التي كان الحب فيها مثالا يحتذى للمحبين , كيف لا , وهو الذي جعله الله عز وتبارك أسوة وقدوة للناس في كل شيء من أخلاقه وعباداته وتصرفاته وتعاملاته !!!

إنها صفحة النبي الأعظم صلوات ربي وسلامه عليه ما كرّت الأعصار وما تعاقب الليل والنهار .

ولي وقفات مع حبه صلى الله عليه وسلم , ابدأها بحبه صلى الله عليه وسلم لزوجاته :

روى أنس بن مالك – رضي الله عنه – أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر وكان له غلام يقال له انجشة يحدو بإبل النساء ويسرع المشي فقال له صلى الله عليه وسلم : ” رويدك يا أنجشة لا تكسر القوارير أو قال سوقك بالقوارير “ أخرجه البخاري 5/2278 , ومسلم 7/87 .

قال أبو قلابة – رحمه الله – : ” فتكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة لو تكلم بها بعضكم لعبتموها عليه , قوله ( سوقك بالقوارير ) ” , وقال البغا شارح البخاري لأن فيها ملاطفة وتوددا إلى النساء .

وجاء في الصحيح عن عائشة – رضي الله عنها – قالت كنت أشرب وأنا حائض ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فيّ فيشرب , وأتعرّق العِرْق وأنا حائض ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فيّ ” أخرجه مسلم 1/168 .

وقد سأله عمرو بن العاص – رضي الله عنه – عن أحب الناس إليه صلى الله عليه وسلم فقال : ” عائشة , قال من الرجال ؟ قال : أبوها , قال : ثم من ؟ قال : عمر ” كما جاء في الصحيحين , البخاري 3/1339 ومسلم 7/109 .

فهل رأيتم حباً أعظم من هذا ؟ أن يُسمّي المُحِبُ محبوبه على الأشهاد ليتناقله الرواة جيلا بعد جيل !!!

فإن تعجبوا من هذا فقد جاء في مسند الإمام أحمد أعجب من هذا بمراحل !!!

أخرج الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في نزع الموت : ” إنه ليهوّن عليّ أني رأيتُ بياض كفِ عائشة في الجنة ” المسند 6/ 138 وفي السند رجل مجهول إلا أن ابن كثير جوّد إسناده وهو صالح .

فيا الله أي حب أعظم من هذا ؟ أين العشـّاق عن مثل هذا الحب الشريف العفيف ؟ أين صرعى الهوى والهيام أتباع الشيطان عن إتباع هذا الرسول الكريم بنفسي وأهلي صلى الله عليه وسلم ؟

قال ابن القيم – رحمه الله – : ” فلا عيب على الرجل في محبته لأهله وعشقه لها إلا إذا شغله ذلك عن محبة ما هو أنفع له من محبة الله ورسوله , وزاحم حبه وحب رسوله , فإن كل محبة زاحمت محبة الله ورسوله بحيث تضعفها وتنقصها فهي مذمومة , وإن أعانت على محبة الله ورسوله وكانت من أسباب قوتها فهي محمودة ” إغاثة اللهفان 2/139 .

وانتقل بعد هذا إلى حبه صلى الله عليه وسلم لأصحابه , ولعلي أقتصر على حبه لصاحبه في الغار وصفيّه من المهاجرين والأنصار , أبو بكر الصديق – رضي الله عنه وأرضاه .

أخرج البخاري في صحيحه عن أبي الدرداء – رضي الله عنه – قال : ” كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم , إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما صاحبكم فقد غامر , فسلّم وقال : إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى عليّ فأقبلت إليك , فقال صلى الله عليه وسلم : ” يغفر الله لك يا أبا بكر ” ثلاثا , ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل أثمَّ أبو بكر ؟ فقالوا : لا , فأتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلّم فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعّر حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال يا رسول الله والله أنا كنت أظلم (مرتين) فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ” إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبتَ وقال أبو بكر صدق , وواساني بنفسه وماله فهل أنتم تاركوا لي صاحبي , هل أنتم تاركوا لي صاحبي ” قال أبو الدرداء : فما أوذي بعدها ” 3/1339 .

وجاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” إنه ليس من الناس أحدٌ أمنّ عليّ في نفسه وماله من أبي بكر بن أبي قحافة , ولو كنت متخذاً من الناس خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا , ولكن خلة الإسلام أفضل , سدوا عني كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبي بكر ” البخاري 1/187 , ومسلم 4/1854 .

فأين أصحاب الحب المتلطخ بالمصالح الدنيوية عن هذه الأمثلة من الحب العظيم , والوفاء المنقطع النظير ؟؟؟

ولعلي أختم بحبه صلوات ربي وسلامه عليه لأمته .

فقد جاء في الصحاح والسنن في حديث عرصات يوم القيامة وتدافع الأنبياء للشفاعة عند الله عز وجل للناس أنهم يأتون للنبي صلى الله عليه وسلم فيقول أنا لها , فيستأذن على الله فيؤذن له صلى الله عليه وسلم ويلهم محامد يحمده بها ويخّر لله ساجدا فيقال : يا محمد ارفع رأسك , وقلْ يسمع لك , وسلْ تعط , واشفعْ تشفّع , فيقول يا ربِ أمتي أمتي ” .

وجاء في الصحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم ( رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ) الآية ,
وقول عيسى عليه السلام ( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ) فرفع صلى الله عليه وسلم يديه وقال : اللهم أمتي أمتي وبكى , فقال الله عز وجل يا جبريل اذهب إلي محمد “وربك أعلم ” , فسله ما يبكيك ؟ فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام فسأله , فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال , وهو أعلم سبحانه , فقال الله يا جبريل اذهب إلى محمد فقل إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك ” . أخرجه مسلم 1/132 .

فهل في العالمين قلبٌ كقلبه صلى الله عليه وسلم ؟ أو في العالمين شخصٌ كشخصه ؟

فكل محبٍ لا يُجري محبته التي فطره الله عيها على ما أجراها رسول الله صلى الله عليه وسلم , فحبه باطل وهو كاذب في دعوى المحبة ولو أشهد جوارحه على ذلك .

اللهم طهر قلوبنا وقلوب المسلمين واعصمنا من الشيطان وأجعل حبنا فيك ولك , اللهم أهدي شباب المسلمين وفتياتهم وردنا وإياهم إليك ردا جميلا .

أخوكم / موسى الغنامي


تابعوا جديد شبكة أبونواف على فيس بوك وتويتر

   

مقالات ذات صلة

‫11 تعليقات

  1. قيل ليس العجب من قوله يحبونه بل العجب من قوله يحبهم . اٍنه الله الذي لا اله الا هو خالق كل شي اذا ما فزت بحبه فقد عرفت معنى الحب الصحيح وربحت بطاقة الفوز والدخول الى الجنه وكنت عند الله من المقربين. اللهم دلنا على طريق محبتك يا ارحم الراحمين امين.

  2. بارك الله فيك اخينا الكريم ومتعنا بكل مفيد وجديد من كتاباتك

  3. الحب عندما يجتاح تفكيرنا لا نعلم ولا كيف ولامتى كيف يتم ولكن دون سابق انذار

  4. أحسنت أخي الكريم واتمنى ان يقرأ شبابنا مثل هذه المواضيع ويضعوها نصب أعينهم ويعلموا أن الحب في الله أسمى أنواع الحب ولك مني اجمل التحيا والمزيد من المواضيع الهادفة

  5. ياليييييت شباب المسلمين يستفيدوا أنا تعذبت 8 سنوات بحب زوجي ولكن احمد الله الذي أنقذني وذلك بعد مصيبة حصلت بيننا فشفيت ولله الحمد وأبدلني الله بحبه ووجدت السلوى فيه عن من سواه آآآآآآآآآه ما أجمل الحياة الآآآأآآآآن الحمد لله الحمد لله

  6. انا كنت مطلقة من ابو عيالي ماكنت سعيدة معه وتزوجت زوج عشقته وأحببته بجنون وهو كذالك يحبني لكن المصيبة والعذاب في ان زواجه مسيار وغير معلن من طرف زوجته وأهله فتواجده معي قليل مع اني سعيده بحبه وزواجه مني وعوضني عن كل مامضى من حياتي السابقة لكن تواجده القليل في السويعات الي يجيني خلال الأسبوع فيها لاتريح قلبي وطول الليل أعاني من الهم الذي عجزت بكل الطرق أن أزيله اتعذب بفراقه وعدم مبيته وبعده عذابا ينغص عليا حياتي وهو لايريد أن يهدم بيته ويعلن زواجي مع انه مرتاح معي اكثر وعوضته عن مافقده من زوجته لكن ماذا أفعل كي ابعد عذاب الحب والهم الذي عجزت أن أزيله والسبب بعد الحبيب وعدم تواجده كثيرا في حياتي….شكرا لكاتب الموضوع وإحساسه الرائع وماكتبه من قصص وفوائد..

  7. مشكوور اخووي على الموضوع بس الله يعين اللي يحب او اللي تحب :(هع هع

  8. الصراحة انا احب واموت بحبيبي وعارفة انه اللي اسويه غلط لكن اهلي هم السبب حرموني من الحنان او بالأصح عطوني حنان على طريقتهم الخاصة وهو حنان المال وهذا الحنان انا اكرهه لدرجة اني مرات اتمنى اني اصير فقيرة واطق على ابووب الناس لكن القى حنانا من اهلي واتركوها على ربكم لو اني ما احب يمكنكنت ميته من زمان لاني اولت اكثر من مرة انتحر اهـ :(:(:(:(:(:(:(:(

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى