رسائل المجموعة

سوق الحريم

سوق الحريم..!

بعد قرون وقرون.. يعود «سوق الجواري» للظهور من جديد.. وبشكل اكثر تطورا وملاءمة للعصر، بعد ان أصبحت اقامة مثل هذه الاسواق الآن وبالشكل البدائي الذي كان سائدا ايام العصر القبلي المتخلف امرا لا يتفق مع زمن العولمة وعصر الاقمار الصناعية.

حيث اصبحت الاسواق عموما وسوق الجواري على الاخص تمتد على مساحة الكرة الارضية بلا حواجز ولا مسافات، فالدش والانترنت والاقمار جعلت الاسواق سوقا واحدا.. يراه الجميع في وقت واحد.. ويشارك فيه الجميع في آن واحد ويساوم ويشتري ويبيع ويباع فيه الجميع في ساعة واحدة، ولا يبقى بعد ذلك الا الاستلام والتسليم.!

ــ (سوق الجواري) او (سوق الحريم) في صورته القديمة كانت تصطف فيه الجواري (الصبايا حاليا) للعرض على المتسوقين، حيث يقوم الزبون بمعاينة (البضاعة) بدقة حتى لا يتعرض للغش الذي قد يلجأ اليه التاجر لابراز المزايا واخفاء العيوب، وحتى لا يفاجأ المشتري بعد عودته بالجارية التي اشتراها الى البيت بأنها صناعة تايوان!

وبعد (فصال) طويل يحاول فيه البائع المبالغة في مزايا (البضاعة) وابراز المحاسن، ويحاول فيه الزبون التهوين من كل ذلك فيعرض ثمنا اقل، تتم الصفقة او الصفقات، فالبيع يتم احيانا بالجملة واحيانا بالمفرق.

ومن ثم ينفض السوق وقد باع من باع واشترى من اشترى ولا يحل المساء إلا وقد استقرت الجارية (او الجواري) في بيت او قصر المشتري، وتظل فيه حتى يحل موعد انتهاء الصلاحية فتباع في سوق السكراب!

ــ (سوق الحريم) في عصر العولمة نوعان، نوع يتم فيه البيع على نظام الاعلانات المبوبة، وتتم الصفقة فيه مباشرة بين (البضاعة) شخصيا وبين الزبون بعد ان تتاح له فرصة كاملة للمعاينة عن طريق نظام (الفيديو كليب)، حيث تتقمص البضاعة فيه شخصية مطربة، وتصور ما يسمى افتراضا (اغنية) تستعرض من خلالها كل مواهبها وكل مواطن التميز فيها بشكل يؤكد للزبون ان البيعة (لقطة).

. وان الصفقة رابحة ومغرية، ولا يبقى الا الاتفاق على الثمن.. والدفع.. والاستلام!

النوع الآخر ما هو الا صورة متطورة و(متحضرة) من (سوق الجواري) القديم، حيث يتم العرض الجماعي وحيث تتاح اكثر من فرصة للزبائن للاختيار والفحص، ولكن بشكل (حضاري) يتفق مع متغيرات العصر ويستفيد من امكانات التكنولوجيا الحديثة، وفي الصورة الجديدة المتطورة لسوق الحريم.

يصبح التلفزيون وشاشات الفضائيات ساحة للعرض تستغل فيه كل طاقات المكياج والتصوير والاضاءة لابراز مفاتن الجواري (الصبايا) اللاتي يتبارين في الرقص بكل اللغات وبكل الحركات، واللاتي يتنافسن بكل الأساليب لزغللة عيون الزبائن المتابعين من مواقعهم في أي بلد وعلى شاشات تلفزيوناتهم كل هذه العروض التي تتم فيما يسمى ببرامج (التوك شو) والتي تعج دائما بكل صنف ولون من الجواري لارضاء كل الاطراف..

وكل الاذواق، ولما كانت هذه البرامج ـ مع تعددها ـ لا تكفي مساحة أسواقها لاستيعاب جيوش الجواري التي تتكاثر أعدادها كالأرانب كل يوم فقد تم فتح أسواق فرعية أخرى للعرض والطلب تحت مسمى (الفيديو كليب)، ويستطيع الزبائن من خلالها مطالعة الجواري الفاتنات في كل الاوضاع التي يحلم أو لا يحلم بها تتزعمهن الجارية السوبر صاحبة أو مؤدية الأغنية التي تتفوق عليهن جميعا من حيث المساحة التي تحتلها من الشاشة.

و(الكلوزات) في شتى الأوضاع التي يهتم بها الزبائن عادة، وعلى ضوء طريقة العرض.. ونوعية البضاعة تتوالى العروض والطلبات وتتم الصفقات..!

ــ اما آخر صرعة في أسواق الحريم فهي تلك الفضائية العربية التي انشئت أخيرا والتي كانت أكثر جرأة وصراحة، فأفسحت شاشتها لاستضافة فتيات صادفهن سوء الحظ وتأخر عنهن قطار الزواج، فأطلت كل منهن من الشاشة تعرض نفسها للزواج شارحة بالتفصيل طبيعتها وهواياتها وشروطها في (عريس الشاشة).

الذي قد يجد فيها ضالته المنشودة، ويشعر المشاهد بالحزن والرثاء لهذه المسكينة التي دفعتها ظروفها الصعبة الى الوقوف أمام الكاميرا أملا في حل مشكلتها بهذا الاسلوب المهين، ومن ثم يتم الاستفتاء بين المشاهدين من الشباب لاختيار سعيدة الحظ التي سيرسو عليها المزاد (أو المناقصة)!، ولاخراج الباقيات من المزاد يجرجرن أذيال الفشل واليأس من جديد..!

ما يتم على شاشة هذه الفضائية هو سوق للحريم بكل معاني الكلمة.. وهو اهدار لكرامة المرأة واستغلال تجاري لظروف صعبة تمر بها بعض الفتيات تحت ضغط الزمن الذي قد يمر بهن دون أمل في مستقبل سعيد!

ــ أسواق الحريم.. أو الجواري.. تنشط يوما بعد يوم.. و(البضاعة) جاهزة طوعا أو كراهية..، والزبائن يتسابقون وفلوسهم جاهزة، وغدا أو بعد غد ستصبح هذه الأسواق جزءاً من اقتصاد البلاد..

وستدخل حركتها اليومية بورصة الاقتصاد العالمي.. خاصة بعد ان نشطت (في ضوء نظم وامكانيات العولمة) عمليات التصدير والاستيراد والتبادل بين الاسواق العالمية للحريم، مما قد يؤدي مستقبلا الى انخفاض أسعار الجواري ليصبح اقتناء الجارية في متناول حتى أصحاب الدخول البسيطة، و.. مبروك للجميع..!

ابو خالد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى