رسائل المجموعة

:: رمضـانيـات – 2 ::

من فوائد الصيام

ذكر الأطباء و العلماء قديماً و حديثاً أن الصوم يهذب النفوس، و أنه يزكيها و يقويها و أنه يكسب الأجسام ملاحة و صحة و قوة، حتى قال بعضهم: (سافروا تغنموا، و صوموا تصحوا)("صوموا تصحوا". يروى هذا اللفظ ضمن حديث رواه ابن عدي في الكامل: 7/2521 من طريق نهشل بن سعد عن الضحاك عن ابن عباس. و نهشل متروك كان يكذب، و الضحاك لم يسمع من ابن عباس).

فمعنى ذلك أن الصوم حماية للنفس، من الأخلاق المؤذية الضارة التي قد تفسد النفس و توقعها فيما يضرها.
كما أن فيه أيضاً تمرين النفس على الصبر و التحمل و المجاهدة، و أنت تحس بذلك إذا ما فاجأك أمر يحتاج منك إلى شيء من ذلك.

* فالإنسان الذي تعوَّد على الجوع، و صبر عليه مدة طويلة و صبر على الظمأ، إذا جاءه أمر مفاجئ، بأن وقع مثلاً في جوع شديد أو إذا ظمئ و لا يوجد ماء و هو في سفر، أو انقطع عنه الشراب كما يكون في الأسفار أحياناً، فإذا كان قد مرّن نفسه على هذا العمل، لم يحس بذلك و لم يتأثر به، بخلاف من عوّد نفسه على تناول الشهوات في كل الأوقات، فإنه إذا افتقدها في وقت من الأوقات حصل عليه تأثر كبير، و أصيب بالأمراض و ربما أتى إليه الهلاك بسرعة؛ و ذلك لأنه لم يتعود هذا الأمر و لم يمرن نفسه عليه.

* كما أن للصيام أيضاً فائدة أخرى و هي: أن الصائم إذا أحس بالجوع تذكر أهل الجوع الدائم؛ تذكر الفقراء، و المساكين، و المستضعفين، الذين يمسهم الجوع في أغلب الأوقات في أكثر البلاد الإسلامية تذكر أن له إخوة يجمعهم و إياه دين واحد، دين الإسلام، يدينون بما يدين به و يعتقدون ما يعتقده، و أنهم في جهد و في جوع، و في ضنك من المعيشة، فيحملك هذا الذي أحسست به من هذا النوع على أن ترحمهم و تعطف عليهم و تواسيهم و تعطيهم مما آتاك الله، و تمدهم بما يخفف عنهم آلامهم التي يقاسونها. فإذا قاسيت هذه الآلام في وقت من الأوقات تذكرت من يقاسيها في جميع الأوقات.

فهذه من الحكم العظيمة في الصيام أن يتذكر الغني الفقراء، و أن يرحمهم و يعطف عليهم بما أعطاه الله تعالى.

نقلا عن خواطر رمضانية للشيخ ابن جبرين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى