رسائل المجموعة

حدثتني جدتي !!!

شذرات قلم

وذكرى أيام الوطن الخالدة
حدثتني جدتي – رحمها الله –

في مثل هذا اليوم تحل الذكرى الثمانون ليومنا الوطني المجيد .
وفي هذه الذكرى الخالدة أعيش تلك الأجواء الوطنية الصادقة التي كانت تعيشها جدتي أم عبدالله – رحمها الله – وقد توفيت عام 1409هـ؛ عن عمر يناهز 120 عامًا، توفيت وكان لسانها رطبًا بذكر الله – سبحانه وتعالى – والدعاء للإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن – طيب الله ثراه – بقولها: (اللهم أغفر وأرحم للإمام ابن سعود، وأحفظ أولاده، اللهم أعزهم ولا تعز عليهم، اللهم أثرهم ولا تأثر عليهم ) فبمثل هذه الكلمات كانت تصدح دائمًا؛ وليس هذا فحسب؛ بل تجاوز الأمر إلى أنها كانت تشركه في الأضحية و(تتثاوب) له عند كل وجبة غداء أو عشاء، وقد حاولت أن أعرف سرَّ ذلك الإصرار والمداومة في الدعاء لذلك الرجل ولأبنائه !؟!

وعرفت من خلال القصص التي كانت تسردها عن ما عاشته وشاهدته في حياتها قبل حكم هذا الإمام – رحمه لله – وتوحيد الجزيرة؛ من الجوع والخوف والعري والفاقة في كل أمر، وقلة الحيلة وذات اليد، في المأكل والملبس والصحة والأمن والجهل والمشقة في جميع شؤون الحياة؛ وكيف بدأت تلك الأحوال في التلاشي والتحول؛ فمن الاحتطاب إلى الغاز، ومن السراج إلى الكهرباء، ومن التداوي بالكي إلى المستشفيات المتخصصة، ومن الجوع إلى رغد العيش، ومن الخوف والظلم والفتن والمحن إلى الأمن والعدل والرخاء، ومن تروية المياه المالحة إلى الماء العذب في كل منزل ومكان، ومن غزل الصوف إلى أزهى الموديلات والملبوسات، ومن الدواب إلى السيارات والطائرات، ومن الخيام وبيوت الطين إلى الفلل والقصور، ومن البدع والجهل والخرافات إلى نشر العلم ونور الإسلام، وغير ذلك من مظاهر حياة الرفاهية والعيش الرغيد الذي نعم به المواطن بعد مولد هذا الكيان العظيم على يد مؤسسه الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود – طيب الله ثراه – على مدى اثنين وثلاثين عاماً بدأت باسترداده لمدينة الرياض في الخامس من شوال عام 1319 هـ؛ ثم بدأت مسيرة البناء التي لا نزال جميعاً نقطف ثمرتها ونتبوأ ظلها أمناً، ورخاءً، وتقدماً، وعزة، وصناعة تاريخ التقدم لكل أبناء هذه الأرض الطيبة المباركة ومهد الرسالات وأرض السلام التي أرسى فيها القائد المؤسس قواعد الدولة القوية، المؤسسة على نور العدل وكلمة الحق مستمداً دستورها ومنهجها من كتاب الله الكريم، وسنة نبيه محمد – صلى الله عليه وسلم – .

فلم تكن جدتي – رحمها الله – تفخر بالانتساب إلى هذه البقعة الطاهرة وتعلن انتمائها لقيادتها الرشيدة مجرد ذكرى عابرة، بل كانت تتنفسها مع كل نفس، وكانت توصي بذلك وتحدث به؛ وتحث على بذل كل جهد وعمل روحي ووجداني لخدمة هذا الوطن في ظل قيادته الرشيدة، فرحمك الله يا جدتي كم كنت ثاقبة الرؤية وصادقة في تلك الدعوات، ومحقة في تلك الوصية، فها نحن الأحفاد نعاهد الله ثم نعاهدك ونعاهد ولاة أمرنا بأن نكون أبناءً بارين ومخلصين لوطننا وقيادتنا في كل أمر وبصدق ونية صالحة .

وكيف لا نكون كذلك وبلادنا هي قبلة المسلمين وهي حاملة لوائه … دعوة إليه، وخدمة له ولأبناء الأمة الإسلامية، وعمارة لبيوت الله وللمراكز الإسلامية في جميع أصقاع المعمورة، وما يشهده الحرمان الشريفان في مكة المكرمة والمدينة النبوية، والمشاعر المقدسة في منى عرفات ومزدلفة والجمرات من توسعات كبرى وعملاقة، وإعادة للبنية التحتية والبناء والتشييد والتطوير، خدمة لضيوف الرحمن ولراحتهم للعيش في أمن وأمان وطمأنينة، إلا شاهد من تلك الشواهد .

كما أن بلادنا وفي خط موازي لخدمة الإسلام تضطلع بحمل لواء الدفاع عن قضايا الأمة الإسلامية والعربية، وتنسيق العمل وتوحيد الآراء وجمع الكلمة وتوحيد الصفوف، ردعًا للصدع وأسباب الخلاف بين الدول العربية والإسلامية، وحقنًا للدماء وحفاظًا على وحدة تلك الدول وقطعًا لأي طريق يؤدي إلى التقسيم والشتات .

ولعل من شواهد هذا التضامن وروح الأخوة والألفة ما نعيشه تلك الأيام من وقفة صادقة مع باكستان الشقيقة لمواجهة ما لحق بها من أضرار جراء الأمطار والفيضانات التي شردت أبناءها وأهلكت ودمرت العديد من المدن والقرى، حيث جاء التوجيه الإنساني من ملك الإنسانية بحملة مفتوحة لجمع التبرعات لإغاثة الشعب الباكستاني، بجانب الدعم الحكومي الغير محدود من تسيير جسر جوي إغاثي وإرسال فرق الإنقاذ والمستشفيات الميدانية المتعددة والمتخصصة وكذلك الاستمرار في دعم القضية الفلسطينية وشعبها، إلى جانب ترسيخ مبدأ الحوار بين أتباع الأديان، إلى غير ذلك من المواقف التي لا يتسع المقام لذكرها لأنها تحتاج إلى مجلدات ومجلدات، ولكن هذه إشارات وبعض رؤوس أقلام للتذكير فحسب .

إن المملكة العربية السعودية عندما تحل بها مثل تلك المناسبات والذكريات التي نتذكر من خلالها هذا السجل الذهبي الحافل لما تقوم به من أعمال عظيمة وجليلة وعملاقة، بؤ المملكة مكانة عالمية مرموقة، مكنها من حصد العديد من الجوائز والأوسمة والشكر العالمي، الذي لم تسعى إليه ولم تنتظره؛ لأنها قامت بما قامت به من أعمال ومواقف وخطوات اتجاه أبناءها والأمة الإسلامية والعربية والعالم بأسرة، عن قناعة ومبادئ راسخة وقوية ومتينة تنطلق منها للاضطلاع بتلك المسؤوليات الجسام .

وختامًا نسأل الله أن يحفظ على بلادنا أمنها واستقرارها ورخائها ، وأن يتغمد جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن ، بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته ، وأن يغفر ويرحم لمن توفي من أبنائه وأن يطيل بعمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وسمو النائب الثاني، وأن يجعلهم ذخرًا لهذا الوطن وأن يعينهم على حمل المسؤولية وأداء الأمانة ومواصلة المسيرة .


شذرات بقلم
سليمان بن صالح المطرودي
أبوعبدالعزيز
ايميلي
8/10/1431هـ


تابعوا جديد شبكة أبونواف على فيس بوك وتويتر

width=96 width=96

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. رحم الله جدتك ووالدك واعمامك والمسلمين ورحم الله المؤسس وابنائه وادام حكم الخلف من بعدهم ووفقهم لما يحب ويرضى وكل عام والرياض بروحي وكل عام وبلدي برخاء وامن ملاذا للمحتاجين ناصرالـ الدين واهله سلمت اخي الكريم ودام نبضك

  2. الا علا فكره وش تقرب جدتك لجدتي تصدق احس انهم خوات الله يرحمهم:$ كانت جدتي مثل ما قلت عن جدتك

  3. حفظ الله بلادنا وأدام عزها في ظل قيادتنا الرشيدة ورحم الله موتنا وموتاكم وموتا جميع المسلمين وكل عام وأنتم بخير وسعادة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى