رسائل المجموعة

– جولة أوروبية – الجزء الثاني –

الجزء الثاني

كانت الأيام الثلاثة التي قضيناها في العاصمة النمساوية " فيينا " مقدمة مثالية للجولة الأوروبية التي خططنا للقيام بها أنا وهاني في إجازة الصيف ، محطتنا الثانية هي مدينة سالسبيرغ النمساوية والتي تبعد عن العاصمة " فيينا " 4 ساعات بالقطار في رحلة ممتعة لا تمل من كثرة المناظر الطبيعية الخلابة التي ستشاهدها من خلال نافذة القطار .
عندما كنا في فيينا حجزنا الفندق عن طريق موقع booking.com المتميز الذي اصبحنا عملاءه المفضلين فيما بعد, فضلنا اختيار فندق على أطراف المدينة في المساحات الواسعة والمفتوحة للتمتع بجمال سالسبيرغ كما قرأنا عنها ، وقع الاختيار على فندق بسيط جداً من النوعية التي يكون فيها مالكو الفندق هم المسؤولين عنه فعلا حيث يعملون في صالة الاستقبال وصالات الطعام والانتظار وغيرها ، كانت السلبية الواحدة هو أن سالسبيرغ ولكونها مدينة صغيرة لا تتضمن مترو أنفاق لذلك كانت الباصات وسيارات الأجرة هي وسائل التنقل الوحيدة .

جانب
جانب من المناظر البديعة التي ستتمتع بها في طريقك لسالسبورغ

الطريق
الطريق إلى سالسبيرغ ..انظر للون الأخضر الجميل وشاهد كيف هي السحب تضيف رونقاً جميلاً

للوهلة الأولى وعند الوصول ارتحنا كثيراً لموقع الفندق الذي قد يغنينا عناء التنقل والتجول في المدينة ، فبإطلاله سريعة من شرفة الفندق تستطيع ان ترى المسطحات الخضراء الجميلة والسحب والغيوم التي تغطي السماء في مشهد لا استطيع وصفه ولكن الصورة تحكي عن آلاف الأسطر كما يقولون ، درجة الحرارة تقارب الـ 15 درجة والغيوم تملئ السماء بشكل بديع والأمطار الخفيفة تتساقط بين الحين والآخر .. يا ترى ماذا سأقول وماذا سأكتب عن تلك المناظر الخلابة .

الفندق
الفندق بسيط جداً ورخيص جداً ومريح وهادئ ( جداً جداً )

نسيت أن أتحدث لكم عن الفندق الذي تديره سيدة نمساوية مع أبنها الشاب وشقيقاته، صحيح أن الفندق ذو الثلاث نجمات لا يصنف من الدرجات ذات المستوى الرفيع إلا أنه وبصراحة كان من أجمل الفنادق التي سكنت فيها خلال سفري رغم أن أثاثه لم يكن راقياً لكنه ( وهو المهم ) مريح ونظيف جدا إضافة إلى تمتعه بوجود شبكة انترنت لا سلكية سريعة وكما ذكرت يأتي حرص القائمين على الفندق بشكل كبير كونهم هو مالكيه ، لذلك ستتمتع بكل ما فيه كما لو كنت تسكن في فندق عالمي وربما أكثر .
قلت لابن مالكة الفندق : عندما تضعون فندقكم ضمن مواقع الفنادق العالمية على الانترنت لا تحرص كثيراً على وضع صور للغرف من الداخل ، يكفيك أن تدرج صور الفندق الخارجية لتضمن أن نسبة التشغيل ستتجاوز 100% ، طبعاً لم يستوعب الشاب كلامي لأنه يرى هذه المناظر كل يوم فهي أمر معتاد بالنسبة له، بينما أنا متأكد أن كثيرٌ من قراء هذا الموضوع في قائمة أبو نواف البريدية سيعقدون العزم على السكن في هذا الفندق من أجل المناظر الخارجية .

واجهة
واجهة الفندق تطل على هذا المنظر .. وهاني رفض ركوب تاكسي وفضل المشي في هذا الجو الجميل

صورة
صورة للمنازل الصغيرة خلف الفندق ( الصورة طبيعية 100 % )

منظر
منظر
منظر الجبال الشاهقة من الجهة الشرقية للفندق

مساحات
مساحات
مساحات
مساحات من الأراضي الخضراء لا تنتهي

أحسست بأن الوقت مضى بسرعة ونحن لا زلنا نتجول حول الفندق ، قلت لهاني يجب علينا زيارة مركز المدينة وهو ماتحقق بعدما انتظرنا لفترة طويلة الباص الذي كان من المفترض أن يصل لمحطة قرب الفندق قبل أن نقرر إيقاف سيارة تاكسي ، وصلنا إلى مركز المدينة وكان الوضع مختلفاً تماماً حيث كانت الشوارع مليئة بالسياح وممرات الأسواق والمطاعم مزدحمة على العكس تماماً من حال أطراف المدينة.

الأسواق
الأسواق والمحلات مزدحمة ، والممرات ضيقة

قضينا جولة جميلة وسط هذا الكم الكبير من السياح وذلك بالتجوال في ممرات وشوارع سالسبيرغ وساحاتها المنوعة والتجوال أيضاً بالقرب من نهر ( السالزاك ) ، أحياناً تحس في داخلك برغبة جامحة بأن لا ينتهي اليوم ويبقى الوضع كما هو عليه حتى تعود إلى الفندق برغبتك ، من حسن الحظ أن الشمس في أوروبا عامة لا تغرب إلا في وقت متأخر مابين 8.30 – 8.45 مساءاً وهو مايعطي فسحة من الوقت أكبر قبل العودة ليلاً .

نهر
نهر السالزاك .. ماء وخضرة وجو جميل وجبال وأمطار في صورة واحدة

عند السابعة توقفنا عند رائحة ( الشاورما ) لدى أحد المطاعم التركية وهم هناك لا يسمونها كذلك ولكن يطلقون عليه اسم ( كباب ) وهي أقرب لتكون ( همبرغر شاورما ) حيث توضع في الخبز الخاص بالهامبرغر ، لا أدرى هل للمشي الكثير أو التنقل دور في أننا نتمتع بطعمها كثيراً أو أنها كانت لذيذة بالفعل ، حتى الآن لا أملك إجابة وان كنت أنا شخصياً فضلت بعد ذلك أن أتناولها في أيام كثيرة لكونها لذيذة ومأمونة من مشتقات لحوم الخنزير وتوفيراً أيضاً بالمقارنة مع وجبات آخرى .
عند الثامنة خرجنا من المطعم لكننا تفأجنا بهطول مطر غزير على المدينة ونحن للأسف لم نكن نحمل مظلة تقينا ، توجهنا ونحن نجري إلى موقف سيارات التاكسي في أحد الميادين ولسوء الحظ ( أو حسنه ) لم نجد السيارات التي نعرفها قبل أن نشاهد سيارة مرسيدس ( فياجرا ) سوداء اللون ( آخر موديل ) وبداخله حسناء نمساوية ومعلق فوقه لوحة صغيرة ( Taxi ) ، قلت لهاني إما أن التعب بلغ مبلغه فيني فأصبحت أرى سيارات المرسيدس تاكسي أو ان صاحب الشاورما وضع في وجبتنا شيئاً ، الأمر لم يكن يستغرق ثواني حتى فتحت الشقراء الجميلة نافذة السيارة وهي تسأل ( تحتاجون تاكسي ؟ ) ، هاني نظر لي وهو يضحك ويقول ( أكيد وهل في ذلك شك )، أعطيناها عنوان الفندق وانطلقت سريعاً وبمهارة فائقة أجربتني على إعادة النظر في تقديري لقيادة النساء للسيارات .

قلت
قلت لهاني وسيارة التاكسي تغادر الفندق : الله يرحم أيام أبو هنود بسيارات الكامري في شوارع الرياض

عند وصولنا للفندق تماماً كان المطر قد توقف تماماً ، أكملنا بقية الوقت في التجول في المناطق الجميلة بالخارج والتي كانت بحق من أجمل المناظر في رحلتنا .
صباح اليوم التالي اختار هاني أن نقوم بجولة ضمن مجموعة سياحية في باص كبير ، أنا أثق في صاحبي كثيراً وقلت له اختر ماتريد رغم أنه كان حريصاً على إحضار أكبر قدر من البروشورات الموجودة في صالة الاستقبال ، قلت لهاني أنا أثق في اختيارك وأثق قبل ذلك في هذه المدينة الجميلة ، فبكل تأكيد ومهما ستختار إلا أننا في النهاية سنرى شيئاً جميلاً فلا مكان للقبح في هذه الأراضي .
انطلق بنا الباص في التاسعة صباحاً لزيارة جبال الملح الجليدية ، بعد نصف ساعة من التحرك جائتني رسالة قصيرة على هاتفي الجوال ( مرحباً بكم في ألمانيا رقم السفارة السعودية هو … رقم الخطوط السعودية هو .. ) ، عرفنا لاحقاً أن جبال الملح تقع في ألمانيا والخروج من النمسا والعودة إليها لا يتضمن أي توقف أو حتى مجرد النظر في الجوازات ، قال صاحبي ( سلم لي على الوحدة العربية ) .
الجولة كانت جميلة والتجربة جديدة ، قبل الدخول قدموا لكل زائر بنطلوناً إضافياً ومعطفاً ثقيلاً ، تذكرت طفولتي حينما كنت طالباً في الابتدائية وكانت أمي ( الله يطول بعمرها ) تصر أن أخرج بأكثر كمية من الملابس في الأيام الباردة ، ارتدينا الملابس ودخلنا الكهف ونحن نضحك على بعضنا البعض بهذه الملابس الثقيلة وبدأت الجولة المثيرة داخل الكهف الثلجي بعربة بدائية جداً وفي ممرات مظلمة .

لا
لا يسمح لك بالدخول إلا بعد ارتداء الملابس الثقيلة

جانب
جانب من الممرات داخل الكهف بعد استخدام ( الفلاش )

الجولة تستغرق وقتا طويلاً لن تعود فيه إلى مركز المدينة في سالسبورغ قبل الثانية ظهراً ، من المواقف الطريفة التي مرت بنا داخل الكهف أن المرشد للسياح كان يرتدي زياً عسكرياً قديماً كان يلبس في عهد هتلر كما أن ملامحه أيضاً قديمة ، قلت لهاني سآخذ صورة معه عند وصولنا القاعة المضيئة ، بعدما صورت تفاجأنا بأن كل القروب السياحي الذين كانوا معنا اصطفوا في طابور للتصوير مع المرشد الذي علت على ملامحه الدهشة !!
عندما خرجنا من الكهف الجليدي فضلنا التحاور مع قائد الباص الذي برع في إطلاق النكات والتعليقات الظريقة على المشاركين ، عندما عرف بأننا من السعودية عرج على الإرهاب والإرهابيين ( يازين سمعتنا بعد ) وأذكر أن أبرز ماقاله ( الاسلام دين قديم منذ أكثر من 1400 سنة وهؤلاء لم يظهروا إلا في السنوات الخمس الأخيرة ، هذا يعني أن الخطأ منهم وليس من الاسلام ) ، جلس يتحدث كثيراً ويمتدح السياح السعوديين وتعاملهم المميز ، بينما المرافقون لنا في الرحلة بدأو في الخروج من الكهف والركوب في الباص وصاحبنا يكرر ( ابن لادن مجرم .. ابن لادن ليس سعودي .. 11 سبتمبر وركاب الطائرة السعوديين ) ، أصبح كل من في الباص يستمع لحواره معنا ونحن في انتظار بقية الركاب ، نظرت لهاني بصمت وانا ابتسم ، قال لي هاني يجب أن تمثل دور السائح ( البثر ) حتى يسكت ، قلت له كيف ؟ ، قال : قل له سأتولى قيادة الباص في طريق العودة .. حينها سينساك بكل تأكيد .
نصيحة هاني لم تستمر لأن صاحبنا بدأ القيادة فعلاً حيث أن الرحلة ووقتها مجدول بالدقيقة والتأخر ولو ثانية واحدة لن يكون في صالحه ، طريق العودة إلى سالسبيرغ كان ممتعاً كحال بقية الطرق ( لم أشاهد طريقاً سيئاً ) ، على فكرة ( قلتها لهاني متأخراً ) .. سائق الباص ألا يشبه المدرب ماتشالا ؟

سائق
سائق الباص ( شبيه ماتشالا ): السعوديون سياح محترمون ، لكن تصرفات الإرهابيين أساءت لهم

جانب
جانب من شوارع المدينة الهادئة

أمضينا بقية اليوم في التجول ( مشياً ) داخل المدينة حتى اضطررنا للعودة للفندق بعد هطول امطار غزيرة أشد من اليوم الذي قبله ، اضطررنا هذه المرة لشراء مظلة صغيرة حتى لا يتكرر مسلسل ( السباحة في مياه المطر ) كما حصل لنا في اليوم السابق .
خطوتنا التالية كانت مدينة ( زلمسي ) لكننا لم نقم بحجز تذاكر قطار أو حتى فندقاً بالرغم أننا عزمنا على الانتقال في اليوم التالي ، عند دخولنا للانترنت كانت خيارات الفنادق محدود كون أن زلمسي قرية أكثر من كونها مدينة ، وقع اختيارنا على فندق رائع لا يقل عن فندق سالسبيرغ ، التفاصيل بكل تأكيد في الجزء الثالث من الرحلة فترقبوها قريباً ،،

صورة
صورة التقطها هاني ووضعها كخلفية لجهازه ربما إلى يومنا هذا

– أقدر لجميع الأخوة الكرام الذين تواصلوا من خلال البريد الالكتروني على تواصلهم المميز وكم أنا سعيد برؤية هذا الكم الكبير من الرسائل التي ان دلت على شيئ فهي تدل على شهرة قروب أبو نواف وانتشاره الكبير ليؤكد بالفعل بأنه أكبر مجموعة بريدية عربية على شبكة الانترنت وأوسعها انتشاراً ، بالنسبة للاستفسارات المتنوعة والمتكررة حول أجزاء الرحلة فسأخصص لها موضوع مستقل ( كحال موضوع ماليزيا ) على شكل اسئلة وأجوبة ربما تتضح فيه الكثير من التساؤلات التي وصلتني ، كل الشكر للأخوة الذين تكفلوا بنقل الرحلة إلى منتديات ومواقع متنوعة .. أشكر لهم جهودهم .

تحياتي
أحمد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى