رسائل المجموعة

بوابة التاريخ – 2

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


بوابة التاريخ (الجزء الثاني)

يا إلهي .. ما الذي يحدث لي هذا اليوم .؟!.. هنا تذكّرت الشيخ الذي قابلته منذ دقائق ، فاندفعت عائدًا إلى حيث كنت وإياه، لكنه لم يكن هناك، اختفى كما اختفى الجميع.!.. فكّرت أن أبحث عنه فلا يمكن له أن يبتعد وقد كان متعبًا…
-" يا عم .. أين أنت يا عم.؟!".
صحت بها وأنا أسير متوغلاً في واحدة من أكبر حدائق المدينة، ولما لَمْ أجد ردًّا.. ارتميت على أول مقعد صادفني ورأسي يزن حيرة..
-" أتبحث عني ..؟!".
رفعت رأسي ونبرته الهادئة تبعث في نفسي ارتياحًا لا يوصف، فنهضت من فوري أتشبث بيده قائلاً:-
-" أجل يا عم .. أين كنت ..؟!".
تجاوزني ببضع خطوات ليجلس ذات الجلسة التي جلسها سابقًا، حتى خُيّل إلي أني أقف في ذات المكان الذي كنت فيه سابقًا، وقال:-
-" ما الذي تريده من هذا العجوز المخبول ..؟!".
حملت عبارته عتابًا واضحًا لي، فجلست إلى جواره وقلت:-
-" ومن قال بأنك عجوز مخبول يا عم..؟!.".
حدجني بنظرة صارمة أطرقت لها مجبرًا، وقال:-
-" دعنا من هذا الآن .. وأخبرني كيف هم قومك يا فتى..؟!".
يبدو أن مُصِرٌّ على السؤال عن ((قومي.!!))، فهززت كتفي قائلاً:-
-" بأفضل حال يا عم ..!!".
مطّ شفتيه بامتعاض وقد هز رأسه في أسف قائلاً:-
-" وتعدّ نفسك من هذه الأمة ..!".
وانتصب واقفًا فجأة مستطردًا:-
-" هيا انهض بسرعة .. لنلحق بها قبل أن تغلق .".
وقفت إلى جانبه متسائلاً:-
-" ما هي ..؟!.".
سار أمامي بخطوات واسعة سريعة مردّدًا:-
-" أسرع وكفى ..".
لم أجد بدًّا من اللحاق به، وحاولت أن أجاري خطواته السريعة فلم أقدر، فاستغربت هذه الحيوية التي دبّت في جسده فجأة، وهناك .. حيث من المفترض أن تقابلنا بوابة الحديقة الضخمة، كانت هي.. بوابة أشد ضخامة وأعتق مظهرًا.. وعلى مصراعيها الخشبيين كانت نقوش غريبة، وكان مصراعاها على وشك الالتقاء لتغلق البوابة، فأمسك بيدي وشدني بقوة كادت تخلع لها كتفي، وتجاوزناها فب الوقت المناسب، ليعلو من خلفنا صوت عظيم لدى إغلاقها.. تلفّتُّ حولي بدهشة؛ فها أنا في طريق مقفر يصب في قرية صغيرة..
-" إلى هنا وينتهي دوري ..".
قالها وهمّ بالمغادرة فانقضضت عليه ممسكًا ذراعه، وصحت قائلاً:-
-" إلى أين .. لدي الكثير من الأسئلة .. ثم نحن لم نتعارف بعد .!!".
شابك أصابعه أمامه وقال:-
-" بإمكانك أن تناديني باسمي .. (التاريخ).. وأنت.؟!".
(التاريخ) .. أفي حلم أنا أم ماذا ..
-" أدعى (عمر) .. لكن .. ما هذا الذي يجري الآن.؟!.. كيف وصلنا إلى هنا وقد كنا بمركز المدينة..؟!. وما اسم هذه القرية ..؟!.. فلم يسبق لي أن رأيتها في حياتي..!!".
أشار لي فسرت وإياه نحو القرية أستمع لما يقول:-
-" الذي يجري يا سيد (عمر) أنني التاريخ.. تاريخ أجدادك وأسلافك .. ساءني ما أرى وأسمع عن أحوالكم .. كيف صرتم وأنتم حفدة من كانوا سادة للعالم .. فرأيت من واجبي فعل شيء يغير من هذا الواقع ..".
أطلقت بصري إلى القرية التي باتت على مرمى خطوات قليلة منا، وأنا أردد:-
-" هل تقصد أننا بصدد زيارة أولئك الأجداد ..؟!".
شعر على ما يبدو بعدم اكتراثي للأمر، فمط شفتيه بامتعاظ قائلاً:-
-" كفانا تغني بالأمجاد الضائعة.. فإن كانت ذا أثر عليكم لكان حالكم غير هذا الحال .. فلا تقلق .. لن نبتعد كثيرًا ..".
لم أعي ما يرمي إليه في تلك اللحظة، وعلى مشارف القرية توقف على حين غرة وقال:-
-" وجب أن أغادر الآن ..".
التفت إليه أستوقفه:-
-" انتظر .. مازال لدي سؤال أخير ."
هز رأسه بانتظار السؤال، فتقدمت منه وقلت:-
-" لِمَ اخترتني أنا بالذات ..؟!".
رمقني بنظرات واثقة وثغره يفتر عن ابتسامة هادئة، هقدت حاجباي أستحثه على الإجابة، إلا أنه حافظ على ابسامته الهادئة، حتى عندما حوّل نظره إلى نقطة خلف كتفي، وبعفوية التفت أنظر ما الذي يسترعي انتبباهه، فاكتشفت مدى غبائي إذ لا شيء خلفي سوى القرية، وبالطبع لم أجد له أثرًا عندما التفت إليه ثانية .. خدعة قديمة لكنها انطلت علي بكل سهولة .. فتنهّدت وسرت إلى القرية أنظر فيم تخبّئ لي هذه الزيارة الغريبة .


يتبع …

أختكم/ يراع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى